موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٠ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٩
هموم ومشاكل الشباب، اقتراحات لحلول مرحليّة

حمص - المطران ايليا طعمة :

تمهيد

"الشباب هم المستقبل" لطالما استعمل الجميع دون استثناء، وفي كافة المجالات، هذا التعبير عندما يتخاطب مع الشباب، لدرجة ملّ الشباب أنفسهم من سماعها وكأنها صارت عبارة تسويقية وماركة تجارية تنثر في الخطابات الجوفاء عادة لملئ الفراغ الفكري والمنهجي فيها. والأجدر بنا ملامسة هموم ومشاكل الشباب والبحث معهم عن حلها.

1. هموم الشباب

إن هموم ومشاكل الشباب في وقتنا الحالي هي بالضبط "المستقبل" الذي عادة ما ندعوهم لبنائه وصنعه. فالشباب اليوم حائر وخاسر. ففرص العمل قليلة هنا و"حلم" الهجرة يسيطر على العقل الشبابي. ويبدو هذا طبيعياً ومبرراً من وجهة نظر اقتصادية ومادية.

وأمام هذا الإحباط من الواقع، يخسر شبابنا الحاضر وبالتالي لن يكونوا قادرين على بناء المستقبل. ولقد قاد الإحباط السواد الأعظم منها إلى الغرق في عالم التسلية وتمرير الوقت بالمجان، فهم لا يشعرون انه ثمين أساساً. فليس غريبًا أن نرى الشباب يقضي أوقاته في المقاهي يدخنوا الاركيلة بيد ويمسكون الهاتف الذكي باليد الأخرى. إنه تخدير إرادي لوجع اليأس والقنوط وفقدان الثقة بالنفس.

ما يزيد الأزمة عمقًا أن أغلب الشباب ما عاد يكترث ومنذ زمن ليس بقليل بالجانب الروحي في شخصيته. وبالكاد تجد شابًا أو شابة اليوم تشغل العلاقة مع الله باله أو مرت عليه، ولو مرور الكرام. ما عاد الإيمان بالله، مع كل صعوباته، هاجسًا ولا حاجة في عصرنا اليوم.

2. ما هو الحل لمشاكل وهموم الشباب

طبعا لا أدعي هنا، ولا في أي حال من الأحوال، اني قادر على إيجاد حلول سحرية لكل مشاكل الشباب التي سبق ذكرتها، لأن حلها في يد جهات متعددة أولها الدولة العادلة. لكنني أحاول هنا التفكير إلى جانب الشباب ببعض الحلول، دون أي رغبة مني، حتى إذا خانتني التعابير، في إلقاء اللوم عليهم إطلاقاً فهم قست عليهم الظروف، كما فعلت بنا جميعًا.

الحل هو عند الشباب أنفسهم من خلال الإيمان بقدراتهم الذاتية وطاقاتهم الخلاقة. إنها روح الله الساكن فيهم "الذي يشفع فينا بآناتٍ لا توصف" (رو8: 26)، فلا يجب عليهم، على الأقل في هذا الجانب من المشكلة، انتظار حلول تأتي من خارجهم. الحل الذي اطرحه هنا واعتبره هو: بناء القدرات وتطوير الذات. فبينما تمر الحرب بظلها الثقيل على بلادنا، وريثما تعبر هذه السحابة الداكنة، تعالوا أيها الشباب تقضي هذا الوقت في تطوير الذات وتنمية المهارات المختلفة، حتى حينما ينجلي كسوفنا نكون جاهزين للانطلاقة فورا ودون الحاجة إلى العودة إلى نقطة الصفر من جديد.

وإني اقترح في هذا المجال العمل التطوعي كميدان لهذه الخطة الطموحة. إن التطوع طريقة مثالية لتفعيل مواهب الشباب وطاقاتهم. وهناك اليوم العديد من المنظمات المجتمعية والإنسانية التي تنشط في هذا المجال. ابحث لنفسك عن فرصة تخدم فيها نفسك والآخرين.

وسأقترح فيما يلي على أبنائي الشباب البرنامج التالي:

* خصص كل يوم نصف ساعة لموهبتك، اعمل أولاً على اكتشافها وتحديدها بشكل صحيح.

* تعلم أحد اللغات الأجنبية بطريقة ذاتية (بمساعدة الانترنت) أو دورات خاصة وخصص نصف ساعة لها كل يوم.

*خصص نصف ساعة في الأسبوع لتطوير مهارات التفكير والتواصل لديك.

* شارك في العمل التطوعي والاجتماعي في الكنيسة وخاصة المخيمات الصيفية.

* اختر لك أبًا روحيًا يساعدك في تطبيق ما سبق والمزيد ربما.

* ساهم في عمل تطوعي ما في قريتك أو أي مكان آخر، أو بادر إلى خلقه.

* لا تنسى أن تصلي تخصص نص ساعة كل يوم للصلاة والتأمل لتنجح في كل سبق.

أخيرًا، احرص على علاقة مباشرة وسليمة مع الله تعزز فيك الإيمان والرجاء الفاعل في حياتك حتى إذا ما فشلت كل محاولتك الأرضية يبقى لك الرجاء والإيمان مخرجاً وسبيلاً. " وَلْيَمْلأْكُمْ إِلهُ الرَّجَاءِ كُلَّ سُرُورٍ وَسَلاَمٍ فِي الإِيمَانِ، لِتَزْدَادُوا فِي الرَّجَاءِ بِقُوَّةِ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (رو ١٥ : ١٣). آمين