موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢

على قدر أهل العزم

مشاهد من اليوم الأول للعام الدراسي الجديد (تصوير: أمير خليفة - الغد)

مشاهد من اليوم الأول للعام الدراسي الجديد (تصوير: أمير خليفة - الغد)

الأب رفعت بدر :

 

النخوة باللغة العربيّة تعني الحماسة والمروءة، أمّا الفزعة –ولو أنها غير موجودة في اللغة الفصيحة- فهي أن يهب المرء لنجدة أخيه وإغاثته. وقد جمعنا كلّ لك في الأردن بمصطلح النشميّ وهو يعني الشجاع المِقْدام والذي يكون عونًا للآخرين لاسيّما في أوقات شدّته، وقد أصبح لصيقًا مرادفًا لكلمة الأردني.

 

شاهدنا في الآونة الأخيرة «فزعات» هنا وهناك. حين لبّى عدد من المواطنين نداء استغاثة لمختلف الحاجات الإنسانيّة، وكذلك تمّ تسليط الضوء على العديد من قصص النجاح لطلاب وطالبات في الثانويّة العامّة الذين تميّزوا بنتائجهم بشكل مبهر، فيما كانوا يعيشون أوضاعًا صعبة ماليًّا واجتماعيًّا وغيرهما.

 

وهنا كلمة حق بحق الإعلام الإنسانيّ، الإعلام الذي يسلّط الضوء على معاناة الإنسان ومشاكله، وحاجاته الأساسيّة، ويدعو إلى «النخوة» نحو المحتاجين، وهو من صميم العمل الإعلامي الصحيّ والصحيح. فالإعلام، بصورته التقليديّة، والإعلام الحديث، أو السوشال ميديا، ما جاء أبدًا ليخلق النعرات بين الناس، ولا ليميّز بين انسان وآخر، لا على أسس دينية ولا عرقية، بل ليوحّدهم على الخير والجمال والطيبة والإنسانيّة والمبادرات النشميّة.

 

أما ونحن، في أول خطوات العام الدراسي الجديد، فهذه المواضيع أيضًا من صميم التربيّة – بل أيضًا التنمية الإنسانيّة المتكاملة. فلم تعد المدرسة فقط لتعلّم «المواد» والمناهج الدراسيّة المعدّة من قبل لجانها المتخصّصة، بل صار يتعدى ذلك إلى تفعيل قيم النخوة والشهامة. لكنّ ذلك لا يتم فقط بإقامة أنشطة ورحلات مدرسيّة، بل بالتعليم أيضًا في داخل الغرفة الصفيّة، على مضامين العمل الإنسانيّ، وقيم العمل التطوعيّ، وجمال العمل المجانيّ الذي لا ينتظر مقابلاً.

 

كما أنّ الطفل يتعلمه في ساعات التربية الدينيّة، لما في الكتب المقدّسة، من دعوة إلى محبة الله التي تبيّن وتتجلّى في محبة القريب ومساندته. ومن بعد ذلك، قد يقوم المعلمون بمسابقات للمبادرات التي قد يقوم بها الطلبة في العلم الدراسي، فيشعون بأعمالهم الصالحة، في تطبيق ما يتلقونه في داخل الغرف الصفيّة بعيشه على أرض الواقع، من خلال مدّ يد العون للمحتاجين والفقراء والمرضى.

 

إنّ مجال العمل الإنسانيّ، وتطبيق صفة النشامى، له طرق عديدة، عبّر عنها شعبنا الكبير من خلال مبادرات عديدة أثناء الصيف الحافل، ونحمد الله طبعًا من قبل ومن بعد، على نعمة الأمن والاستقرار التي تمكننا دائمًا من القيام بمسؤولياتنا الإنسانيّة في الصيف وفي الشتاء، من خلال مبادرات المحبة والتكافل الاجتماعي العديدة، لكننا بحاجة الآن إلى إدخال تلك المبادرات لتصبح جزءًا من حياتنا اليوميّة، وليست خاضعة فقط لمواسم الفزعات، وإلى تضمينها في مناهج المدرسة اليوميّة، وليس فقط لزيادة العلامات على النشاطات غير الصفيّة.

 

مع أمنياتي لطلبتنا الأعزاء بعام دراسيّ مثمر وغزير العطاء، وعلى قدر أهل العزم، تأتي العزائم.