موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ١٦ أغسطس / آب ٢٠٢٢
غضب وحزن في مصر غداة حريق كنيسة امبابة واتهامات بالتأخر في الاستجابة
والبابا تواضروس يدعو إلى عدم الالتفات إلى مثل هذه الشائعات المغرضة

أبونا ووكالات :

 

حالة من الغضب يعيشها المصريون بعد ورود شهادات تفيد بتأخر رجال الإسعاف والإطفاء أكثر من ساعة قبل الوصول إلى كنيسة كنيسة الشهيد أبي سيفين، بحي إمبابا، في الجيزة غرب العاصمة المصريّة، والتي شهدت حريقًا كبيرًا الأحد أودى بحياة 41 شخصًا.

 

وانتشرت الآراء الغاضبة الاثنين على منصات التواصل الاجتماعي واتهم مستخدم على موقع تويتر السلطات بالتأخر في الاستجابة على استغاثات الضحايا وكتب "ليس مجرد إهمال، إنه تواطؤ". وقال أحدهم: "أنا من المنطقة (مطار امبابة) والإسعاف على بعد ثلاث دقائق.. ولكن استغرق الأمر ساعة ونصف الساعة.. هل يترك بيت الله ليشتعل هكذا؟!".

 

آثار الحريق في الكنيسة

نفي من قبل الأهالي

 

وكان المتحدث باسم وزارة الصحة المصرية حسام عبد الغفار أكد الأحد في بيان "أول سيارة إسعاف من أقرب تمركز بمنطقة مطار إمبابة وصلت لموقع الحادث في تمام الساعة الـ8:59 دقيقة"، أي بعد دقيقتين من الإبلاغ عن اندلاع الحريق، وهو ما نفاه الأهالي.

 

وقال مينا المصري، وهو من سكان الحي لوكالة الأنباء الفرنسيّة، "وصلت سيّارات الإسعاف بعد أكثر من ساعة ونقلنا الضحايا إليها على بعد 150 مترًا تقريبًا من الكنيسة، كما وصلت سيّارات الإطفاء بعد أقلّ من ساعة تقريبًا رغم أنّ مقرّها يبعد 5 دقائق". وأضاف: "كلّ الوفيات حدثت نتيجة الاختناق... إهمال أدّى إلى ذلك"، متسائلاً وهو غير مصدق: "كيف مات كلّ هؤلاء؟".

 

وأكد بيان صادر عن مكتب النائب العام المصري حمادة الصاوي أن الحادث أسفر عن "وفاة 41 شخصًا"، وإصابة 16 آخرين، مشيرا إلى انتهاء النيابة العامة "من مناظرة كافة الجثامين ولم تلحظْ فيها إصاباتٍ ظاهرةً دالة على أمور أخرى خلاف الاختناق".

 

وكان أهالي المنطقة حاولوا اغاثة الأطفال الذين تواجدوا داخل مبنى كنيسة الشهيد ابن سيفين. وقال رضا أحمد، أحد سكّان المبنى المجاور للكنيسة، إنّه بمجرد نشوب الحريق، "هرع الأهالي لمساعدة وإنقاذ الأطفال". وأضاف الرجل السبعيني أنّ بعض الذين كانوا يساعدون في عمليّة الإنقاذ لم يتمكّنوا من العودة إلى الكنيسة مرّة ثانية بسبب تمدّد الحريق قبل أن تتم السيطرة عليه.

رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يزور كنيسة أبو سيفين بعد اندلاع الحريق، 14 آب 2022

كنيسة تخدم كثافة سكانيّة عاليّة

 

من جهته، أشاد البابا تواضروس الثاني، بطريرك الكنيسة القبطيّة الأرثوذكسيّة، "باهتمام كافة أجهزة الدولة بالحادث بدءًا من الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي بادر بإجراء اتصال هاتفي للتعزية فور وقوع الحادث، وكذلك العديد من كبار المسؤولين في الدولة".

 

وعمّا أشيع بأنه حدث تأخر من قوات الحماية المدنيّة، نوّه إلى "أنّ المكان صغير (مساحته 120 متر مربع)، والكثافة القبطيّة في المنطقة كبيرة، وهي نقطة جوهريّة في الموضوع، وأنّ الشوارع ضيقة ومزدحمة"، مشدّدًا أنّ "الجميع قاموا بواجبهم على أكمل وجه"، وقدّم من جهته الشكر "لكل جيران الكنيسة الذين ساهموا مع كافة الأجهزة المعنية في التعامل مع الموقف".

 

وشرح ظروف الكنائس ذات المساحات الصغيرة، مشيرًا إلى أنّه "في فترة ما، منذ أكثر من عشر سنوات، كانت عمليّة إنشاء كنيسة عملية مرهقة جدًّا، وكانت هناك جهات عديدة تقف ضد هذا الأمر، وهو ما أدى إلى بناء كنائس صغيرة لا تفي باحتياجات المسيحيين. ولكن في عام 2016، صدر قانون بناء الكنائس، مما جعل أمور بناء الكنائس يسير في مساره الصحيح"، مطالبًا في هذا السياق "الأجهزة المسؤولة بانتقال الكنيسة إلى مكان أوسع، في ظل الكثافة العالية للمسيحيين في المنطقة، أو توسيع المكان الحالي".

تحيط بالكنيسة شوارع مزدحمة وضيقة

شائعات ومعلومات مغلوطة

 

وعمّا يطلقه البعض من شائعات ومعلومات مغلوطة، أشار إلى أنّ مثل هذه الأمور التي يثيرها البعض على صفحات السوشيال ميديا وبعض القنوات دون دراية أو إلمام بحقائق الوضع، وهي أمور لا تليق بحرمة الموت، مشددًّا على أن المفترض أننا كبشر علينا واجب تضميد الجراح بالكلمات والأفعال الطيبة، وليس العكس.

 

وأشار إلى أنّ "هناك من يثيرون أمورًا شريرة فيها إشاعات وضلالات وأكاذيب تحمل شكل من أشكال الشماتة وتوجيه التقصير والاتهام للناس، وهي نحن ككنيسة لا نقبلها على الإطلاق". وأكد أنّ هذا الأمر "يحدث أزمة ثقة مع كلّ أسف". وأوضح أنّ "هناك حادثة وقعت، وهو أمر وارد حدوثه في أي مكان، وكلّ الأجهزة تكاتفت من أجل إزالة آثار الحادث ومساعدة الناس وحمايتهم". وفي هذا السياق، وجه قداسته نداءً إلى الجميع "بعدم الالتفات إلى مثل هذه الشائعات المغرضة".

 

وعن عملية إعادة إعمار الكنيسة، قال البابا تواضروس: "بعد ساعات قليلة من وقوع الحادث اتصل بي رئيس الهيئة الهندسيّة للقوات المسلحة بتكليف من الرئيس السيسي، وأخبرني بأنهم سيتوجهون إلى الكنيسة للبدء في إعادة ترميمها، وهي مشاعر طيبة للغاية وسرعة استجابة نشكر السيد الرئيس والهيئة الهندسية عليها، وطلبت الانتظار عقب انتهاء الجنازة، وبدأوا العمل ومازالوا مستمرين في عملهم".