موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٧ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢١
البطريرك الراعي: جريمة أن يحوّل بعض القضاة القضاء لمربّعات حزبيّة وطائفيّة
ويوكل رسالة القضاء في لبنان إلى شفاعة القاضي الطوباوي روزاريو أنجيلو ليفاتينو

أبونا :

 

أكّد البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي أنّه "مع تعطيل الحكومة يتعطّل عمل القضاء"، معتبرًا أنّ "بعض القضاة يعزّزون الشك بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق في تفجير المرفأ أو تعليقه أو زرع الشك في عمل المحقق العدلي".

 

وخلال ترؤسه قداس اليوم الأحد في كنيسة الصرح البطريركي الماروني، شدّد البطريرك الراعي على أنّ "المؤمن الحقيقيّ، من أيّ دين كان، يرفع عقله وقلبه بالصلاة إلى الله ويستلهم نوره، لكي يحسن التصرّف، وتكون أعماله تمجيدًا لله. لو رفع المسؤولون في العالم والشعوب قلوبهم بالصلاة إلى الله لعملوا جاهدين من أجل تعزيز الأخوّة وإحلال السلام".

 

 

رسالة القضاء في لبنان

 

وأشار إلى أنّه "مع تعطيل الحكومة، يتعطّل من ناحية أخرى نشاط القضاء المنزّه والحياديّ والجريء. وهذا يقلق للغاية. فإنّ بعض القضاة يُعزّزون الشك بالقضاء من خلال مشاركتهم في تعطيل التحقيق في تفجير المرفأ أو تعليقه أو تجميده أو زرع الشكّ في عمل المحقّق العدلي. فقبل أن يطلب القضاء من الشعب أن يثق به، حريٌّ بالقضاة أن يثقوا بعضهم بالبعض الآخر. جريمة أن يحوّل بعض القضاة القضاء مربّعات حزبيّة وطائفيّة ومذهبيّة، لاسيّما في قضيتي المرفأ وعين الرمّانة".

 

وفي هذا السياق، أوكل البطريرك الراعي رسالة القضاء في لبنان إلى شفاعة القاضي الطوباوي روزاريو أنجيلو ليفاتينو (1952-1990) الذي قتلته مافيا صقليا بايطاليا، وهو كان بشجاعة نادرة وبتجرّد، صادر مبالغ كبيرة من الأموال والممتلكات، واعتقل كبار الشخصيات، ثم غفر لقاتليه قبل موته. وقد تمّ تطويبه في 9 أيار 2021، وهو خير شفيع ودليل لكل قاضٍ".

 

وقال: "أمام ما نرى من تجاوزات قانونيّة نتساءل: هل أصبح بعض القضاة غبّ الطلب لدى بعض المسؤولين والأحزاب والمذاهب؟ إنَّ ما يجري على صعيد التحقيق في تفجير المرفأ مستغربٌ حقًّا: طعنٌ وراءَ طعن، ورَدٌ وراءَ ردّ، ونقضٌ وراء نقض، وتعليقٌ وراء تعليق؛ وأرواحٌ الشهداء تنتظر، وأهالي الشهداء ينتظرون، والعالمُ ينتظر. لماذا هذا الإستخفاف بدماء أكثر من 200 ضحيّة، وستة ألاف جريح، وبدمار نصف بيروت وضواحيها، وتشريد مئات العائلات؟".

 

 

عين الرمانة ليست عنوان حرب وتقاتل

 

أضاف: "ما نقول عن تحقيق المرفأ نقوله أيضًا عن أحداث الطيونة، عين الرمانة. وإذ نجدّدُ أسفنا العميق على سقوط الضحايا والجرحى، نؤكد أنّ عين الرمانة ليست عنوان حرب وتقاتل، بل عنوان تعايش مع محيطها على أساس من الشراكة والسلام والكرامة وحسن الجوار. فمنذ انتهاء الحرب اللبنانيّة، وأبناء عين الرمانة سعداء بحسن الجوار مع بيئتهم القريبة بعيدًا عن الهيمنة والتوسّع والسلاح، وبدت أحياؤهم ملتقى جميع الطوائف. لكنّهم حافظوا أيضًا على روح الصمود وشجاعة الدفاع عن النفس".

 

تابع: "وإذ نترك للقضاء المستقل أن يأخذ مجراه في هذه الأحداث، ندعوه إلى أن يكون حياديًّا تجاه الجميع، ويراعي حقوق الموقوفين فيتوفّر لهم حقُّ الاجتماعِ بمحاميهم ولقاءِ أهاليهم، وندعوه للإسراعِ في التحقيقِ والإفراجِ عن كلِّ من تثبتُ براءته. لا يجوزُ أنْ تَحصُلَ توقيفاتٌ وتُـمَدّدَ من دون مُسوّغٍ قانونيٍّ وقرينةٍ، إنّما فقط كُرمى لهذا الطرفِ أو ذاك. لا يوجد في القضاء إكراميّات بل توجد عدالةٌ ولا نطلب سواها.

 

 

الانتخابات في موعدها

 

كما أكد غبطته "على ضرورة حصول الانتخابات النيابيّة في موعدها الدستوريّ ليعبّر الشعب عن رأيه في مصير وطنه. ليست الانتخاباتُ استحقاقًا روتينيًّا، إنما هي موعد مع التغيير المنتظر من الشعب. إنّ حصولها حقٌّ وواجبٌ في نظامنا الديمقراطي. وحرصنا على إجراء الانتخابات يواكبُه حرصٌ على أن تجري في إشراف الأمم المتحدة لضمان حريّة الترشيح، وأمن المرشحين، ونزاهة الانتخابات، وضبط الإنفاق المالي".

 

وفي هذا السياق، خلص البطريرك الراعي في عظته بالتشديد على أهميّة أن يكونوا المرشحين "شخصيّات نخبويّة ومؤهّلة للعمل التشريعي والسياسي والوطني. إن الحياة السياسيّة في بلادنا تفتقد النخب الواعدة، وهذا نقص كبير في حياتنا الديمقراطية والوطنية".