موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٧ يوليو / تموز ٢٠٢٣

في اليوبيل الماسي للأب منويل مسلّم

في اليوبيل الماسي للأب منويل مسلّم

في اليوبيل الماسي للأب منويل مسلّم

الاب رفعت بدر :

 

بنبرة صوته المميَّزة، دعاني الأب منويل مسلّم (85 عامًا) للمشاركة باحتفال يوبيله الماسي (60 عامًا) على رسامته ورسالته الكهنوتية. فلبيت النداء تقديرًا للدعوة الكريمة من أخ كبير وكريم، كما دعا معي (أسميّه) العم العزيز الأب منويل بدر، لأنه أراد أن يلتقي في ذلك اليوم بأشخاص من جيله، وبزملائه في الدراسة.

 

توقعت ألاّ يكون الاحتفال عاديًا، تمامًا مثل شخصية الأب منويل غير العادية، فهو إبن (بيرزيت) المولود في عام 1938، وهو كاهن منذ عام 1963 بعد أن تعلّم في المعهد الإكليريكي في بيت جالا الفلسطينية. خدم في عدة رعايا في فلسطين، وأهمّها طبعًا في كنيسة العائلة المقدسة في غزة منذ عام 1995 إلى عام 2009.

 

وعلى طول الستين عامًا الماضية، تكوّنت هذه الشخصية الكاريزمية في حفظ التوازن بين المهمّات الكهنوتية الروحيّة، وما تحملها من قيم سامية من خلال التعليم وترؤس الطقوس الدينية، وزيارة البيوت ومباركتها وعيادة المرضى، وكذلك بالنسبة لهذا الشخص تأليف الترانيم وتلحينها أو تطبيقها على ألحان موجودة، وبالأخص أثناء خدمته في مدينة الزبابدة الفلسطينية القريبة من جنين (منذ عام 1975 الى 1995). ومن جهة أخرى، برزت على الساحة الفلسطينية شخصية الكاهن الوطني المدافع عن شعبه وقضيّته العالمية العادلة.

 

إنّ الصوت العربي المسيحي الفلسطيني الذي شكله الأب منويل قد عبّر عنه البطريرك الكاردينال بيييرباتيتسا في أثناء عظة القداس، حين قال: «إنّ رجل الدين (الكاهن) الذي يحب الله، عليه أن يحب القريب»، ومحبة القريب تعني الشعور معه وتحسّس آلامه الشخصية والمجتمعية، كما حصل مع منويل وقضية فلسطين. فالسكوت يعني الظلم وهو إجحاف بحق الرسالة السماوية التي يحملها رجل الدين، ولكنه لا يحمل سلاحًا ولا يمجّد العنف بل يشجّع على المقاومة السلمية والدفاع عن حقوق الإنسان المسلوبة ومحاولة رفع المعاناة عنه.

 

كان يوم الاحتفال باليوبيل فلسطينيًا تراثيا بامتياز، فقد طلب الكاهن من سيدات بلدة بيرزيت أن يرتدين الثوب الفلسطيني، ليكون ذلك اليوم وطنيًا بامتياز ومعبرًا عن شخصية منويل الكهنوتية والفلسطينية. وقد كرّمه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بتوشيحه بنجمة القدس الذهبية، كما حضر رئيس الوزراء محمد اشتية العشاء التكريمي له، في ساحة الكنيسة، بعدما أقيم القداس في داخل الكنيسة وترأسه غبطة البطريرك المعيّن كاردينالاً، وكذلك البطريرك التسعيني المتقاعد ميشيل صبّاح الذي ما زال يدعى بطريرك الشعب، كما ستدعو الناس الأب منويل بكاه? الشعب. وقد يكون البعض قد اختلف معه في بعض الآراء في السابق، لكنّ الكلّ قد أجمع في خطابات العشاء أنّهم يتفقون معه جميعًا على حب فلسطين.

 

فلسطين ليست امرأة عاقر، وقد أنجبت العديد من الشخصيات الوطنية التي سيذكرها التاريخ، ودعاؤنا إلى الله، أن تبصر هذه الأم المعطاءة فجر الحريّة والعدالة الذي يدعو إليه الأب منويل مسلم، هو الذي اختار شعارًا للاحتفال بيوبيله الماسي، بقوله: «صرت كلا للكل، لأجتذب الكل للوطن».