موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ٢٧ ابريل / نيسان ٢٠١٥
ولماذا الخميس وليس الأحد؟

أ. د. عصام سليمان الموسى :

قررت الجامعة الأردنية أن تعطل يوم الخميس، ولحقت بها جامعات أخر أو طالبت، فلماذا ليس يوم الأحد. ألم يدعو جلالة الملك في خطاباته، ومنها خطابه المؤثر أمام برلمان الإتحاد الأوروبي، إلى احترام معتقدات الآخرين؟ ألم يقل أن المسيحيين الأردنيين مكون تاريخي في المجتمع منذ أقدم العصور؟

من تاريخنا القريب: فانه حين توحدت الضفة الغربية مع شرقي الأردن عام 1950، واستمرت الوحدة حتى أنهتها هزيمة عام 1967، كانت مدارس الضفة الغربية في القدس وبيت لحم، كما سمعت، تعطل الجمعة والأحد أحتراماً لقدسية المكان، واحتراماً للعهدة العمرية. لقد كانت نسبة المسيحيين العرب في فلسطين عام 1918 بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى تزيد عن 20% من سكان بلغ مجموعهم 600 ألف فلسطيني، بينهم 1% يهود.

في عهد الإمارة، كانت نسبة المسيحيين الأردنيين تصل إلى 20% ولعبوا دوراً مهماً في التعليم والقضاء والطب والهندسة والزراعة والقوات المسلحة... لكن ما هي النسبة حالياً بعد 100 عام؟؟ وماذا عن الدعوات لترسيخ الوجود المسيحي في المنطقة، والأردن، بلاد المغطس وعماد السيد المسيح تحديداً؟.

يتناقص الوجود المسيحي في المنطقة العربية عموماً، بسبب الأحداث الإرهابية الجارية، بنسب مريعة. صحيح أن الهجرة للخارج لا تقتصر على المسيحيين، فهناك أعداد معتبرة من المسلمين تهاجر أيضاً. لكن تفريغ المنطقة من المسيحيين مطلب صهيوني بحيث يتحول الصراع في المستقبل إلى يهودي إسلامي، لا يهودي عربي.

هناك دول عربية في شمال افريقيا، ورغم عدم وجود مسيحي ملموس بها كما في المشرق العرب، تعطل دوامها يوم الأحد، وتعمل الجمعة، لأسباب مرتبطة بمصالحها. إن عطلة الأحد مفيدة اقتصادياً لأن الأسواق العالمية لا تغلق أبوابها يوم الخميس، بل يوم الأحد. فإذا عطلت مؤسساتنا يوم الخميس، فلا شك أن ذلك سيؤثر على الاقتصاد عموماً ونبدو كأننا نسير عكس التيار.

كانت الأردن دوماً سباقة في مجالات كثيرة: فالديمقراطية العربية الحديثة بدأت في الأردن عام 1989 قبل بقية الدول العربية، وفي معارك باب الواد عام 1948 خضب دم المسيحي أسوار القدس مثل دم المسلم، وكذلك في بقية المعارك الأرضية والجوية التي خاضتها قوات الجيش العربي المسلحة. فوق هذا فإن الأردن يشهد حواراً دينياً إسلامياً مسيحياً معمقاً وتعايشاً دينياً فريداً يرعاه حفيدالرسول العربي النبي محمد، صلى الله عليه وسلم، الشبل الهاشمي قائدنا المظفر الملك عبد الله الثاني والذي يرعى المقسات الإسلامية، والمسيحية مصداقا للذكر الحكيم: "إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه".

ان احترام قدسية يوم الأحد هو تعزيز للوجود المسيحيي العربي، في الأردن وخارجه، وهم الذين ما خذلوا امتهم يوماً في تاريخها منذ مجيء الإسلام الحنيف قبل خمسة عشر قرناً. هذا الأمر يوجب على مجلس النواب، قبل غيره، النظر في إقرار يوم الأحد عطلة رسمية إلى جانب يوم الجمعة، بدل السبت، ليبين للعالم فعلاً أن الأردن وطن التسامح والإخاء والتعايش المشترك، وعلى ثراه يكفكف أبنأؤه دموع اللاجئين المسيحيين العرب تماماً مثلما يكفكفون دموع اللاجئين المسلمين القادمين إلينا في وطننا المحدود الموارد من كل أرجاء الوطن العربي، فنتقاسم وإياهم لقمة العيش.

والجامعات الأردنية، بقيادتها للنهضة العلمية في الأردن، تستطيع ان تكون مؤثرة.

أخيراً: لو رجع السادة النواب لمحاضر جلسات ستينيات القرن العشرين لوجدوا أن هذا الموضوع طرح للنقاش بقلوب نقية، عربية الهوى، منفتحة على الإخاء المسيحي الإسلامي التاريخي الذي عاشه الأردنيون منذ أقدم الأزمنة، وتعمق منذ تأسيس الدولة عام 1921.