موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ١٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٧
’حديث مع بطرس في سنة لوثر‘.. قصيدة من ألمانيا للأب منويل بدر

ألمانيا – الأب منويل بدر :

هذه القصيدة للشاعر الأب منويل بدر، صاحب المقالات الوافية عن سبب انفصال الكنيسة البروتستانتية عن أختها الكاثوليكية قبل 500 سنة، والتي نشرناها على صفحة أبونا. وتعد هذه القصيدة خاتمة المقالات الخمسة وتاجها، إذ هي أمنية الكنيستين أن تفهما سر بعضهما البعض، وتسلكا طريقًا جديدًا في العلاقة والتفاهم مع بعضهما، تقودهما بالتالي إلى الوحدة المنشودة التي أرادها السيد المسيح لكنيسته.

أنا كاثوليكيٌّ مِنْ أبٍ إلى جَدٍّ ومِنْ أمٍّ إلى جَدّة
كما أخبروني وُلِدتُّ في هذي الدِّيانةِ المُمَجدة

تَعمّدّتُ وتربّيتُ على مبادِئِها وزُرْتُ مدارسها
ديني هو دينُ أبي وأمِّي ومًعلِّمي والكاهنِ فيها

أعْجَبَتْني الدِّيانةُ الكاثوليكيَّةُ وأَعْجَبَتْ قلبي وتفكيري
لذا أنا ما احْتَجْتُ الإيمانَ بِغيرِها لا ولا أيَّ تبريري

أخبروني أنَّ عُمّادي كانَ مُضْحِكاً لِكثيرٍ مِنَ الحضور
قَبْلَ غَسْلِ رأسي بِمائِهِ لَعِبْتُ بِهِ وباليَدِ شَرِبْتُهُ كالخمور

أما قالَ يسوعُ للسّامِريَّةِ مَنْ يَشربُ الماءَ الَّذي أعطيه
يَتحوَّلُ فيهِ إلى نَبْعٍ للحياةِ الأبديَّةِ فيبقى سعيداً بما أوتيه

عندما فَهِمْتُ هذا الكلامَ ورِأَيْتُ إلى ما وَصَلَتْ لهُ حياتي
عَرَفْتُ أَنّكَ أَنْتَ مِنْ طُفولَتي أسْقَيْتَني هذا الماءَ لسعادتي

أنتَ دعوتَني كما دَعَوتَ رُسْلَكَ الأوائِلَ بِكَلِمَةِ تعالَ واتبعني
أجْعلُ مِنْكَ صيّاداً للنّاسِ فلا تَهتَمَّ لأكلٍ وَشُرْبٍ فقطِ اسمعني

مَرَرْتُ في صِبايَ بِطُرُقٍ تَفَرَّعَتْ بعضُها كانَ مسدود
فكنت أعود إليكَ بضيقي وما شَعَرْتُ أنَّ طَلبي مردود

دَعّوْتَني لآخُذَ أصعَبَ الطُّرُقِ وَهْيَ طَريقُ الكهنوت
فما توانَيْتُ بلْ فَرِحْتُ بِنِداكَ رَغْمَ ما فيهِ مِنْ شموت

أحْبَبْتُ السَّيرَ على هذا الطَّريقِ فَهْوَ طريقٌ أمين
لا ظلامَ فيهِ فلا يُمْكِنُ لِعَدُوٍّ عَليهِ نَصْبُ أيِّ كمين

شَعرتُ أنِّي عليه بِأمانٍ رَغْمَ ما فيهِ مِنْ مُنعطفات
فالمناظِرُ شاسعَةٌ أمامي خلاّبةٌ قادَتْني إلى الصّلاة

إِنّي اخْترتُ هذا الطّريقَ إِذْ هُوَ مسارٌ إلى هدف
مَنْ سارَ عليهِ يَبْقى طَموحاً إذْ عليهِ جَوائِزُ شرف

أنا الطّريقُ والحقُّ والحياةُ ما أَحْلاها مِنْ كلمات
تَبْعَثُ على الإطْمِئْنانِ فَعَلَيْها للسَّيْرِ عِدَةُ إشارات

سِرْتُ عليها سِنينَ بأمانٍ واطْمِئنانٍ ووافِرِ النجاح
يوماً منِ اليمينِ ويوماً منِ اليسارِ احْتَجْتُ الكفاح

غير أني اقْتَصَرْتُ عَمَلي واهْتماميْ على الكاثوليك
إذْ أفْهموني يسوعُ في الدِّينِ لا يَقْبَلُ أكثرَ مِنْ شريك

في آخرِ المطافِ حَلِمتُ هذا الحِلْمَ الخياليَّ الرائع
ملاكٌ قادَني إلى بطرسَ حارِسِ بابِ السّماءِ شائع

بَعْدَ التَّحيَّةِ بِخُشوعٍ ورَسْمِ إشارةِ الصّليبِ على جبيني
قَدَّمْتُ نَفْسي لبطرسَ وسأَلَتُهُ باحترامٍ أنْ يَشْفيْ حنيني

