موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٢ مايو / أيار ٢٠٢٢

التضليل في العوالم الافتراضية

كاتب أردني مقيم في بلجيكا

كاتب أردني مقيم في بلجيكا

مالك العثامنة :

 

اليوم، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، صارت عملية «التضليل» تحتاج ذكاء من نوع خاص، قادر على بث الحكاية مهما كانت درجة سخفها في عالم افتراضي يتلقف من خلف شاشاته كثيرين ممن يبحثون عن «خلاص» ما، أي خلاص حتى لو كان معنوياً وعلى صيغة حكاية ليعالج قهرهم وربما يرون في الحكايات المضللة نوعاً من معرفة ما تعوض جهلهم.

 

عملية «الأسطرة» لا تشمل فقط الأشخاص في عالمنا العربي تحديداً، بل هي تتضمن وبكثرة مغرقة في الجهل والتجهيل، شتى أنواع المعلومات التي يتم حشرها قسراً في باب المعارف والعلوم، وهي ليست أكثر من دجل وشعوذة لا تحترم العقل، وتضع الله «المطلق بكماله» ضمن شبهة النقصان ومدارات الترويج البدائي.

 

مثلاً، وأنا كسواي من ناشطين على موقع الفيسبوك، نتعثر غالباً وبشكل شبه يومي بإدراجات تحمل توقيع «منقول» لتدلل على شيء من مصداقية غائبة، أو تبدأ بعبارة تفيد أن مركز أبحاث «أينشتاين» في بولندا قد اكتشف كذا وكذا مما يثبت الإعجاز في الشريعة التي سبقت المعهد بألف سنة.

 

طبعاً لا يوجد مركز اسمه أينشتاين في بولندا، والبحث العلمي ليس أكثر من خيال جامح تدفعه أمنيات واهمة فقط لتمرير التضليل الذي يتلقفه آلاف كحقيقة عملية تنتشر ضمن خوارزميات الانتشار المعروفة ويتعمق الجهل. وهو ما يذكرني بدور الإعلام المهم في الإضاءات التي يلقيها على مساحات الجهل المعتمة، والتي تسيء للأديان أكثر مما تساهم في الدفاع عنها، ومن ذلك تقرير صحفي قرأته قبل زمن في مواقع محترمة، يدحض فكرة متداولة أن الطيران فوق الكعبة في مكة غير ممكن لأن الجاذبية الأرضية تتركز تحت الأرض في تلك البقعة من الكوكب وحديث مبهم عن المغناطيسية الشديدة التي تدمر الطائرات التي تطير فوق الكعبة!

 

التقرير، كان مهماً لدحض العبث المتداول على أساس أنه حقائق، وتلك بحد ذاتها عملية «أسطرة» للوهم وإعادة صياغته على شكل «معرفة علمية» أو إعجاز لا يمكن تفسيره علمياً! وينطبق على تلك «الحكايات» ما يقال عن أسطرة الأشخاص والشخصيات، من خلال تزييف الحقائق ونسج القصص الخيالية، وكل ذلك يتم في سياق «موجه» نحو ترسيخ الجهل باسم المقدس.

 

حالياً، أتابع بهدوء وتأنٍ صفحة فيسبوك «مصرية» معنية بكلاسيكيات السينما المصرية التي أحبها، وبدأت قبل عام بنشر صور نادرة لفناني الزمن الجميل في السينما المصرية، لكنها وبعد أن ضمنت ولائي «وولاء آلاف غيري» في المتابعة، بدأت مؤخراً بنشر الصور ذاتها مع حكايات يومية غريبة كلها تتحدث عن الوازع الديني لدى الفنانين المتوفين خصوصاً، وحكايات تتضمن حوارات باسم هؤلاء الراحلين تتحدث عن نفورهم من «مهنتهم الفنية الحرام» وتوبتهم في آخر أيام حياتهم.تلك عملية تضليل ممنهجة ومدروسة بعناية، ومن يقوم عليها لديه خبرة في عملية التغذية الجماهيرية بالكذب ومهارة استثنائية في التزوير والتزييف. دوماً كنت أقول لمن أعرفهم إن العالم الافتراضي بكل وسائل تواصله الاجتماعية مليء بالرمال المتحركة والانزلاقات في تلك الرمال مهلكة للوعي الجمعي والفردي معاً.

