موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٣ يوليو / تموز ٢٠٢٠

ناعور.. صورة مصغرة عن الأردن

الغروب في بلدة ناعور، جنوب غرب عمّان (تصوير: أبونا)

الغروب في بلدة ناعور، جنوب غرب عمّان (تصوير: أبونا)

الاب رفعت بدر :

 

يُطلب من رجال الدين المسيحي (الكهنة) في بلادنا واجمالاً في كل كنائس العالم أن يتنقلوا لأداء رسالتهم الدينية من منطقة إلى أخرى. ولذلك يُسمى الكاهن أحياناً بالعسكري المستعد دائماً لخدمة وطنه أينما أراد رؤساؤه.

 

شخصيًا تنقلت على مدار الخمس وعشرين سنة كهنوتية من الزرقاء إلى مادبا إلى الكرك كاهنًا في بلدة السماكية ومديرًا لمدرسة البطريركية اللاتينية في منطقة الوسية، ثم في جبل الحسين، وصولاً إلى ناعور التي خدمتها لمدة ست سنوات ويحين الآن وقت الانطلاق إلى رعية قلب يسوع في تلاع العلي.

 

لناعور وقع طيب في نفسي، فالرعية كانت أول الكنائس في جنوب عمان، حيث أسَّستها بطريركية اللاتين منذ عام 1924، وبنيت الكنيسة الحالية في1956، بدعم من عائلة معمارباشي الحلبية، وجاءت راهبات الوردية للعمل والتعليم منذ عام 1954 أي مع تأسيس مدرسة اللاتين في البلدة.

 

وناعور، شأنها شأن الأردن الكبير تحتضن المسيحي إلى جوار المسلم، ويتعاونان معًا لما فيه الخير والنماء، ويعيش المواطن الشركسي متمتعاً بحقوقه وقائمًا بواجباته المعروفة، وفي حفل تخريج المدرسة، هنالك فقرة سنوية للرقص المرافق للزي والموسيقى الشركسية، علامة على احترام هذا المكوّن الرئيسي في المجتمع.

 

قبل ست سنوات، ومع مجيئي إلى ناعور لأكمل عمل أخوتي الكهنة، كان الأخوة المهجرون من العراق قادمين إلى الأردن، فاستضفنا في قاعة الكنيسة عدداً منهم بمساعدة وتنظيم من كاريتاس الأردن، فيما كانت جمعية نشامى ونشميات ناعور توصل مساعدات شبه يومية، فضلاً عن همة أبناء الوطن في كل مكان، وكذلك الهلال الأحمر الإماراتي الذي قدم للأشقاء بيوتاً مستأجرة لهم. وفتحت الكاريتاس مدارس خاصة للطلبة السوريين، بالتعاون مع وزارة التربية وعدد من الجهات الإنسانية المانحة.

 

وتم قبل خمس سنوات انشاء مزار سيدة لورد ليضاف إلى المواقع السياحية الدينية التي يزورها أردنيون وكذلك أصبحت على خارطة الزيارة لعدد من الوفود الصديقة من مختلف أقطار العالم. لا بل انّ مطران لورد الأصلية في فرنسا، قد لبى دعوة ناعور وجاء على رأس وفد إعلامي وصحفي فرنسي.

 

في هذه البلدة الأردنية المتوسعة باستمرار ومن كل الجهات، تجد اللحمة والتعاون مع الجهات الرسمية، من بلدية ومتصرفية وجهات أمنية، وبالأخص في فترة الأعياد، حيث كانت تُضاء شجرة سنوياً في موسم عيد الميلاد في ناعور، أطلق عليها شجرة الوحدة الوطنية، بالتعاون مع جمعية خليل السالم الخيرية، وشكلت عنوانًا لما يملكه الأردنيون من كنز يفوق الوصف، وهو ما يسعون للحفاظ عليه، ولا يسمحون لأحد بأن يمّسه بسوء، أي الوحدة الوطنية الغالية.

 

شكرًا لناعور ولأهلها الطيبين، بيتكم عامر!