موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٤ فبراير / شباط ٢٠٢٣
ندوة للمركز الكاثوليكي حول دور وسائل الإعلام في خدمة الأخوّة والوئام

أبونا :

 

أقام المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، بالتعاون مع كاريتاس الأردن، صباح اليوم السبت، ندوة احتفاليّة أحيا خلالها اليوم الدولي للأخوّة الإنسانيّة الذي يحتفل به في الرابع من شباط، وأسبوع الوئام بين الأديان الذي يحتفل به في الأسبوع الأوّل من شباط، بعنوان: "دور وسائل الإعلام في خدمة الأخوّة الإنسانيّة"، وذلك في قاعة كرم امسيح، قرب كنيسة قلب يسوع في تلاع العلي.

 

وشارك بالندوة النائب البطريركي للاتين في الاردن المطران جمال دعيبس، والقائم بأعمال السفارة البابويّة المونسنيور ماورو لالي، ومدير كاريتاس الأردن السيد وائل سليمان، والقائم بأعمال السفارة الإماراتية بالإنابة السيد هاني بن هويدن، والوزير المفوّض في سفارة مملكة البحرين السيد حسين محمد آل محمود، وعدد من رجال الدين المسيحي والاسلامي، ومثقفون وإعلاميون.

 

وفي الجلسة الافتتاحيّة التي أدارتها الإعلاميّة داما الكردي، وبعد السلام الملكي، وقراءة آيات من الإنجيل المقدّس من قبل الأب إياد بدر، وآيات من القرآن الكريم من فضيلة الشيخ عبدالله جابر، ألقى المدير العام للمركز الكاثوليكي الأب الدكتور رفعت بدر كلمة أشار فيها إلى أنّ الندوة تأتي إحياءً بمرور أربع سنوات على توقيع وثيقة الأخوّة الإنسانيّة في 4 شباط 2019 بين قداسة البابا فرنسيس وشيخ الأزهر فضيلة الإمام أحمد الطيب، كما تأتي بمناسبة مرور 13 عامًا على إطلاق أسبوع الوئام بين الأديان الذي تقدّم به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم إلى الأمم المتحدّة عام 2010.

 

وشدّد الأب بدر على أنّ دور الإعلام الهام في نهضة الوئام والأخوّة الإنسانيّة، ذلك أنّه أصبح اليوم متاحًا في يد الجميع، وأحيانًا كثيرة يكون، مع كلّ أسف، هادمًا للأخوّة والكرامة الإنسانيّة وللوئام بين البشر. لكنه أيضًا، يستطيع أن يكون خادمًا للحقيقة والجمال والطيبة والأخلاق، وبالتالي أن يكون خادمًا لبنيان الوئام والأخوّة بين البشر ضمن احترام معتقداتهم ورموزهم الدينيّة وتقاليدهم وعاداتهم وشعائرهم، مؤكدًا على دور الدين في أن يكون عامل محبّة وسلام، وليس فرقة وخصام.

وألقى المطران جمال دعيبس كلمة أشار فيها إلى أنّ وسائل الإعلام الرقميّة قد جعلتنا أكثر قربًا، لكنها لم تجعلنا أكثر أخوّة. كما أنّها أصبحت ساحات لبث التعصّب والكراهيّة، وزيادة العزلة والتقوقع، وعزّزت الانفصام فما لا نستطيع قوله وجهًا لوجه أصبحنا نقوله عبر الشاشة. وهكذا تساهم وسائل الإعلام في عولمة اللامبالاة أمام القضايا التي تمسّ حياة الإنسان.

 

وشدّد على أهميّة وسائل الإعلام لتحويل هذه العولمة إلى عولمة للتضامن بين البشر، فما يصيب إنسان ولو كان بعيدًا، أو من ديانة أخرى، سيؤثر علينا بالضرورة مهما كان البعد، ولنا في انتشار فيروس الكورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا مثال على ذلك، مؤكدًا على أهميّة الخروج من الدوائر الضيقة للقاء الآخر مهما كان عرقه أو لونه أو دينه، فالله خلقنا شعوبًا وقبائل لنعيش في أسرة بشريّة، وبيت واحد اسمه كوكب الأرض.

وفي كلمة معالي الشيخ خليفة بن محمد بن خالد آل نهيان سفير دولة الامارات العربية  في عمّان، القاها السيد هاني بن هويدن القائم بالأعمال بالإنابة، تحدث فيها معاليه عن جهود الدولة وقيمها الثابتة من أجل نشر ثقافة التسامح والتعايش والإخوة الإنسانية ونبذ العنف والتطرف والكراهية وتحقيق السلام بين الشعوب.

