موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٠ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٣

أحبب وأنشر ما تشاء

جانب من أعمال المؤتمر (تصوير: جفرا نيوز)

جانب من أعمال المؤتمر (تصوير: جفرا نيوز)

الأب رفعت بدر :

 

"إن الإنترنت ليس عدوّنا»، قالتها الصحفية البلجيكية فلورنس هينت المشاركة في «مؤتمر مستقبل الإعلام والاتصال» الذي عقده لثلاثة أيام مركز حماية وحرية الصحفيين، لمناقشة مستقبل الإعلام والاتصال، تحديات الواقع ورهانات المستقبل. نعم الإنترنت ليس عدوًا لنا، هو أداة قد تكون خيّرة ونبيلة وسليمة، وقد تكون محرّضة على الكراهية والعنف والانتقام.

 

إذن، ليس الإنترنت بحد ذاته خيرًا أو شرًا، ومن يحدّد ذلك هو المستخدِم الذي قد يجعله سلاحًا يقتل أو وردة تهدى بالمناسبات السعيدة. الإنترنت مجمّع فيه كل شيء والاستخدام يبنى على خيارات الإنسان الحرّ ولكن أيضًا الملتزم والمسؤول. فالحريّة باتت مشوهة، وصارت كثير من الجماعات تظنها أن تعمل كل ما تريد وقتما تريد وكيفما تريد. وبالتالي إن طبقناها على الإنترنت، وبالأخص سوشال ميديا، فهي أن تكتب وتنشر ما تريد كيفما تريد، بغض النظر عن تأثيرات هذه «البوستات» على الإنسان المتلقي، فهي قد تكون جارحة ونازفة وضد كرامة الإنسان. فهل هذه حرية؟

 

لذلك فإنّ الحرية عليها أن تسير مع شقيقتها المسؤوليّة، وهي الالتزام الأخلاقي والأدبي والإنساني والثقافي والاجتماعي.

 

قد أصغيت للعديد من المداخلات على مدار أيام المؤتمر، ورأيت أن الجدل ما زال قائمًا، وهو مرشح للاتساع أكثر. فما هي مكانة السوشال ميديا أو مواقع ومنتديات التواصل الاجتماعي؟ وما هو مستقبل وسائل الإعلام التقليدي؟ وكيف نجد صيغة للتفاعل والتعاون بين شباب وأجيال السوشال ميديا؟ وأصحاب القرار والمسؤولين عن المؤسسات الإعلامية الرسمية والكبرى؟ لن نجد إجابات كافية وشافية لهذه التساؤلات لكن الأمر بحاجة إلى مضاعفة وتحسين التربية الإعلاميّة في المدارس، وهي تربية مزدوجة: أولاً تعليم الأجيال الطالعة على استخدام وسائل الإعلام الحديثة بطريقة تقنية وفنية ناجحة ومبهرة، لكن في الجانب الآخر تكون التربية على حسن استخدام وسائل الإعلام، أو أخلاقيات الاستخدام وتطعيم الإنترنت بالـ Ethics أي الأسس والقيم الأخلاقية السامية.

 

نعم سيكمل الإنترنت تطوّره وهو ليس صديقًا أو عدوًا بحد ذاته، فهذا نحن نقرّره. ولا أحد يستطيع أن يعرف إلى أين سيصل بعد عشر سنوات على الأقل، لكن علينا التسلح بأخلاقيات استخدامه. قال القديس أغسطينوس ابن الجزائر (بين القرنين الرابع والخامس) أحبب وافعل ما تشاء، اليوم نقول: أحبب - ونقِّ قلبك من الكراهية- وانشر ما تشاء.