موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر الخميس، ١١ فبراير / شباط ٢٠١٦
في الاعتبار الإنساني

ابراهيم العجلوني :

نقلاً عن "الرأي" الأردنية

ربما كان «تحقيق الاعتبار» هو السبب الرئيس لافعال الانسان بعد أن يستوي في جبلته انساناً ويكون له من العقل ومن الارادة ما يتجاوز به الضرورة البيولوجية او يملكه زمامها..

ان النظرة المادية الضيقة الى الانسان، وحصر فاعليته بين حدّي الامتلاء والتفريغ هي المسؤولة عن اسقاط دافع «الاعتبار» لدى تفسير افعال الافراد والجماعات. كما ان تفسير الانسان بالحيوان هو ما يحول دون تفسيره بذاته.

إن مما يغيب عن بعض المتفلسفة أن القانون الذي يحكم المادة الصماء لا يصلح بحال لحكم الكينونة الحية، كما أن ما يحكم هذه الاخيرة لا يحكم «العقل والارادة» في الذات الانسانية ولا يفسّر احوالها.

إن ثمة عقلاً يتساءل ونفساً تضطرب وروحاً تتوثّب وتتوق وتشتاق.. وكل اولئك، من لدن بدء التمييز في الانسان متعلق على نحو أو آخر بتحقيق اعتباره او بالاعتراف به ذاتا مفردة ذات اعتبار. حتى وان كان قِوامُ هذا الاعتباران يكون جزءا حميما من أُسرة او قبيلة أو حزب أو كينونة سياسيّة.

إن لسان حال البنية النفسية للانسان هو «اعطوني اعتباري» وخذوا ما شئتم. ويظل بعد ذلك ان ننظر في تفاوت الاعتبارات، وفيما قد يقنع به إنسان دون إنسان من حيثيات الاعتبار.

ولعلنا هنا ان ننتبه الى مجمل حقوق الانسان ومجمل مقاصد الشرائع انما تنتهي الى «دائرة الاعتبار» هذه، فان تكاملت لها اسبابها استقر معنى الانسانية في الدول والمجتمعات، واتضح لنا القصد الإلهي في تكريم الانسان، وفي تفضيله، وتبين ان «احترام الانسان» من حيث هو انسان هو المدخل الرئيس الى احترام حقوقه.

ان حق الانسان في ان يكون «مُعتبراً» و«مكرّماً» و«محترماً»، سواءً أكان طفلاً أم امرأة، فرداً أم جماعة، أم شعباً من الشعوب, هو المدخل الصحيح الى ما يكثر الحديث فيه حيثيات وشرائع وأحكام وتفاصيل. واذا ما تنكّبنا هذا المدخل فقد زاورنا عن حقيقة هذا الانسان، وهدمنا اعتباره وساويناه بالبهيمة أو بما دونها، وساء ذلك سبيلاً..