موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٣١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٢

كيف نعيش السنة الجديدة؟

بقلم :
بسام دعيبس - الأردن
سنة جديدة مباركة وكل عام وانتم بخير

سنة جديدة مباركة وكل عام وانتم بخير

 

كل شيء جديد يحتاج  الى استعداد جديد ، وكل قديم يحتاج الى اخذ النافع منه، والعبر عما تقاعسنا وفشلنا فيه، ولنعمل جاهدين ان نسترشد بكلمة الرب، كلمة الحياة التي تفتح ابصارنا وبصائرنا واذهاننا وقلوبنا وتنير دروبنا وتهدينا الى سواء السبيل، متجنبين الزلل والعثرات والاخفاقات.

 

فماذا تقول كلمة الرب؟

 

"عينا الرب الهك عليك دائما من اول السنة الى آخرها"  كما ورد في سفر التثنية، ونحن نعلم ان الرب سيعطينا قلبا جديدا، ويجعل روحا جديدة في احشائنا، ومن احساناته علينا، أننا لم نفنى، لان مراحمه لا تزول، فهي جديدة في كل صباح كما ورد في ارميا النبي، وكما كللت السنة المنتهية بجودك يا رب، وجعلتها تقطر دسما، فثقتنا فيك بانك ستمنحنا في السنة الجديدة  المزيد من نعمك الوافرة وخيراتك الكثيرة.

 

في السنة الجديدة لا بد من ان نجدد عقولنا وقلوبنا واذاهننا، آخذين بالاعتبار مرة اخرى ان كلمة الرب مصباح لخطانا ونور لسبيلنا، فليكن الامل مقدمة لكل اعمالنا، وذلك يتطلب الثقة بالرب، فهو  يخطط لنا ايامنا وسنيننا، وخططه للخير ولمنحنا الامل في المستقبل، فنحن بميلاد المسيح خلق جديد ايضا اذا آمنا، فالاشياء القديمة قد انتهت، وصار كل شيء جديدا كما يقول القديس بولس، ونحن كمؤمنين علينا الا نتغير من الخارج فقط، بل لنتغير تغييرا جذريا متطهرين كليا مكتشفين قداسة الله فينا.

 

لنتعلم من اخطائنا التي فعلناها في العام الماضي ولنأخذ منها العبر، ولنتركها ورائنا،  ولنركز على اهدافنا لهذا العام، بالمثابرة والجد والاجتهاد والانضباط، والاهم من ذلك  الاتكال على الرب والثقة به والاستسلام لمشيئته، وبذلك نحصد الخير والقوة والبر والسلام، وينطبق علينا قول الرب "لكن الذين ينتظرون الرب سيكتسبون قوة جديدة، سيصعدون بأجنحة مثل النسور، سوف يركضون ولا يتعبون ، سوف يمشون ولا يتعبون"، كما ورد في اشعيا النبي 40:31.

 

لننظر الى كل يوم جديد في السنة الجديدة على انه يوم خاص في حياتنا، وذلك باعتمادنا على حب الله الذي لا ينتهي أبدًا، فمحبة الرب عظيمة، ورحمته جديدة كل صباح وكل يوم  للذين يؤمنون به ويتقونه، فالرب ميراثنا واملنا ورجاؤنا وعليه اتكالنا، وميلاد الرب هو ميلادنا نحن واملنا الجديد نحن.

 

لا تقلقوا بشأن السنة الجديدة أبدًا، وكما يقول القديس بولس في رسالته الى اهل كورنثوس الثانية، إذا كان أي شخص في المسيح، فقد جاء الخليقة الجديدة: لقد ذهب القديم، والجديد هنا، ولنثق بيسوع الذي اسلم نفسه ومات على الصليب من أجلنا، ولنركز على اهدافنا المقبلة، ومنها الفوز بالجائزة العظمى التي دعانا الله اليها في المسيح يسوع.

 

لا تخافوا، فالرب يقول لنا اني معكم، لا تخافوا، لأنني أنا إلهكم، وسوف أمسك بايديكم اليمنى المنتصرة، ودعو الله يقودكم في جميع اموركم، ويرشدكم الى ما يجب فعله في السنة الجديدة وفي المستقبل ايضا، فلنخضع للرب بكل طرقنا، وهو من سيجعل طريقنا مستقيمة، كما ورد في سفر الامثال، واخيرا كونوا اقوياء شجعانا بالرب الهكم، فهو معكم حيثما تذهبون كما في سفر هوشع.

 

واخيرا  بين عام مضى وعام سيحل قريبا، لنبدل دروبنا كلما اعتراها التواء، ولنجدد قلوبنا كلما اعتراها اهتراء، ولنحيا حياة جديدة فنحن بالمعمودية لسنا في حكم الشريعة، بل في حكم النعمة، ونحن لا نملك شيئا من الايام والسنين، لذلك لنصلي خاشعين، ولنعد الى الرب تائبين، ليتولانا وليجددنا في عامنا الجديد تجديدا ويبدل قلوبنا تبديلا.

 

اجعله يا رب عاما مباركا، تحل علينا فيه بروحك، وتشركنا بمحبتك، وترد قلوبنا المضطربة، وتمسك بايدينا، وتقود افكارنا، وتصفح عن خطايانا، لنعود اليك كعودة الابن الضال، وسوف نرضيك باعمالنا، ويكون عاما نقيا غير ملوث بالخطايا، عام رحمة وصفح وغفران، لا نخرج فيه عن رسومك ووصاياك.

 

اجعله يا رب عاما سعيدا، تطبع فيه بسمة على كل وجه وتفرح كل قلب، وان تعطي المجرّبين معونة، وترزق الفقراء والمساكين، والايتام والارامل، وتشفي المرضى المتألمين بقلوبهم واجسادهم ونفوسهم، وتعزّي الحزانى، وتنعم على الجميع بالراحة والسلام.

 

اجعل يا رب كلمتك تصل الى العالم كله، وساعدنا على نشرها، لتصل الى كل قلب في كل مكان، واحفظ كنيستك والعاملين في حقلك المقدس، كما نسألك ان تمنح بلداننا والعالم اجمع الامن والامان والسلام، وتخلصنا من الحروب والدمار والنزاعات والويلات، ومن الامراض والاوبئة وكل اعمال السوء والشر ومكائد الشيطان.

 

وأخيًرا، لنتأمل كيف كانت علاقتنا مع الله، ومع الاخرين، ومع انفسنا خلال العام 2022، لكي نستخلص العبر، ونصحح الضرر، ونضاعف للرب السهر، عاملين كل جهدنا لنكون في قلب الله فهو محب لنا، ولكل البشر. وان اول شهر من السنة الجديدة، يكون لكم راس الشهور كما جاء في سفر الخروج 12: 2، وان صلوات السنة الجديدة ترتفع الى عرش الله، وهي مقبولة ومستجابة، ونصنع خيرا اذا صلينا.

 

أيها الرب يسوع: علمني ان اكرس ذاتي لك وحدك، واسلمك حياتي من جديد، لتستخدمها لمجدك، يجب ان تزيد وانا انقص، كل المجد يكون لك ولا اطلب من مجدك لذاتي... علمني ان اقوم بالامور التي تسرّك، وان اقول ما هو للبنيان والمنفعة للخير وللغير، اجعلني ارى بعين الشفقة الخراف الضالة فاحبها لاجل حبي لك، اجعلني مثلك صديقا للخطاة والهالكين لكي ارشدهم، ابعدني عن الخطيئة وعن اي شيء قد يجلب العار لاسمك، واجعل الصلاة محور كل قراراتي... آمين.