موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٦ يوليو / تموز ٢٠٢٢
قداس في اليوبيل الكهنوتي الفضي للأب الراحل فراس حجازين الفرنسيسكاني

أبونا :

 

ترأس المطران سليم الصائغ، صباح الجمعة 15 تموز 2022، القداس الإلهي في كنيسة القديس يوسف في بلدة أدر، بمحافظة الكرك، بمناسبة مرور 25 عامًا على الرسامة الكهنوتيّة للأب الراحل فراس حجازين الفرنسيسكاني، بمشاركة لفيف من الكهنة وأسرة الكاهن الراحل وأبناء الرعيّة.

 

وقال المطران سليم في عظته: "اجتمعنا اليوم لكي نصلي من أجل عزيزنا المرحوم الأب فراس، ابن هذه البلدة، ولكي نحتفل بيوبيله الكهنوتي الفضي في الرهبنة الفرنسيسكانيّة، إذ ارتسم كاهنًا في 17 تموز 1997. فهو من جهته يحتفل باليوبيل في السماء، ونحن نحتفل به على الأرض، معلنين إيماننا بأن محبي يسوع الذين يفارقون هذه الحياة يقيمون في جواره ويعانونه وجهًا لوجه، ويتمتعون بما لم تره عين، ولا سمعت به إذن، ولا خطر على بال بشر، كما يقول بولس الرسول. فالأب فراس مجّد الله بمرضه الطويل، ومجّده بموته. سرّ حياته الكهنوتيّة والرهبانيّة هو سر حبّه للمسيح، واتحاده بالمسيح على الطهر والفقر والطاعة والتواضع".

 

وأوضح بأنّ الأب فراس حجازين قد "أحبّ بلدته حبًا جمًّا، وقد كان واعيًا على أنّ الله الذي اختاره منها كاهنًا إنما يعود هذا الاختيار بالفخر والاعتزاز ليس فقط على عائته وعشيرته ورهبنته الفرنسيسكانيّة، ولكن أيضًا على بلدته الغالية على قلبه. ولكي يعبّر عن حبّه الكهنوتي لبلدته، اختار شعارًا لرسامته الكهنوتيّة كلمة المزمور 90: ’رفعت من بين الشعب مختارًا‘، أي اخترتني يا رب أنا غير المستحق، انا ابن شعب هذه البلدة الصغيرة، ورفعتني إلى نعمة الكهنوت، فلك مني الشكر".
 

أضاف: "الموت لا يخيف محبي المسيح لأنهم يؤمنون بأنّه يفتح لهم أبواب الحياة الأبديّة. كلّ منا يدرك بحكم الطبيعة أنّ هذه الحياة ليست مقرًا دائمًا للإنسان. وكلّ منا يدرك إيمانه أنّ الموت ليس نهاية المطاف في وجود الإنسان. ويأتي عيد تدشين كنيسة القيامة سنة 1149 بعدما هدمها الفاطميون، لنعبّر عن إيماننا بأنّ موت المسيح وقيامته هما ركن الدين المسيحي، وهما سر فداء شامل يحرّر البشر من عبوديّة الخطيئة. موت المسيح على الصليب وقيامته المجيدة يعطيان حياتنا معناها الحقيقي. وقد عبّر السيد المسيح عن هذه الحقيقة الإيمانيّة بقوله: ’إنّ حبّة الحنطة إن لم تقع على الأرض وتمت بقيت وحدها، ولكنها إذا ماتت أتت بثمار كثيرة".

 

وخلص المطران الصائغ إلى القول: "صلاتنا اليوم من أجل عزيزنا الغالي أبونا فراس، صلاة خاشعة مليئة بالسلام والحب والرجاء والإيمان. نصلي كذلك من أجل أهله وعشيرته وبلدته، ونلتمس لأبنائهم وبناتهم الذين يدعوهم الرّب إلى الكهنوت وحياة التكريس أن يفتحوا قلوبهم لنعمة الرّب فيقبلوها بفرح وسلام، ويثبتوا عليها لمجد الله، لسعادتهم، ولخلاصهم الأبدي وخلاص نفوس كثيرة".

