موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٤ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢

كلمة الأب بدر في حفل إطلاق كتاب: الصحافة الأردنيّة في مائة عام

الأب بدر يسلم درع المركز الكاثوليكي تكريمًا للمؤرخ الموسى

الأب بدر يسلم درع المركز الكاثوليكي تكريمًا للمؤرخ الموسى

أبونا :

 

معالي الأستاذ فيصل الشبول، راعي حفلنا

أصحاب المعالي، والعطوفة، والسعادة

أسعد الله مساءكم

 

"الصحافة الأردنيّة في مائة عام".. تختزل بثلاثمائة صفحة، وهي من خطّ الدكتور الأستاذ عصام سليمان الموسى. عندما نسمع هذا الاسم نعود إلى اسم الأب، سليمان الذي دمغ هذه العائلة بالفكر والثقافة والتأريخ، لذلك انتقلت هذه "العدوى" إلى ابنه الكريم المحتفل به اليوم، عصام سليمان الموسى. وحين نرى إعلاميين، ومنهم وزراء، وأصحاب وكالات إعلاميّة وصحافيّة، يرفعون رأسهم دائمًا ويقولون: أنا تلميذ أو تلميذة الدكتور عصام الموسى.

 

أحيي راعي حفلنا وزير الدولة لشؤون الاعلام والاتصال الاستاذ فيصل الشبول، الذي استجاب لدعوة المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام لرعاية اطلاق الكتاب الذي نشر في مئوية الأردن، بدعم من وزارة الثقافة الأردنيّة التي نشكرها على جهودها المتواصلة بدعم الفكر والمفكرين. واحيي الصحاب السعادة السفراء، وبالاخص سعادة الاستاذ نايف بن بندر السديري، سفير المملكة العربية السعودية، وسعادة الاستاذ عزيز الديحاني سفير دولة الكويت. واصحاب السعادة النواب والاعيان الاكارم، ورجال الدين المسيحي والاسلامي الذي يشكلون في هذه القاعة صورة مصغرة عن وطننا الحبيب.

 

اليوم نحتفل بالصحافة الأردنيّة في مئوية أردنيّة، وهذا يدلّ على أنّ هذا الوطن بقيادة جلالة الملك، وبقيادة الهاشميين على مدار العقود، كان ممتلئًا ومكتملاً. بمعنى أن جميع مكونات الوطن والدولة، الآمنة والمستقرة، قد توفرت فيه، ومنه أيضًا الصحافة النظيفة والشريفة. لذلك عندما يؤرّخ الدكتور عصام سليمان الموسى لمئويّة الصحافة الأردنيّة على مدار قرن من الزمان، فإنه يؤرخ أيضًا لمئويّة الأردن الآمنة القويّة المستقرّة.

 

يقول الموسى في الكتاب: "على جميع الأطراف أن تعترف بأنّ حرية الصحافة المسؤولة هو الطريق الآمن للمستقبل". وهكذا شقّ الأردن درب النجاح والتميّز على مستوى العالم بأن يبقى آمنًا مستقرًا بفضل قيادته الحكيمة، وبفضل وعي شعبه، وبفضل جميع المكونات التي أسهمت معًا في بناء الأردن وتقويته، وجعله منارة عالميّة.

 

إنّ الصحافة التي نؤرّخ لها اليوم، قد أسهمت أيضًا باستقرار هذا الوطن، وعندما نعيّد مائة عامٍ من الاستقرار في هذا البلد، فإنّنا نقول أيضًا شكرًا للصحافة التي أسهمت في هذا الاستقرار. وقد تعلمنا في العلاقات الدوليّة بأنّ ليس المهمّ فقط أن تصنع السلام، ولكن الأهمّ هو كيف نحافظ عليه. إنّ الصحافة قد بنت أو اسهمت في بناء استقرار الأردن وانسجامه ووحدته الوطنية وقوته ومنعته لذلك فهي أيضًا عليها مسؤوليّة أن تحافظ على هذا الاستقرار وأن تنظر إلى مستقبل الأردن بعين الأمل والتفاؤل والرجاء.

 

مائة عام من تأسيس أول صحيفة في الأردن، إلى وضعنا الحالي، كجزء من السيناريو العالميّ، نجد أنّ الانتقال لم يكن سهلاً من الصحافة الورقيّة إلى الصحافة الإلكترونيّة والسوشال ميديا وما تحمله من آمال وتطلعات وأفراح ومسّرات، إلى أيضًا ما تحمله من وجع راس وأهات... كلّ ذلك يحتاج إلى تربيّة إعلاميّة سليمة، وذلك يحتاج أيضا الى مربين ومعلمين واساتذة ومتخصصين بالاعلام ، وهنا أشكر الدكتور عصام، المرّبي الفاضل للإعلاميات والإعلاميين في الأردن بأنّه أسهم في رفد الحركة الأكاديميّة الإعلاميّة بهذا المجهود الصادق الذي يؤرخ بين يدينا اليوم.

