موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر السبت، ١٢ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٦
أشخين ديمرجيان تكتب: "كنتُ جنينًا فقبلتموني"

القدس - أشخين ديمرجيان :

<p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>تكريم الأم تريزا</strong></span></p><p dir="RTL">في احتفال أقيم في الثامن من سبتمبر هذا العام، افتتحت إحدى الأبرشيات في ولاية أروناتشال براديش، شمال شرق الهند، أول مستشفى يحمل اسم القديسة تريزا من كالكوتا. المستشفى الصغير يحتوي على خمسة وعشرين سريرًا قيد الإنشاء منذ أربع سنوات، وهو &quot;بركة لسكان المنطقة الذين كانوا بحاجة ماسة إلى مستشفى&quot;، على حدّ قول الموظفين الذين حضروا حفل الافتتاح.</p><p dir="RTL">وأوضح أسقف الأبرشية سبب تكريس المستشفى للقديسة تريزا قائلاً: &quot;هذه المؤسسة تريد أن تتذكر أن الأم تريزا والرحمة تسيران جنبًا إلى جنب. نحن فخورون جدًا لأنها زارت أبرشيتنا سنة 1993. كما أن هذه الأبرشية ترغب في الانضمام إلى احتفال تقديسها، وقامت بتكريمها من خلال هذا المستشفى&quot;.</p><p dir="RTL">وبفضل المستشفى، لن يضطر سكان المنطقة، إلى اجتياز أكثر من مئة كلم للوصول إلى ولاية أسام المجاورة لدى احتياجهم إلى الرعاية الطبية. مع أن بعض أقسام المستشفى لم تُنجز بعد، إلا أن المؤسسة تفتح أبوابها لعلاج أمراض السل والملاريا واليرقان الشائعة في تلك الناحية من شمال شرق الهند، والتي ما تزال تشكل حالياً أكثر أسباب وفاة لدى السكان القبليين مع أن هذه الأمراض قابلة للعلاج.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>يوم 22 يناير 1994</strong></span></p><p dir="RTL">كان يوم صلاة في الولايات المتحدة الأميركية، وللمناسبة أقيم إفطار كانت المتحدثة الرئيسية فيه الأم تريزا، وبين الحضور كانت السيدة الأولى آنذاك هيلاري كلينتون. تحدثت الأم تريزا عن الفساد الثقافي الذي يُنتج جرائم إجهاض لأجنة لم تولد بعد. قالت: &quot;أشعر أن أعظم مدمّر للسلام اليوم هو الإجهاض، لأنه حرب على الطفل، وقتل مباشر لطفل بريء من قبل الأمّ نفسها. وإذا قبلنا أن الأمّ يمكن أن تقتل حتى طفلها، فكيف يمكن لنا أن نعظ الناس الآخرين ونُنهيهم عن قتل بعضهم البعض؟!... أي بلد يشرّع الإجهاض لا يعلّم مواطنيه الحب، بل يشجّعهم على استخدام العنف، أيّ عنف، من أجل الحصول على ما يريدون&quot;.</p><p dir="RTL">لم تقف هيلاري ولم تصفّق... ولكن الأمّ تريزا أكملت بشجاعة: &quot;فلنحارب الإجهاض ولندعم التبنّي... أرجوكم لا تقتلوا الطفل؛ فالإجهاض قتل في الرحم. وكلّ طفل هو هدية من الله. إذا كنتم لا تريدونه أعطوني إيّاه. أقسى شيء يدمّر السلام والحب هو الإجهاض. لأنه إنّ كانت الأم تستطيع قتل طفلها، فما هو الحاجز الذي سيمنعني من قتلك أو يمنعك من قتلي؟! إنّه لفقر كبير أن تختاري قتل جنينكِ كي تعيشي أنتِ كما يحلو لك. في منزلنا في كالكوتا وحدها، أنقذنا أكثر من 3000 طفل من الإجهاض. لقد جلب هؤلاء الأطفال الحب والفرح إلى بيوت كانت تفتقر إليهما&quot;.