موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢١ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢١
21 تشرين الأول: القديس هيلاريون الناسك، رئيس الدير
دير القديس هيلاريون في غزة

دير القديس هيلاريون في غزة

إعـداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

ولد هيلاريون في قرية طابورة، قرب غزة، في فلسطين، نحو عام 291. كان أبواه وثنيين، فأرسلاه إلى مدينة الإسكندرية لكي يتعلم العلوم، فبرع وأجاد. هناك عرف المسيحية، فآمن بيسوع المسيح ونال سر العماد، وتقدّم تقدمًا عجيبًا فى الإيمان والمحبة. كان مواظب على الكنيسة ويجالس رجال الإكليروس، وكان مثابرًا على الصوم والصلاة، محتقرًا كل شهوة الملذات والمال.

 

سمع بخبر القديس أنطونيوس الكبير الناسك فقصده ومكث عنده زمانًا ولبس اسكيم الرهبنة وتتلمذ له، وتعلم منه نوع التصرف والقيام بالصلاة واستعمال التواضع والمواظبة على العمل والتقشف. ثم عاد هيلاريون إلى بلاده وبرفقته بعض النساك مرادهم أن يسيروا السيرة النسكية في بلاد الشام كما في مصر. ولدى وصول هيلاريون إلى بلدته سمع بموت أبيه. وزع قسمًا من أمواله على إخوته والقسم الآخر منحه للفقراء. وسلك طريق النسك والعزلة في برية مايوما بالقرب من ميناء غزة، وهو بعد في الخامسة عشرة من عمره.

 

كان يلبس على جلده مسحًا وقميصًا من جلد كان قد وهبهما له القديس أنطونيوس. وكان فراشه حصيرًا من البردى وقلايته صغيرة تشبه القبر لا تكفي لتحوى جسمه كله إلا بالصعوبة. وكان قوت يومه من خبز الشعير، وقليلاً من الحبوب مطبوخًا.

 

فاحتد الشيطان عليه غضبًا إذ رآه قد غلبه بسيرة التقشف، فأثار عليه التجارب الصعبة، وكان يضربه على صدره. فلم يفشل هيلاريون من ذلك، بل صار يبالغ في قمع جسده وقهر الشيطان ويخاطب جسده قائلاً له: "انني سأجعلك ضعيفاً منحولاً بنوع انك لن تقدر أن تلبث مستقيمًا. وإنني سأحرمك القوت بحيث اني لا أجود عليك إلا بالقليل من التبن لتعلفه، ولاميتنّك بالجوع والعطش واثقلنك بالاتعاب ولا قهرنك بالحر والبرد".

 

كان يدوم على قراءة الكتب المقدسة والتأمل فيها. وكان ذا عفة وتواضع. ذاع صيته في أرجاء سوريا وفلسطين. فصار الناس يتوافدون إليه ليشفوا من أمراضهم وينالوا منه حاجاتهم. واعتنق المسيحية  كثير من الوثنيين الذين رأوا معجزاته وسيرة حياته. وبنى أديرة عديدة بالرغم من ظروف العيش الصعبة التي فرضها على نفسه، وجازى الله هيلاريون بكرامة صنع الآيات والمعجزات.

 

يحكى أن يومًا دخل عليه اللصوص، وهو راكع يصلي في مغارته فقالوا له: "ألا تخاف اللصوص؟". فأجاب: "من لا يملك شيئًا لا يخاف أحدًا". فقالوا: "ألا تخشى الموت؟". فقال: "كيف أخشاه وأنا استعد له في كل ساعة، ومن كان قلبه زاهدًا في كل ما في الدنيا لا يصعب عليه أن يموت". فأثر فيهم كلامه وعزموا على تغيير سيرتهم. ولما بلغ الثمانين من العمر، رقد بالرب في مدينة بافوس في جزيرة قبرص يوم 21 أيلول عام 371. أعاد جثمانه إلى مايوما تلميذه أوسابيوس. فلتكن صلاته معنا.