 

اسمحوا لي بكلمة أيضًا شهدتها في الكتاب، هو لم يركز عليها بهذه الطريقة المباشرة، ولكن أنا هنا أشيد بالروح الوطنية العزيزة في قلب هذه الأستاذ الدكتور، وحبّه للأردن، وتأريخه لتاريخ الأردن، كما فعل والده العزيز المرحوم سليمان الموسى، إلى التأريخ الصحفي الأردني الذي أخذه الدكتور عصام على عاتقه، إلى أيضًا المجهود المسيحي الصحفي في هذا الوطن.

 

قد لا يحلو للبعض أن نتكلم عن ذلك، ولكن هذا ما نفخر به. إنّ المسيحي، أيها الأصدقاء، ما كان أبدًا متفرجًا على قضايا بلده ووطنه ومجتمعه، وعالمه العربيّ، وعالمه الإنسانيّ. المسيحيّ مسهم إيجابيّ في رفد حركة الصحافة، وفي إعلاء شأن وطنه في كلّ المحافل. إنني لا أتكلم عن الأستاذ عصام من هذا المنظور كمواطن مسيحي فقط، بل أتكلم عمّا يحتويه كتابه في هذا الشأن، وهو أنّ المسيحيين موجودين في كل صفحة من الكتاب، وفي المراحل الصحفية الأربعة التي يعددها، وكانوا –وما زالوا- مسهمين منذ بدء الحركة الصحافيّة الأردنيّة إلى اليوم، عبر الصحافة الورقيّة والإلكترونيّة والسوشال ميديا. المسيحي، مواطن، وشريك حضاري، في هذا الوطن. لذلك راينا في تكريم جلالة الملك للشهيدة شيرين ابو عاقلة نقية القلب والدم، هذا التقدير للاسهام العربي المسيحي في خدمة قضايا الوطن والمقدسات والامة. وكلّ ذلك كان تحت مظلة الرعاية الساميّة من العائلة الهاشميّة التي تتيح لكلّ مواطن بأن يشعر بأنه جزء من هذا الوطن، وبأنّه متجذّر في تربه هذا الوطن، ولخدمة الوطن، ولسلام هذا الوطن.. صنعه والحفاظ عليه.

 

وأننا غدًا الأربعاء نحي مرور عشرة أعوام على توقيع البابا بندكتس لوثيقة هامة، هي الارشاد الرسولي: الكنيسة في الشرق شركة وشهادة، وفيها يقول: "من واجب وحَقِّ المسيحيين في الشَّرق الأوسط، ومعظمهم من سكَّان البلاد الأصليِّين، المشاركةُ التَّامّة في حياة الوطن من خلال العمل على بناء أوطانهم. وكما كانت الحال في الماضي، إذ كانوا من رُوَّادِ النَّهضة العربيِّة، وكانوا جزءاً لا يَتَجزَّأ من الحياةِ الثَّقافيِّة والاقتصاديِّة والعلميِّة لمختلف حضارات المنطقة". هذا ما يعيشه الاردن ، منذ مئة عام، وهذا ما يسطره الدكتور الموسى في صفحات هذا الكتاب الجليل.

 

نقول في النهاية مع الدكتور عصام: "هنالك أزمة حاليًا بعدم وجود أقلام صحفيّة بقوة الأقلام الكارزميّة في بعض الصحف نتيجة فقدان أصحابها". نترحّم هنا على كلّ إنسان رفد الحركة الصحافية والإعلامية في الأردن بحياته التي تميّزت على مواقع العمل الصحفي. وهنالك أسماء عديدة يعدّدها في نهاية الكتاب. ونقول: رحمهم الله. ودعاؤنا أن يمّن الله على أمتنا، وعلى وطننا بأقلام جديدة تخدم الوطن، وتخدم الإنسانيّة، وفيها الـcontent creators او صنّاع المضمون النقي والصحي والضروري والمهم والمفيد... فالإعلام الحقيقي هو إعلام في خدمة المحبّة والسلام والمساواة وروح العدالة الاجتماعيّة... وهو ما يشير إليه الدكتور عصام في كتابه، بأنّ الحركة الصحافيّة في الأردن قد خدمت كلّ هذه القيم، ولكننا ننظر أيضًا إلى المئوية الثانيّة بهذه العين الراجية ان يكون الغد مؤمنا وامينا لما قام به الاباء والاجداد.

 

أمامكم جميعًا أشكر الدكتور عصام الموسى، واتمنى له باشمكم جميعا الصحة والشفاء والعافية ، أشكر معالي الوزير الأستاذ فيصل الشبول على حضوره ورعايته، ومعالي الأستاذة هيفاء النجار على حضورها زدعم الوزارة، وأشكركم على حضوركم، ونتطلّع إلى الإصغاء إلى الذوات الذين سيتحدثون عن الكتاب بشكلٍ أكثر عمقًا وتحليلًا.

 

أهلاً بكم.. وكل مئوية وصحافتنا وقيادتنا ووطننا... وانتم جميعًا بألف خير وعافية.