موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٥ أغسطس / آب ٢٠٢٢

نحتاج إلى تعزيز «ثقافة المتاحف»

محمد يونس العبادي

محمد يونس العبادي

محمد يونس العبادي :

 

المتاحف هي الأماكن التي تستودع فيها ذاكرة الشعوب، وهي التي تختزل مفردات المكان، سواءٌ اتسع هذا المكان، عبر مساحة الوطن، أو كان متحفاً يمثل تراث وذاكرة بلدةٍ أو قريةٍ أو محافظة.

 

ولدينا في الأردن أكثر من (16) متحفاً، معظمها في عمّان، تتنوع في غاياتها ورسائلها، وما تكتنزه من أدواتٍ سواء أكانت مادية أم شفهية موثقة، وبين أشهر هذه المتاحف: متحف الأردن، ومتحف السيارات الملكي، متحف الحياة الشعبية، والحياة البرلمانية، وغيرها من المتاحف في جامعاتنا الأردنية.

 

ولكن، هذه المتاحف، بحاجة إلى تنمية ثقافة شعبيةٍ تحث على زيارتها، وتأمل ما تحتويه من غنىً يشرح الكثير عن جوانب الحياة في وطننا، وكيف تطورت عبر عشرات السنين.

 

فالمتاحف بدايةً، رسالتها وغايتها هي رفع الوعي الثقافي الشعبي، وتعزيز المعرفة ليس بالتاريخ وحسب، بل كيف تشكل الحاضر الذي نحن عليه سواءً السياسي منه، أو الاجتماعي أو حتى الثقافي.

 

ولربما، أحوج ما نكون اليوم، إلى إعادة إنتاج هذه الثقافة، بل وعلينا الاعتراف بأننا يوجد لدينا متاحف، ولكن لا يوجد لدينا «ثقافة المتاحف»، وهذا ما رأيته حين زرت متحف الحياة البرلمانية في جبل عمّان، بمناسبة عيد الاستقلال، وكان لدي مقابلة إذاعية، يومها، توقعت بأنّ أجد زواراً للمتحف، خاصة وأنه شهد مناسبة الاستقلال، ووثق اللحظة، غير أنني وحين وصلت إلى المتحف، لم أجد ولا زائراً واحداً إليه، باستثناء موظفي المتحف، وبعض موظفي الإذاعة التي أجرت المقابلة معي.

 

وهذا الأمر، يدفع إلى التساؤل، لماذا لا يوجد زوار لمتاحفنا؟ ولماذا لا نقوم بترويج هذه المتاحف التي أخذت من الدولة جهداً كبيراً، في تأسيسها، وتمويلها، وكُلف تشغيلها.

 

كما أنّ متاحفنا لا تشكو من قلة زائريها المحليين، وحسب، بل يغيب عنها طلابنا في المدارس والجامعات، وخاصة في المناسبات التي ترتبط بها، ويغيب عنها أيضا، السائح العربي أو الأجنبي، وهذا أمر يطرح أسئلة لربما لا تتعلق بالترويج للمتاحف في بلادنا، وحسب، بل ربما ساعات دوامها، وأيامها.

 

وقلة زائري متاحفنا، تطرح أيضا، أسئلة أخرى، من قبيل، لماذا لا تكون زيارة متاحفنا، جزءاً من أيّ زيارةٍ لأيّ وفدٍ رسميٍ يزور المملكة، وخاصة متحف الحياة البرلمانية، وصرح الشهيد، وغيرهما.

 

وهذا الحديث يقود إلى طرح تساؤلات أخرى عن المتاحف وحالها في محافظاتنا، وبلداتنا، وقرانا، لربما تغيب عن مدننا، المتاحف التي توثق لها، بشكل عصريٍ، وتقدم شرحاً عن الحياة فيها، وكيف مرّت بالعديد من المراحل، إذ يلحظ غياب المتاحف في عددٍ من محافظاتنا، وتركزها في عمّان، وفي هذا المجال لا بدّ من التنويه إلى تجربةٍ فريدةٍ في محافظة مأدبا التي نجحت بتأسيس متحفٍ فريدٍ هو متحف الحكاية التراثي، والذي يوثق بشكل عصريٍ لوجوهٍ من ملامح الحياة المجتمعية في بلادنا وتطورها.

 

ومن التجارب الرائدة أيضاً، في متاحفنا، ما قدمته القوات المسلحة الأردنية من نموذجٍ ناجح لمتحف الدبابات الملكي، والذي يعد الأول من نوعه عربياً، وواحداً من أكبر المتاحف التاريخيّة للدبّابات ومن أكثرها تنوعاً في العالم.

 

إننا في الأردن، نمتلك تجربة متميزة في التوثيق في العديد من متاحفنا، ولكنها تنقصها اليوم، ثقافة الترويج لهذه المتاحف، وهي بحاجةٍ إلى جذبٍ أكبر للجمهور، وللسواح، للتعرف على مفردات غنية، وتعبر عن العبقرية الأردنية.

 

وهذه التجربة بحاجة إلى البناء عليها، بإنشاء متاحف للمدن، تعبر عن أفكارها، عاداتها، تقاليدها، وروادها.

 

(الرأي الأردنية)