موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٨ مايو / أيار ٢٠١٧
على دكة الإرهاب

رمزي الغزوي :

ونحن نتهيّأ بفارغ الحب لأستقبال شهر الرحمة والتراحم تلبستني غصة الغصات، حينما قررا أشرار أوباش إرهابيون أن يعتدوا على الحياة ويقتلوا البشرية جمعاء بقتلهم ركاب حافلة أقباط في صعيد مصر. وهذا ما جعلني أجار باكياً: يا الله هل مرّ طين الطغاة والإرهابيين من بين يديك؟.

لربما صام هؤلاء المجرمون يومهم الأول وبنادقهم ساخنة ودماء الشهداء على أياديهم، ولربما صلوا التراويح جماعة إمعانا بإهانة ديننا وتلطيخه. وهؤلاء لا يفرقون شيئا عن دواعش مواقع التواصل الإجتماعي. فماذا سيبقى من صبرك حينما تأتيك رسائل غاضبة مزنرة بعنف موقوت كبركان ومجللة بغباء سقيم: يا كافر كيف تترحم على غير المسلمين؟

سأترحم عليهم وسأبكيهم، وأحزن لهم وعليهم، وأعدهم بعض أهلي، وأتقبل العزاء بهم. سأترحم على كلّ من نال نيران حقدكم على الحياة، وعلى كلّ من تمتد إليه يد الغدر والكراهية، سواء كانوا في جامع أو كنيسة أو مطعم أو حديقة أو شارع. أنت يا هذا لست رباً لتحاكم الناس، وتقاضيهم وتصنفهم بين مؤمن وكافر ومسلم وغيره، أنت لست قيّماً على الحياة، بل أنت وباء عليها.

شخص واحد عقر ناقة صالح كما جاء في القرآن الكريم، ولكن الله تعالى قال: (فعقروها). لأن الجميع أقروه على فعلته وأيدوه و(طبطبوا) على ظهره وأوجدوا له مبررات لفعلته، فأشركهم الله بالفعل مع الفاعل، وكان لهم مثل جزاءه.

فحين نرى هذه السيول الجارفة على مواقع التواصل الإجتماعي، ونلمس التبرير المبطن للجريمة بالسكوت على إستنكارها، وأحيانا بمحاولة إيجاد مخارج تقلل من شأن فعلة نكراء كاعتداء سافر على ركاب عزل أو تفجير كنائس. كل هذا يعطي دافعية مبطنة لأمثال القاتل الذين ينتظرون على دكة الإرهاب.

بكل فمي أصدح: هؤلاء دواعش مع وقف التنفيذ، دواعش لكن الظروف لم تتهيأ بعد ليرفعوا أسلحتهم في صدورنا ونحورنا وحياتنا، أو يفجروا أحزمتم الناسفة بيننا وفينا. هؤلاء هم بذور داعشية تنتظر أن تلقى في أرض خصبة؛ لتنمو شجرة باطل تخنق الحياة وتثمر الظلام.

عقب كل عملية إرهابية يتفاقم حزني، حينما أرى من يصمت على الجريمة، ويبخل حتى بالترحم على الإبرياء، ولا يدين القاتل قولا صريحت بل يبحث في الأرض بمكر ودهاء ليجد مبررا يتعلق بها، فيلبس الجريمة ثوب الحق وكأنه يدين الضحية.

قال لي صديقي: لماذا تغضب وهؤلاء الدواعش لم يترحموا على الأبرياء الذي قنصهم الأرهاب في المساجد، فكيف تريدهم أن يترحمون على شهداء يتجهون إلى كنيسة، أو في مطعم أو محطات المترو أو مسرح؟