موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٠

وأطلّ العيد 2020

ولد المسيح... هللويا

ولد المسيح... هللويا

الاب رفعت بدر :

 

يأتي الميلاد هذا العام في ظروف استثنائية، ذلك أنّه امتداد لعام لم تختبر البشرية له مثيلاً في التاريخ.

 

وبالعودة إلى أصول العيد قبل أكثر من ألفي عام، نجد ظروفًا استثنائية أيضًا. ففي تلك السنة –سنة الميلاد– جرى أمر من أغسطس قيصر في روما لإحصاء جميع أهل المعمورة (التابعة للإمبراطورية الرومانية) فما كان من القديس يوسف خطيب مريم العذراء – إلاّ أن أتى إلى بيت لحم ليكتتب هو وأهل بيته، نظرًا لانحدار عائلته من تلك المنطقة. وما إن ولد المسيح في مغارة صغيرة، حتى استشاط هيرودس الملك غضبًا، وأمر بأن يُقتل أطفال بيت لحم من سنتين فما دون، فكانت أوامره كأنها وباء قاتل جعل البيوت والشوارع ملأى بدماء الاطفال الابرياء الذين جعلت الكنيسة منهم قديسين وشهداء، ولهم عيد سنوي.

 

فما الحل من بطش وباء هيرودس؟ هو الهروب، في رحلة لا تعرف خواتمها، فسارت العائلة المقدسة: يسوع ومريم ويوسف إلى مصر الشقيقة طلبًا للراحة والحفاظ على الحياة. وما زال الأشقاء في مصر يحتفلون بذكرى مرور العائلة في بلدهم. وصار عندهم مسار سياحي ديني اسمه مسار العائلة المقدسة.

 

وبعد ألفين وعشرين عامًا، ما زال الاحتفال بميلاد السيد المسيح قائمًا بالرغم من تبدل الأحوال وأحداث الكون وتنوع ايقاعات الحياة سنويًا. وهذا العام ليس استثناء. فالبطش الذي مارسه هيرودس في ذلك الوقت، يمارسه الفيروس في أوقاتنا الحالية، إذ يريد أن يخنق فرح العيد وأجواء العيد الرائدة في وطننا وفي العالم.

 

جاءت أحداث هذا العام خانقة وعاصفة: فالأعراس أمست بحضور قليل جدًا. والمآتم كذلك أصبحت أكثر كآبة وحزنًا، والأعياد بدءًا من الفصح وعيدي الفطر والأضحى، كانت محكومة بإجراءات الإغلاق والحظر وقوانين السلامة العامة، وتجمعات الناس اليومية صارت بحكم المأمول والأحلام المقتولة، نظرًا لاتساع رقعة الوباء محليًا وعالميًا.

 

بالرغم من ذلك، نقول: العيد هذا العام فرح روحي داخلي، حيث يتم التركيز في الخطابات الروحية داخل الكنائس وعبر وسائل الإعلام والتواصل على أهمية العيد في قلب الانسان وضميره ووجدانه الايماني. انّها مناسبة للعودة الى جوهر العيد ومباهجه الحقيقية، وهي فرح الانسان بتفقد السماء له، ومنحه ما يجوع ويعطش اليه أكثر من كل طعام وشراب: مغفرة الخطايا والسير باستقامة السيرة والسمعة الحسنة والبحث عن رضى الله والوالدين.

 

والعيد أيضًا، بالرغم من حلوله في الحظر العام الأسبوعي ليوم الجمعة هو يوم اجتماع العائلة الواحدة معًا، يصلون معًا، ويعيشون أجواء العيد معًا. ولربّما تكون الفرصة إيجابيّة، بأن يتم التركيز على اجتماع أهل البيت الواحد، يستذكرون أحداث السنة بما حملت من آلام وآمال، وينظرون معًا نحو المستقبل، ليكون العام المقبل بإذن الله عام الشفاء والخلاص والسلامة للجميع.

 

ولد المسيح... هللويا