وفيما يلي كلمة الأب لويزا حجازين، شقيقة الأب فراس، قبل ختام القداس:

 

"لأننا إن عشنا فللرب نعيش، وإن متنا فللرب نموت، فإن عشنا وإن متنا فللرب نحن" (رو 8:14)

 

أخوتي وأخواتي في المسيح،

 

ها نحن نجتمع اليوم حول هيكل الرب لنحتفل بذكرى اليوبيل الفضي للراهب والكاهن الفرنسيسكاني الأب فراس حجازين. من على هذا الهيكل وهيكل القدس وبيت لحم وأينما خدم رفع الذبيحة الالهيه لمدة 23 عامًا، ولا ننسى أسبوع الآلام الذي عاشه من رسالته الأرضية بيننا، والذي أقام فيه الاحتفال في بيته العائلي وفي قريته الحبيبه إدر. واليوم وأنا على يقين بعد أن مرّ عامين على رحيلك من هذا العالم، أقول أن الكنيسة في الأراضي المقدسة خاصة، وفي الأردن وسوريا، وأينما كنت تذهب فقدت رجل الله، فقدت من كان يحمل الفرح والسعادة.

 

لقد رحلت ولم نراك لقد رحلت بدون وداع، رحلت في ذروة عطائك. رحلت عنّا أيها الأب والأخ والرفيق الروحي للجميع. رحلت على حين غرّة ودون مقدمات. كم هو صعب أن نتحدث عنك بصيغة الماضي وأنت ما زلت حاضرًا معنا، في أفكارنا ووجداننا وقلوبنا. ما زالت نبرات صوتك اللطيفة الودودة المرحة تتهادى إلى مسامعنا، وما زالت نظراتك التي تشعّ نشاطًا وإصرارًا وحيوية وطاقاتٍ خلاّقة منقوشة في ذاكرتنا. كنت وستبقى أبًا وأخًا روحيًا لكل من عرفك ولمس فيك إنسانًا بسيطًا متواضعًا خلوقًا مرحًا كريمًا محبًا، ناشرًا فرح إنجيل ربنا يسوع المسيح حتى من خلال صمتك ونظراتك وابتسامتك الطفوليّة التي تخترق القلب وتشعره بالطمأنينة.

 

روحك الطيبة المعطاءة كانت تفيض قداسة ورحمة حيثما حللت ومع كل خدمة قدمتها لكل انسان بغض النظر لدينه وقوميته. نطلب من الرب القائم من بين الأموات أن يرحمك ويقبلك في ملكوته السماوي مع الابرار والقديسين. لقد كنت الكاهن والراهب الفرنسيسكانيّ الصادق والأمين والمخلص الذي خدم طيلة هذه السنين حيث وجد في الرعايا مع الشبيبة بكل إخلاص وتفان وعطاء غير محدود.

 

واليوم ونحن نحتفل بذكرى رسامتك الكهنوتية مخاطبة جبل نبيو: جبل نيبو حيث وقف النبي موسى على قمتك ينظر إلى أرض الميعاد، وأصبح اليوم محجًا لكل المؤمنين من أنحاء العالم. واليوم احتضنك أنت بعد مسيرة حياة رسوليّة والتي حملت فيها الصليب وفرح الإنجيل معًا لتصل لقمة الجبل مع المسيح وحده. نعم ستكمل مسيرتك الكهنوتية لأن دعوة الكهنوت التي لا تنتهي بالموت وإنما تبدأ من جديد في السماء. فشكرًا لك جبل نيبو لأنك احتضنت جسد الأب فراس.

 

أخوي فراس ستبقى قريب منّا كما كنت، أحببتنا وأحببناك، لروحك السلام أيها الأب والأخ الغالي.