موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢ سبتمبر / أيلول ٢٠٢١

عودة آمنة في صيف آمن

تصوير: محمد ابو غوش

تصوير: محمد ابو غوش

الأب د. رفعــــت بدر :

 

(بالتزامن مع الرأي الأردنية)

 

تعود الحياة لتدب من جديد في هذه الأيام في المدارس، فنعود لنسمع الطابور الصباحي، والاناشيد الوطنية ، وصياح الأطفال والطلاب أثناء اللعب في الساحات، ويعود المعلمون والمعلمات إلى التعليم العادي بعد سنتين من التعليم الافتراضي والجلوس خلف الشاشات.

 

هي خبرة من خبرات الحياة، ولم تكن أبدًا سيئة، فالتكنولوجيا خُلقت لخدمة الإنسان، وقد كان لها تأثير ايجابي كبير. وليس من السهل هنا أن نتصوّر ما كانت عليه أوضاع العالم أثناء الفيروسات المماثلة السابقة في القرون التي مضت. إذ لم تكن التكنولوجيا والتواصل كما هو الحال اليوم. فكيف كانت الناس تتدبّر أمرها؟ وكيف كان الأطفال يتعلمون أثناء الحظر.. هي أسرار من سلف! وهي نعمة فعلاً نشكر الله عليها اليوم وغدا. وتحضرني هنا قصيدة تغنّى بها الأخ (الفرير) الراحل باولينو الإيطالي، الذي عاش في الأردن (كلية دي لا سال) لأكثر من عشرين عامًا، وألّف قصيدة بالايطالية بعنوان: Viva la tecnologia، أي "تعيش التكنولوجيا". ونضيف معه: تعيش التكنولوجيا في حالة استخدامها بشكل سليم. ولم يعد أحد يقول أنا استخدمها أم لا. فالكلّ مدعو إلى المائدة التقنيّة.  وهنا طبعا نؤيد ادخال المادة الاعلامية الى الحقل التربوي ، وليس فقط من الناحية التقنية وانما ايضا من الناحية الادبية ، اي تربية الجيل الناشئ على حسن استخدام هذه الوسائل.

 

ويعود الطلبة إلى مقاعد الدراسة وإلى ساحات المدرسة، يتعلمون فن التعامل الأخوي فيما بينهم. وهذا بالفعل ما كان ناقصًا في السنتين الماضيتين. فن العيش معًا، والتعامل، والاحترام والمحبة، والمصالحات بعد المناكفات. فالمدرسة بعد البيت هي مجتمع صغير، تتربى فيه الأجيال على احترام القيم التي تم توارثها، وعلى تقديم الأمانة للأجيال القادمة.

 

وهنا أشيد بخصوصيّة أردنيّة نفتخر بها، وهي فن العيش المشترك المبنيّ على احترام الاختلاف، وعلى التعدديّة، وعلى احترام وجهات النظر، سواء أكان داخل الغرف الصفيّة أم خارجها. وإذا سمعنا لمذكرات الكبار "سنًا" فللمدرسة دائمًا هذا التأثير في تعلم فن العيش الجميل والهادىء والأخوي، وقيم المساواة بين جميع الطلبة ، والمواطنة الصالحة. فبالاضافة الى الهدف الرئيس للمدارس في تعليم الدروس الاكاديمية ، هنالك دور رئيس كذلك في التربية على الحوار وفن التواصل.  واليوم بتنا نتحدّث عن الاحترام للتعدديّة القومية، ذلك أنّ بين ظهرانينا أشقاء وأصدقاء من الدول العربيّة أو الأجنبيّة، ونحن مدعوون الى التعامل مع الجميع بفن التقبل والاحترام . وهذا طبعا فضلاً عن الخصوصيّة الأردنيّة بتنشئة الأجيال الطالعة، على تقبّل الآخر المختلف دينيًا ليصبح ولنتعامل معه أخًا في المواطنة وفي الإيمان بالله الواحد. لن يستطيع اي طالب او طالبة ان يشتركا في المستقبل باي نشاط حوار ديني، ما لم يكونا قد تعلما في المدرسة أسس واخلاقيات العيش المشترك.

 

وإن كان من نصيحة نزجيها لمدارسنا العريقة، فهي تركيز الرحلات المدرسيّة هذا العام على تعريف الطلبة بالأماكن التاريخيّة التي تشكّل عصبًا للسياحة الدينية في بلادنا، فالأولى أن يزورها أهل بيتنا قبل أن ندعو الجيران والأصدقاء لزيارتنا في كل مكان.

 

صيف آمن – وعودة آمنة – وتربية آمنة بإذن الله.