 

(الاتحاد الإماراتية)

 

اليوم، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، صارت عملية «التضليل» تحتاج ذكاء من نوع خاص، قادر على بث الحكاية مهما كانت درجة سخفها في عالم افتراضي يتلقف من خلف شاشاته كثيرين ممن يبحثون عن «خلاص» ما، أي خلاص حتى لو كان معنوياً وعلى صيغة حكاية ليعالج قهرهم وربما يرون في الحكايات المضللة نوعاً من معرفة ما تعوض جهلهم.

 

عملية «الأسطرة» لا تشمل فقط الأشخاص في عالمنا العربي تحديداً، بل هي تتضمن وبكثرة مغرقة في الجهل والتجهيل، شتى أنواع المعلومات التي يتم حشرها قسراً في باب المعارف والعلوم، وهي ليست أكثر من دجل وشعوذة لا تحترم العقل، وتضع الله «المطلق بكماله» ضمن شبهة النقصان ومدارات الترويج البدائي.

 

مثلاً، وأنا كسواي من ناشطين على موقع الفيسبوك، نتعثر غالباً وبشكل شبه يومي بإدراجات تحمل توقيع «منقول» لتدلل على شيء من مصداقية غائبة، أو تبدأ بعبارة تفيد أن مركز أبحاث «أينشتاين» في بولندا قد اكتشف كذا وكذا مما يثبت الإعجاز في الشريعة التي سبقت المعهد بألف سنة.

 

طبعاً لا يوجد مركز اسمه أينشتاين في بولندا، والبحث العلمي ليس أكثر من خيال جامح تدفعه أمنيات واهمة فقط لتمرير التضليل الذي يتلقفه آلاف كحقيقة عملية تنتشر ضمن خوارزميات الانتشار المعروفة ويتعمق الجهل. وهو ما يذكرني بدور الإعلام المهم في الإضاءات التي يلقيها على مساحات الجهل المعتمة، والتي تسيء للأديان أكثر مما تساهم في الدفاع عنها، ومن ذلك تقرير صحفي قرأته قبل زمن في مواقع محترمة، يدحض فكرة متداولة أن الطيران فوق الكعبة في مكة غير ممكن لأن الجاذبية الأرضية تتركز تحت الأرض في تلك البقعة من الكوكب وحديث مبهم عن المغناطيسية الشديدة التي تدمر الطائرات التي تطير فوق الكعبة!

 

التقرير، كان مهماً لدحض العبث المتداول على أساس أنه حقائق، وتلك بحد ذاتها عملية «أسطرة» للوهم وإعادة صياغته على شكل «معرفة علمية» أو إعجاز لا يمكن تفسيره علمياً! وينطبق على تلك «الحكايات» ما يقال عن أسطرة الأشخاص والشخصيات، من خلال تزييف الحقائق ونسج القصص الخيالية، وكل ذلك يتم في سياق «موجه» نحو ترسيخ الجهل باسم المقدس.

 

حالياً، أتابع بهدوء وتأنٍ صفحة فيسبوك «مصرية» معنية بكلاسيكيات السينما المصرية التي أحبها، وبدأت قبل عام بنشر صور نادرة لفناني الزمن الجميل في السينما المصرية، لكنها وبعد أن ضمنت ولائي «وولاء آلاف غيري» في المتابعة، بدأت مؤخراً بنشر الصور ذاتها مع حكايات يومية غريبة كلها تتحدث عن الوازع الديني لدى الفنانين المتوفين خصوصاً، وحكايات تتضمن حوارات باسم هؤلاء الراحلين تتحدث عن نفورهم من «مهنتهم الفنية الحرام» وتوبتهم في آخر أيام حياتهم.تلك عملية تضليل ممنهجة ومدروسة بعناية، ومن يقوم عليها لديه خبرة في عملية التغذية الجماهيرية بالكذب ومهارة استثنائية في التزوير والتزييف. دوماً كنت أقول لمن أعرفهم إن العالم الافتراضي بكل وسائل تواصله الاجتماعية مليء بالرمال المتحركة والانزلاقات في تلك الرمال مهلكة للوعي الجمعي والفردي معاً.

 

(الاتحاد الإماراتية)