</p><p dir="RTL">لم تكن هيلاري كلينتون توافق الأم تريزا على ما قالته، فكلينتون منذ ذلك الوقت وإلى يومنا هذا من مشجعي &quot;حقوق&quot; الإجهاض وداعميه! من أولئك الذين يلقبون جريمة الإجهاض بألقاب أخرى مثل &quot;تنظيم العائلة&quot; و&quot;حق المرأة في الاختيار&quot;. ولكن هذا لم يمنع الأم تريزا صاحبة الساري الأبيض والقلب ناصع البياض من أن تُكمل كلامها إلى نهايته من أجل التعبير عن الحق والدفاع عنه.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>التزامن</strong></span></p><p dir="RTL">مرّ على هذا الحدث ما يقارب 22 عامًا، واليوم تبرز هاتان السيدتان بالتزامن مرة أخرى. في حين أعلن قداسة الحبر الأعظم قداسة الأم تريزا في سبتمبر، كانت كلينتون مرشحة لمنصب الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت كلينتون ومدير حملتها الانتخابية بودستا قد سعيا جاهدين &ndash;وما يزالان- في تشجيع الإجهاض وتدمير الأسرة، في مؤسسة للبيلياردير سوروس تحت عنوان &quot;الاتحاد للتقدم&quot; وهو في الواقع &quot;تخلّف ينسف القيم&quot; وكأننا رجعنا إلى الإنسان البدائي.</p><p dir="RTL">كانت الأم تريزا في حياتها وبعد وفاتها ملكًا للرحمة ومثالاً يقتدى به، وارتفع اسمها وعطر قداستها في جميع أنحاء العالم. أمّا السيدة هيلاري كلينتون فقد خسرت منصب الرئاسة الذي كانت تحلم به منذ صباها... وكانت تخطّط لإجبار الكنيسة الكاثوليكيّة على قبول قانون الإجهاض وتحديد النسل بطرق تخالف وصيّة الله. مع أنّ الحزب الذي تنتمي إليه يُدعى الحزب الديمقراطي، ولكن شتان ما بينه وبين الديمقراطيّة! وتعهدت هيلاري بالسعي للحصول على تمويل فيدرالي للإجهاض حتى فى مراحل متأخرة من الحمل في حال انتخابها رئيسة للبلاد.</p><p dir="RTL">وقالت في إحدى تصريحاتها: &quot;ينبغي أن تُطبَّق حقوق الإجهاض عمليًا على أرض الواقع &ndash; لا على الورق. وأن يتم تغيير الرموز الثقافية والمعتقدات الدينية&quot;. للأسف لم تستمع هيلاري إلى حكمة الأمّ تريزا، ورفضت تبنّي ثقافة الحياة وهي اليوم ما تزال مصرّة على ثقافة الموت.</p><p dir="RTL"><span style="color:#006699;"><strong>خاتمة</strong></span></p><p dir="RTL">في نهاية حياتنا، لن نحاسب على الشهادات العلمية التي حصلنا عليها، ولا عن الانجازات السياسية أو الدنيوية العظيمة التي حققناها، ولكننا سنحاسب على أعمالنا، هل طبقنا آيات الإنجيل المقدس: &quot;كنتُ جائعًا فاطعمتوني، كنتُ عريانًا فكسوتموني، كنتُ مشرّدًا فآويتموني&quot;؟</p><p dir="RTL">وأنا أضيف &quot;كنتُ جنينًا فقبلتموني&quot;. وقانا الله ووقاكم من ثقافة العصر الحاضر التي تحثّ الإنسان على التمرّد والعصيان على الله واقتراف الذنوب وارتكاب المعاصي من غير ندم. وقد ورد في الإنجيل الطاهر: &quot;الحياة نور الناس&quot;.</p>