موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٥ أغسطس / آب ٢٠٢٣

شباب العالم في البرتغال

من نشاطات الوفود العربيّة في الأيام العالميّة للشباب في لشبونة

من نشاطات الوفود العربيّة في الأيام العالميّة للشباب في لشبونة

الأب رفعت بدر :

 

مرة جديدة تثبت الكنيسة الكاثوليكيّة أنّها قادرة على أن تجمع مئات الألوف من شباب العالم في أيامٍ يُطلق عليها منذ عام 1985 «الأيام العالميّة للشباب». فبعد انقطاع دام عدّة سنوات بسبب جائحة الكورونا، عادت العجلة إلى الدوران، والتقى شباب العالم، بمشاركة البابا فرنسيس، الأسبوع المنصرم، في مدينة لشبونة، عاصمة البرتغال.

 

جاء هذا اللقاء في وقت تتلاطم الأمواج في العالم الغربي، بل وفي العالم برمّته، حول العديد من القضايا الحيويّة التي تهمّ فئة الشباب، ومنها: دور الإيمان في المجتمعات المعاصرة، الدفاع عن الحياة البشريّة، التكنولوجيا و"أوهام الافتراضيّة»، التسلّح والحروب، أزمة المناخ والهجرة. وقد استهّل البابا دعواته بالتأكيد على أنّ العالم بحاجة إلى أوروبا «الحقيقة»، القادرة على القراءة بين السطور المتعرّجة، داعيًا إياها إلى استعادة روحها الشابة، والقيام بدورها الأصيل على الساحة الدوليّة "العاصفة".

 

الدعوة الثانيّة هي نداءات البابا المتكرّرة لشباب العالم على ألا يخافوا، بل أنّ يكونوا روّاد الأحلام وليس مدبّري الخوف، وأنّ يشعّوا أمام ظلمات الحياة، وألا يقنطوا أمام الحزن والإحباط والفشل، بل أن يستبدلوا المخاوف بالأحلام، حتّى أمام محدوديتهم إزاء تحقيق أحلامهم الكبيرة، فالكنيسة والعالم بحاجة إلى الشباب مثل الأرض إلى المطر.

 

الدعوة الثالثة تنبع من أنّ اللقاء عكس تأكيدًا على الثوابت الإيمانيّة والقيم الجميلة في هذه الحياة، والتي تريد بعض التيارات أن تخدشها أو تهدمها أو أن تخلق شيئًا موازيًا لها، كالمثلية الجنسيّة التي باتت مثار جدل وتساؤلات ومطالبات تحت غطاء الحريّة. في اللقاء، تقدّم شاب اسباني للزواج من شابة اسبانيّة، وأمام 60 ألف شخص، كتأكيد ما بين السطور بأنّ الزواج هو بين رجل وامرأة، وليس أمرًا آخر.

 

أمّا الدعوة الرابعة للبابا المسنّ الذي عاد شابا بين الشباب، حين دعا الشباب لجعل الإيمان ذا مصداقيّة في خياراتهم اليوميّة، فلا يكفي أن يكون المؤمن مُقتنعًا، بل يجب أن يكون مُقنعًا، وهذا لا يأتي إلا من خلال عكس قيمهم على المجتمع، كالعمل من أجل الخير العام، والمحبّة الملموسة لا الأفلاطونيّة، التي تعمل من خلال "تلطيخ اليدين" للمس بؤس الآخرين. وما أجمل اللقطة التي صوّرت شابا محمولاً على كرسيه المتحرّك من قبل أقرانه الشباب، فلكلّ إنسان الحق بأن يفرح، وبأن يشعر بأنّه محبوب.

 

الدعوة الخامسة كانت من أجل السلام. فخلال هذه الأيام، حجّ البابا فرنسيس إلى مزار مريم سيدة فاطيما، وصلى من أجل نيّة السلام. كما كان ملفتًا جلوس أحد الشباب الفلسطينيين، كرم شليان، إلى جواره على مائدة الغداء، مع شباب من مختلف أقطار العالم. وفي هذا دعوة، بأنّ العالم الذي نحلم به هو ممكن: عالم إخوة وأخوات، يعيشون جنبًا إلى جنب، من دون حقد أو خوف أو انغلاق، وبدون أسلحة تدمر، من بين تدميراتها، جيب الإنسان وقلبه، وكرامته المقدّسة.