 

وشدّد على أنّ دولة الإمارات تؤكد على قيمها الثابتة في مواصلة العمل من أجل تحقيق السلام، ونشر ثقافة التسامح والإعتدال والتعايش بين الشعوب ونبذ العنف والتطرف والكراهية، وتغليب لغة الحوار والعقل والدبلوماسيّة وبناء جسور التواصل والتفاهم"، مشيرًا إلى أنّ دولة الإمارات "أعلنت في مثل هذا اليوم، الرابع من شباط من كل عام، موعدًا لمنح جائزة زايد للأخوة الإنسانية في أبوظبي، وذلك احتفاءً بجهود وإسهامات الأفراد والكيانات والمؤسّسات، التي تهدف إلى تقدم البشرية وإثراء التعايش السلمي في المجتمعات".

أما سماحة الشيخ د. حمدي مراد فأشار في كلمته إلى أن جلالة الملك عبدالله الثاني استشرف ما يحيط العالم من أزمات وفي مقدمتها الفرقة الإنسانيّة التي تتنازع فيها المعتقدات والأفكار، ليطلق رسالة عمّان عام 2004، وكلمة سواء عام 2007، ثم أسبوع الوئام بين الأديان عام 2010، وجميعها مبادرات تمد يد المحبّة لكل أصحاب المعتقدات، وتشكّل مسارًا إنسانيًّا واحدًا عند منهج الخالق عزّ وجلّ الذي أراد للبشريّة سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، بعيدًا عن التنازع والتعصّب وإقصاء الآخر والحروب والنزاعات.

 

وتم عرض فيلمين وثائقيين، الأول عن المركز الكاثوليكي، حول تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين  وجلالة الملكة رانيا العبدالله، لجائزة زايد للأخوّة الانسانيّة العام الماضي، والثاني لجمعيّة الكاريتاس الأردنيّة.

وتضمنت الندوة جلسة فكريّة ثانيّة بعنوان "الإعلام في خدمة الوئام والأخوّة"، أدارتها الإعلاميّة انتصار كريشان، من قناة المملكة، وتحدّث بها كلّ من أستاذ الأديان في جامعة آل البيت د. عامر الحافي حول "دور الدين في دعم الإعلام بالقيم الإنسانيّة"، حيث أكدّ أنّ الحديث عن الوئام هو الحديث عن حقيقة الدين، ولا تعني أبدًا إلغاء خصوصيّة كلّ دين، مشيرًا إلى أنّ الخطاب الديني الذي يؤّلف بين القلوب هي مهمّة صعبة، وأنّ الأخوة الطبيعيّة والفطريّة لا تكون بين أبناء الدين الواحد، بل بين الناس جميعًا، مبيّنًا أنّ هنالك ثلاث مشتركات كبرى بين الأديان هي الإيمان بالله، والإيمان باليوم الآخر، والإيمان بالعمل الصالح.

 

أما معالي د. صبري ربيحات فألقى مداخلة حول "دور الإعلام في إظهار القيم الدينيّة في جوٍ من الاحترام المتبادل" أشار فيها على أهمية الثقافة العامة التي يعيش فيها المواطنين في البلد الواحد، مشدّدًا على حالة الوئام يتطلب وجود ثقافة تعزّز القبول والتنوّع، وليس جعل الآخرين على نمط واحد. ولفت إلى أهميّة دور الإعلام في أن يكون وسيلة لإعادة تنظيم المجتمع بإطار عام يحترم التنوّع ويقرّ به، ويُهيء المناخ بأن يتعامل الناس جميعًا على أنهم أعضاء في الإنسانيّة، وأن يدركوا بأنّ المشتركات فينا بينهم هي أكبر بكثير من الاختلافات.

من جانبها قالت الكاتبة والروائيّة أمل الحارثي في مداخلتها حول "السوشال ميديا في خدمة الوئام وليس الخصام"، أن الشعبويّة هي المشكلة في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، فالكلّ يريد الانتشار الواسع حتى وإن لم يقدّم شيئًا مفيدًا، وأنّ المأساة أنّ وسائل الإعلام أصبحت تتبّع أسلوب السوشال ميديا من دون الاهتمام بالرسالة الإعلاميّة الحقّة.

 

ودار نقاش بين الحضور والمحاضرين حول أهميّة التعلم في المدارس على قيم الإخاء والمودة، وعلى أهميّة تعزيز الحضور الإعلامي الإيجابي، وبالأخص عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليس لصالح التفرقة والكراهية والخصام، بل في خدمة المحبة والوئام.