سَمِعْتُ الجنَّةُ عِندكَ جميلةٌ فَهَلْ أتى إليها كثيرون مثلي
قالَ الْجَنَّةُ مَسكِنُ ربّي مَليئةٌ مِنْ كُلِّ مَنْ قالَ يسوعُ أملي

تَهلَّلْتُ وابْتَهَجْتُ بقلبي فهذيْ كانَتْ كُلَّ أمنيةِ حياتي
أنْ أجلسَ قُرْبَ إلهي الّذي مِنْ أجْلِهِ كرَّسْتُ إرادتي

يا بطرسُ أنا كاثوليكيٌّ فَلْيَكُنْ مُقاميْ عِنْدَ الكاثوليك
أدْهشني بطرسُ بِقَوْلِهِ ما عندي أيُّ جَناجٍ للكاثوليك

قُلْتُ يا بُطْرسُ أجْلِسْني إِذَنْ عِنْدَ الرُّومِ الكاثوليك
نفسي تشتاقُ لترانيمِهِمْ فأَلْحانُهُمْ رائِعَةٌ وتُرضيك

أدهشني بطرسُ بِقولِهِ ما عندي أيُّ رومٍ كاثوليك
إرْتبكْتُ واعْتذرتُ وقلتُ ألا اسْمَحْ ليْ أنْ أُحاكيك

أيُمكنُ يا بُطرسُ أن تُسْكِنَني عِنْدَ الأرمَنِ الكاثوليك
أَدْهشني بُطرسُ من جديدٍ لا سجلُّ لأرْمَنٍ كاثوليك

قُلْتُ يا بُطْرُسُ أجْلِسني إذَن عِنْدَ الموارِنَةِ الكاثوليك
أدْهشني بُطرسُ مِنْ جديدٍ لا سِجِلُّ لموارنةٍ كاثوليك

قُلْتُ يا بُطْرُسُ أجلِسني إذَنْ عِنْدَ الأقباطِ الكاثوليك
أدْهشني بُطرسُ مِنْ جديدٍ لا سِجِلُّ لأقباطٍ كاثوليك

قُلْتُ يا بُطْرُسُ أجْلِسْني إِذَنْ عِنْدَ السِّريانِ الكاثوليك
أدْهشني بُطرسُ مِنْ جديدٍ لا سِجِلُّ لِسريانٍ كاثوليك

قُلْتُ مُنْتَكِساً يا بُطْرُسُ ما الجنَّةُ هذي بلا كاثوليك
نَفْسي لا تَفْرحُ إلاّ بالصّلاةِ والتّرنيمِ عند الكاثوليك

فَهَلْ نَسيتَ عِندما سَألْتُكَ تُرى هَلْ هذي جنَّةُ الصالحين
قلت نعم كلُّ الّذينَ عبدوهُ على الأرضِ هُمْ هنا مُرفَّهين

إِذَنْ كيفَ يا بُطرسُ ما فيْ سَماكَ واحِدٌ مِنْ الكاثوليك
لا أرمنُ لا موارنةُ لا أقباطُ لا سريانُ فمن يعتني فيك

يا بُطرسُ مُرغماً أَخاكَ لا بطلْ أَجْلِسني قُرْبَ اللوثريين
هُمْ كانوا كاثوليكْ لَكِنْ بأمرِ لوثرَ انْشقُّوا بِسببِ الغفارين

هُنا أيضا أدْهشني بُطرسُ وقالَ لا ذِكْرُ للّوثريين عندي
لِكُلِّ سُكّانِ الجنَّةِ قلْبٌ واحِدٌ وَفَمٌ واحِدٌ والتّكْثيرُ لا يُجدي

ثُمَّ أضاف وقال يسوعَ ما أسَّسَ كنائسَ بَلْ كنيسةً واحدة
كماَ خلَقَ عالَماً واحِدًا وإنْ تَنَوَّعَتِ الأجْناسُ في القاعدة

ألا اعْرِفْ كنيسةُ يسوعَ لا تَعْرِفُ التَّمْييزَ لا ولا التّمزيق
أَنتُمْ أَضَفْتُمْ عليها الكنائسَ وهذا سَيْرٌ على عَكْسِ الطّريق

كنيسةُ يسوعَ واحدةً جامعةً مقدّسةً رسوليّةً لا تمييزَ فيها
كلُّ أتباعها مِنْ جنسيَّةٍ واحدةٍ لها دِيانَةٌ واحِدَةٌ هُوَ راعيها

ألا ارْجَعْ مِنْ حيثُ أَتَيْتَ واكْرِزْ وبشِّرْ ونادي بالتّجديد
ففي سَنَةِ لوثِرَ يَجِبُ أَنْ تَتقارَبَ الكنائِسُ ويَبدَأَ التّوحيد

(انتهى التأليف من هذه القصيدة يوم الأحد 17/09/2017، وأذيعت على أثير "راديو مريم" لأوّل مرة يوم الخميس 21/09/2017)