موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢١

إعلاميو العرب من عمّان: لا لخطاب الكراهية

صورة جماعية في ختام أعمال المؤتمر (تصوير: أسامة طوباسي / أبونا)

صورة جماعية في ختام أعمال المؤتمر (تصوير: أسامة طوباسي / أبونا)

الاب رفعت بدر :

 

في مدينة الحبّ الأخويّ - فيلادلفيا - عمّان، كان اللقاء التعاوني بين مجلس حكماء المسلمين والمركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، اللذين شبكا الأيدي في مؤتمر دولي إعلامي تحت عنوان: «إعلاميون ضد الكراهية»، برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي، وعضو مجلس حكماء المسلمين، الامير غازي بن محمد.

 

وقد جاء المؤتمر امتداداً لمؤتمر سابق عقد في أبو ظبي العام الماضي بعنوان: «إعلاميون من أجل الأخوّة الإنسانيّة»، والتأم بدوره بعد عامٍ على توقيع وثيقة الأخوّة الإنسانيّة بين البابا فرنسيس رأس الكنيسة الكاثوليكيّة، وشيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب بصفته رئيساً لمجلس حكماء المسلمين.

 

البارز في مؤتمر عمّان هو وصول أكثر من مئة إعلامي وإعلاميّة من مختلف المؤسسات الإعلاميّة العربيّة إلى الأردن للجلوس والتفكير معًا، على مائدة واحدة، في كيفية تشكيل «ائتلاف عربي إعلامي» في وجه الكراهية وأخواتها التي وجدت لها مسارح واسعة على شبكات التواصل وفضاء الإعلام الفسيح، فضلاً عن شقيق الكراهية: التنمّر الإلكتروني الذي وجد أيضا أرضيات خصبة في قنوات الإعلام ووسائله، فكان أن نشأت الجرائم الإلكترونيّة بحق أناس أبرياء. وكذلك كان للإعلام دور بارز في نشر أفكار الحركات الإرهابيّة المتطرّفة التي لم تتوان عن استخدام تلك الوسائل لتصبح، كما حذّر جلالة الملك عبدالله الثاني، في مقاله الشهير في 20/10/2018 «أدوات تناحر وليس أدوات تواصل».

 

ويحتضن هذا الائتلاف الجديد بالاضافة الى مجلس حكماء المسلمين والمركز الكاثوليكي، الأخوة والاخوات المشاركين في المؤتمر، إضافة للإعلاميين والمؤسسات الإعلامية العربية التي تتفق مع مبادئ الائتلاف، بهدف تعزيز التعاون والعمل الإعلامي العربي المشترك في مواجهة ممارسات الكراهية والتمييز عبر وسائل الإعلام.

 

وبعد انفضاض المؤتمر وعودة الوفود إلى بلدانها العزيزة، يسألنا كثيرون: وهل ستؤثرون لدرجة أن الكراهيّة ستنتهي عن وجه الميديا؟ نقول: إنّ لا أحد يدّعي امتلاك عصا موسى السحريّة، وإنّ الكراهيّة موجودة منذ أن وجد الإنسان على الأرض، ولا ننسى أن قايين (قابيل) قد قتل شقيقه هابيل، ابن لحمه ودمه، بسبب الغيرة والحسد والكراهيّة. فلا نستطيع بمؤتمر اليومين أن ندّعي إهلاك الكراهيّة وتفككها إلى غير رجعة. الأمر بحاجة إلى التنبّه لخطورة الكراهيّة التي لا تقف عند كونها كلمات فوق الشاشات، بل يمكن أن تتحوّل إلى عنف وقتل معنوي وجسدي وإرهاب، لذا يجب مواصلة السير في الدرب الطويل والشاق، ولعلّ في العمل الإعلامي العربي المشترك نجد خيرا وفيرا وجهودا طيبة وثمارا يانعة.

 

وبعد، فقد صدق الشاعر حين قال: «وداوني بالتي كانت هي الداء»، فالداء اليوم هو الاستخدام الخاطئ لوسائل التواصل الاجتماعي، بسبب نزعة فرديّة نحو الشر في قلب الإنسان تجاه أخيه، ويمكن أن تكون تيارًا جماعيًّا موجّهًا ويبطن حقدًا وحبًا للانتقام، مدفوعًا بالمال من أصحاب المال والسياسة، ولعلّ الشفاء يأتي أيضًا بالإعلام فيصبح أداة تعافٍ للبشرية وخدمة لـ«ثقافة اللقاء» عوضا عن «سخافة الاقصاء».

 

وفي مؤتمر عمّان، ووسط تغطية اعلامية محلية وعربية بشكل منصف وواسع، أدرك الإعلاميون حجم المسؤوليّة على أكتافهم، وتنادوا الى التربيّة على مستويين، الأول: وضع التربيّة الإعلاميّة ضمن مساقات دراسيّة وجامعيّة، والثاني: التنشئة على أخلاقيات وحُسن استخدام الوسائل الحديثة للاتصالات، لكي نقول في المستقبل: لقد تقدّمنا تقنيًّا وفنيًا، وتقدمنا كذلك أخلاقيًّا وإنسانيًّا وثقافيًّا.

 

زملاءنا الاعلاميين الأعزاء، إلى الأمام!