موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٢٩ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣
الكاردينال بارولين: المصالحة في قلب زيارة البابا الرسولية إلى الكونغو وجنوب السودان

فاتيكان نيوز :

 

قبل ثلاثة أيام على زيارة البابا فرنسيس الرسولية الأربعين خارج الأراضي الإيطالية والتي ستقوده إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان من 31 كانون الثاني وحتّى 5 شباط، أجرى موقع فاتيكان نيوز الإلكتروني مقابلة مع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي سلط الضوء على أهمية هذه الزيارة معتبرا أنها قد تشكل نقطة تحولية في خضم الأوضاع المأساوية التي يشهدها البلدان.

 

استهل نيافته حديثه لافتا إلى أن البابا يرغب خلال هذه الزيارة – كما في كل مرة يزور فيها بلدا ما – أن يعبر عن قربه من الناس، وأن يلتقي بالكنيسة المحلية. وقال إنها زيارة طال انتظارها خصوصا وأن البابا اضطر لإرجائها العام الماضي بسبب الألم في ركبته مضيفا أن الزيارة تكتسب أهمية نظرا للأوضاع الصعبة الراهنة في البلدين بسبب الصراع المسلح، وبالتالي سيأتي البابا كراعٍ وكحاج سلام ومصالحة.

 

وتحدث نيافته عن وجود بعد رعوي لزيارة البابا، الذي يريد أن يعبر عن قربه من الكنائس المحلية ومن تلك الجماعات الحية والناشطة، وهناك أيضا البعد الاجتماعي – السياسي إذ ينتظر سكان البلدين الاستماع إلى كلمات البابا وشهادته على أمل أن تساعد الزيارة على وقف العنف وتساهم في تعزيز عملية السلام والمصالحة.

 

ردا على سؤال بشأن اللقاء المرتقب بين البابا وضحايا العنف في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية قال أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إنه يأمل بأن يساهم هذا اللقاء في تضميد الجراح العميقة، موضحا أن الأوضاع المأساوية مستمرة منذ فترة طويلة ومما لا شك فيه أن لقاء البابا هذا سيمنح هؤلاء الأشخاص العزاء المطلوب، لأن فرنسيس يريد أن يعبر عن قربه ممن عانوا الأمرين، ويرغب في الوقت نفسه أن يوجه لهم كلمة تشجيع كي لا يفقدوا الثقة والأمل، ولا يستسلموا للثأر وكي لا يزيدوا من الانقسامات الموجودة أصلا، وكي يضعوا نصب أعينهم هدف السلام. من هذا المنطلق إن لقاء البابا مع الضحايا يرمي إلى تعزيز قيمتي الشراكة والأخوة.

 

في سياق حديثه عن زيارة البابا إلى جنوب السودان سُئل نيافته عن الدور الذي يمكن أن تلعبه الأديان من أجل تحقيق الاستقرار في البلاد، وقال إن الكنائس المسيحية تضع نفسها في خدمة جميع السكان، خصوصا في المناطق التي لا تصل إليها غالباً خدمات الحكومة أو الوكالات الدولية. لذا فإن هذه الكنائس تحظى بثقة المواطنين ما سمح لها بأن تلعب دوراً هاماً على صعيد الحوار الدولي.

 

وأكد الكاردينال بارولين أنه عندما زار جنوب السودان ذكره رئيس البلاد بما فعله البابا في العام ٢٠١٩ عندما قبل أقدام الزعماء في الفاتيكان، موضحا أن هذا الأمر ترك أثرا كبيراً في نفسه، وكان نبوياً، وقد حمل السلطات المحلية على أن تخطو خطوات إلى الأمام في درب السلام. وأمل نيافته أن تشكل زيارة البابا إلى هذا البلد استمرارية لتلك اللحظة المميزة وأن تحفز المسؤولين على اتخاذ قرارات عملية كي تصل عملية السلام إلى هدفها المنشود.

 

لم تخلُ كلمات المسؤول الفاتيكاني من الحديث عن البعد المسكوني لزيارة البابا إلى جنوب السودان إذ سيرافقه رئيس أساقفة كانتربوري ومنسق كنيسة اسكتلندا، وقال إن حضور القادة الدينيين الثلاثة لهو تعبير عن المسكونية، مسكونية الشهادة، لأن تواجدهم في زيارة مشتركة يشكل مؤشراً للشركة التي تتخطى كل الاختلافات والفروقات. هذا فضلا عن الالتزام المشترك من قبل الجماعات الدينية في جنوب السودان على صعيد الشهادة للإنجيل، وإرساء أسس السلام.

 

بعدها أكد الكاردينال بارولين أن التغيير المنشود في البلدين يتطلب التزاماً من الجميع، لافتا إلى أن كل بلد مدعو إلى تبني سياسات ترتكز فعلا إلى العدالة والسلام. كما يتعين على الجماعة الدولية أن تقف إلى جانب القادة السياسيين في الكونغو وجنوب السودان وأن تدعم البلدين وتساعدهما على تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمؤسساتية. وأشار إلى الدور الذي ينبغي أن تلعبه الكنائس في هذا الإطار، لاسيما على الصعيد الخيري والتربوي والصحي.

 

في ختام حديثه لموقع فاتيكان نيوز الإلكتروني سُئل أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عن أمنيته لشعبي البلدين وللقارة الأفريقية عموما وقال إنه سيُسر جداً بمرافقة البابا فرنسيس في زيارته الرسولية، مذكراً بأنه زار البلدين في شهر تموز يوليو الماضي ليدعو السكان إلى عدم فقدان الشجاعة، وليؤكد لهم أن البابا عازم على المجيء بعد أن اضطر لإرجاء الزيارة.

 

ولفت نيافته إلى أن الناس تقبلوا هذه الرسالة وهم ينتظرون بفرح قدوم البابا واللقاء به، معربا عن أمله بأن تشكل الزيارة الرسولية نقطة تحولية في خضم الأوضاع المأساوية الراهنة وأن تدعم الإرادة الطيبة لدى الجميع، لأن البلدين يحتاجان إلى التزام متجدد من قبل الكل، كي يخرجا من وضعهما الحالي ويشهدا نمو منصفاً ويسيرا نحو مستقبل أفضل.