موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٩ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٣

الملك في الفحيص: سمة التواصل والإصغاء

الملك في الفحيص: سمة التواصل والإصغاء

الملك في الفحيص: سمة التواصل والإصغاء

الاب رفعت بدر :

 

من السمات المميزة التي نفخر فيها ومنذ البدء هي سمة التواصل بين القائد وشعبه، فجلالة الملك عبدالله الثاني لا يتعب ولا يملّ من زيارة المواطنين في أماكن سكناهم، وفي مختلف مدن وقرى المملكة العزيزة، فنراه يومًا في وادي رم والعقبة، وفي البتراء وفي أم قيس...، وها نحن أمس قد رأيناه في مدينة الفحيص، القريبة جغرافيًا منه والقريبة أيضًا معنويًا، لذلك لم نتفاجأ صراحة من هذه الزيارة الكريمة التي أتت مع مطلع هذا العام، ومع موسم الاحتفال بميلاد وعماد السيد المسيح، فهو يأتي ليقول كما ابتدأ كلامه خلال الزيارة (كل عام وأنتم?بخير)، وهذا هو رمز للتواصل وللمحبة الموجودة، وهي محبة متبادلة بين القائد وشعبه.

 

المميّز في هذه الزيارة لمنزل الشيخ الجليل قيصر الداود، أنّها تأتي بعد عاصفة من الاحتجاجات ومن السجالات على السوشال ميديا، التي خلقت نوعًا من التوتر بين السكان وبين المواطنين، ولم نعتد طبعًا على هذه الصورة، المعتاد أن نكون أسرة واحدة متحابة، متراصة، متضامنة، ومتكاملة: الواحد يكمل الآخر وليس هنالك توقف عند الفروقات العرقيّة أو الدينيّة أو الطائفيّة أو حتى الحزبيّة.

 

نحن اليوم أمام مشهد جميل جدًا وهو أن الملك يزور ليصغي، وهذا ايض – اي الإصغاء- سمة من سمات جلالته أنه يستمع إلى شعبه مباشرة بدون وسائط وبدون تكلّف، وهو ما يشجّع الشعب على أن يقول له ما يريد وما يفكر به، وأحيانًا ما يؤلمه وما نأمل بإصلاحه في المستقبل. هنالك قضايا تهمنا جميعًا ومنها الإصلاح السياسي، والإصلاح الاقتصادي لتحسين معيشة المواطنين، وهناك أيضًا قضايا تهمنا كمسيحيين وكمسلمين، أولاً، لأن جلالة الملك له صلة خاصة مع المقدّسات في القدس الشريف، كوصي شرعي على مقدساتها، وأيضًا مع المقدّسات الأردنيّة التي تعتبر بتاريخيتها وعراقتها جوهرة السياحة الدينيّة، وبالتالي الرافد الكبير للإقتصاد الوطني.

 

وثانيًا، هنالك هذه اللحمة بين العشائر الأردنيّة وبين الأفراد والمؤسّسات المسيحيّة والإسلاميّة، المؤسّسات الدينيّة الروحيّة والمؤسّسات التعليميّة، كلّ مؤسّسات الوطن التي تخصنا جميعًا. إنّ ما شهدناه أول أمس في الفحيص، هو أن يعود الأردن ويعود المواطنون ويعود كل الشعب الأردني إلى الأصالة الأردنيّة التي نتغنى بها دائمًا، أي إلى الحياة الاعتياديّة، والتي ورثناها عن الآباء والأجداد والتي لم يكن هنالك أي متسع وأي إمكانيّة لخلق، لا سمح الله، فتنة أو تشنج على أساس الاختلافات الدينيّة.

 

بلا شكّ، السوشال ميديا لها مفعولها في هذه الأيام بتعكير صفو المياه، وقد قالها الملك قبل ثلاثة أعوام بأن: لماذا نحوّل وسائل التواصل إلى وسائل تناحر؟ إنّنا كلنا مع الملك للنهوض بوسائل إعلامنا وبالأخص بوسائل الإعلام الحديثة، لكي تكون بانية ومبنية على المحبة والألفة والتعاون لخدمة وطننا الواحد، وإن شاء الله نقوم بعمل مبادرات في هذه السنة لتمتين اللحمة الوطنيّة، من خلال تشجيع شبابنا وشاباتنا على الاستخدام الحسن والأخلاقي لوسائل التواصل الاجتماعي لتعود وسائل بناء وليس وسائل هدم لا سمح الله.

 

إنّ التطرّف والتشنج والتعصّب ليست من شيم بلدنا الحبيب، أو مواطننا الأردنيّ الطيّب من أصله، ولم تكن أبدًا بين العشائر الأردنيّة، لذلك فإنّ زيارة جلالة الملك ولقاءه مع إخوته في الفحيص، هو لقاء مع الأسرة الأردنيّة الواحدة والطيبة والمتحابة والمركزة على البناء لمستقبل افضل، نبنيه كمسيحيين ومسلمين معًا، خلف قيادة جلالة الملك الحكيمة.