موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٢٢ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٤
قداس بدء إرسالية التعليم المسيحي في أبرشية أربيل الكلدانية
عنكاوا – ستيفان شاني :

بمناسبة بدء فعاليات التعليم المسيحي، احتفل المطران بشار متي وردة، رئيس أساقفة أبرشية أربيل الكلدانية، بالقداس الإلهي مع معلمي التعليم المسيحي، بحضور الآباء كهنة الرعايا، وذلك يوم الجمعة الموافق 21 تشرين الثاني، في كابيلا دير مار يوسف لرهبات بنات مريم الكلدانيات في بلدة عنكاوا. وتخلل الإحتفال رتبة صلاة خاصة بإلإرسالية، أعقبها تناول غذاء المحبّة في باحة الدير.

وفيما يلي النص الكامل لعظة المطران وردة:

"كما أرسلني الآب، أنا أيضاً أرسلكُم"

يجمعنا ملكنا وإلهنا اليوم ليُباركنا بقُداسهِ، ويُرسلنا مثلما أرسلهُ الآب: "كما أرسلني الأب، أنا أيضاً أرسلكُم" (يو 21: 20)، فيُحفز فينا مشاعر ومواقف تدفعنا للسير في طريق تقديس حياتنا، فخدمتنا ليست مهنة، بل دعوة اختارها الله لنا ليُعلّمنا من خلال مَن نُعلّهم، فنكون أول مَن يتعلّم من خدمة التعليم المسيحي، وهكذا يُنعِش فينا حياة الإيمان، ويزرع فينا لحماسة لنتقاسم خبرة الإيمان في وسط الجماعة.

أحبتي، عندما نخدُم كمعلمي للتعليم المسيحي، فنحن ندعو مَن نعلمهم ليسمعوا منّا: كم هو طيّبٌ الرّب. هذه الطيبة ليس فكرة، بل خبرة حياة، وإن لم نعشها حقاً، فهناكٌ أمرٌ يستدعي التوقف والتساؤل.

"كما أرسلني الآب، أنا أيضاً أرسلكُم". لنا أن نتأمل معاً في هذه المسؤولية التي يُكلفنا فيها ربّنا. فأول ما يجذب إنتباهنا، هو أن ربّنا أختار صفة الأبوة في تقديم الدعوة، فلم يقل لنا: كما أرسلني الله، أو أرسلني القدير، أو أرسلني الرب، مثلما تعوّدنا سماعهُ من أنبياء العهد القديم، بل أرسلني الآب، ليؤكد على مشاعر العناية والرعاية المُحبة التي يحملها هذا التكليف. فالمحبة الأبوية هي الدافع وراء هذا الإرسال، وهي ذاتها التي ستحملنا إلى تحقيق هذه المسؤولية بكل من تتطلّبهُ من جهد وإجتهادٍ، للتعريف بالله الآب.

أبوة تجعل من المسيحية "بُشرى سارة"، وتستدعي مُشاركة جميع الأبناء. أبوة الله تُذكرنا بأن المسيرة هي جماعية، فلهذا الأب أبناء، وهم إخوة وأخوات على الطريق. فالمسيرة ليس مُلكاً لأحد، بل هبة مُشتركة، ونداء يُحفز فينا المبحة للجميع، لمَن نتقاسم معهم هذه المسؤولية أولاً، فتُخلصنا من مشاعر الحسد، وتبعد عنّا شيطان الثرثرة والنفاق والإفتراء، لتربطنا في وحدة الروح، وتدفعنا للعمل بإبداع ونشاط خلاّق من أجل تكون كل حياتنا فرصة تعليم، فنستثمر الوزنات بكل ما ينفع ويخدم الرسالة، ولا تُستنزف الطاقات في قضايا تُشوه المسيرة. خدمة التعليم المسيحي ليست مقتصرة على يوم الجمعة، أو لقاءات الأخويات، بل تشمل كل حياتنا وشخصيتنا، بل أن يوم التعليم المسيحي هو تكليل لجهد أسبوع كامل حاولتُ فيه أن أعيش فيه: البُشرى السارة.

من هذا المنطلق أحببت أن تكون هذه السنة التي فيها دعنا إلهنا إلى أن نستقبل الآلآف العوائل التي هُجرّت قسراً من مناطق سُكانها، فجعلنا قريبين منهم ليقدسنا بما نُقدمه لهم من خدمة، أن تكون هذه السنة فرصة لتساؤلات إيمانية: ما هو تدبيرك أبوي أيها الله الآب في كل هذا؟ كيف لي أن أستقبل الله في لقاء المهجّر والمُشرّد؟ كيف لي ان أحمل المسيح لهم؟

ولكي لا نتيه في زحمة التفسيرات في هذه المسيرة، طلبتُ من الأب جنان أن يرافقكم روحياً فيكون المُصغي والمحفّز لتساؤلاوت إيمانية تجعل من المسيرة ذاتها: بُشرى سارة، وتدفعنا، مثل تلميذي عماّس للإنطلاق مُبشرين بما قدّمه الله الآب لنا في يسوع المسيح. أرفع الصلاة في هذه القداس من أجل أبونا جنان لنجاح خدمتهِ معكم، وأصلي من أجلكم لتكون هذه السنة زاخرة بالثمار. كما وأشدّ على عمل سكرتارية التعليم المسيحي، على عمل الأخت نعم كمورا ومتابعتها وحرصها على نجاح خدمتكم، وأصلي ليُباركها وأنتم جميعاً بما يجعل إرساليتكم كلمة شُكرٍ لله الآب الذي دعانا وأرسلنا لنُشبّر بمحبتهِ الأبوية.

كما وأرغب جداً أن تكون تأملات هذه السنة مركّزة على عيش الأسرار، تدبير الله الأبوي لنا، فأدعو الأب جنان وسكرتارية لجنة التعليم المسيحي لتُخصص لقاءات تنشئة وجلسات روحية للتأمل والحديث عن الأسرار، فنعيش نعمة عماذنا، ونتحمل مسؤولية مسحة الميرون، ونتغذى من أفخارستيا ربّنا، ونفرح بعُرس التوبة، وننتبه لاختيارات حياتنا، ونقدم ألمنا قُربان محبة لله الآب الذي أحب أن يرافقنا من خلال أسرار الكنيسة.

فليُباركنا جميعاً ويُبارِك خدمتنا لتمجيد إسمه، لتُساعدنا أمنا مريم لنسمع ونُصغي ونتعلّم ونُمجد وننطلق في خدمة الأكثر حاجة.