موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ١٧ يوليو / تموز ٢٠١٩
عائلة راديو مريم عراق – أربيل تجري حوارًا مع البطريرك ساكو
راديو مريم عراق – أربيل :

أجرت عائلة راديو مريم أربيل، لقاء مع البطريرك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل الأول ساكو، في مقر البطريركية الكلدانية الصيفي في بلدة عنكاوا بأربيل، على هامش مشاركته في الرياضة الروحية التي جمعت الأساقفة والكهنة تحت عنوان: "تعال وأنظر".

في البداية هنأ غبطته بافتتاح راديو مريم أربيل معتبرًا إياه نعمة لكل العراقيين بجميع انتماءاتهم مؤكدًا على ضرورة وجود صوت إعلامي مسيحي وسط هذا التنوع الديني الكبير ذو الغالبية المسلمة والذي يسهم في تثقيف وتوعية المجتمع بالقيم الإيمانية والأخلاقية وإزالة الشوائب والشائعات وتعريف الناس بروحانية وتلمذة مريم العذراء الأم والتي تعتبر مثالا لكل فتاة وكل امرأة، كما يوطد العلاقة والعيش المشترك.

كما تحدث غبطته عن صياغة خارطة طريق جديدة للمستقبل من أجل الحفاظ على الحاضر وخصوصية الأرض والتراث واللغة والايمان في خضم التحديات التي تواجه المكون المسيحي. وأكد أن هذا يعتمد على البقاء والتمسك بالأرض ولا يتحقق بهجرة المسيحيين لأنهم بعد سنوات سينخرطون في مجتمعات مختلفة ويواجهون تقاليدًا ولغة بعيدة عن أصالتهم تمهد لاندثارهم تدريجيًا ونسيان هويتهم الكلدانية السريانية الاشورية.

وفيما يخص عودة المسيحيين إلى الموصل، أجاب غبطته أن العودة الآن إلى الموصل تشكل صعوبة وعائقًا على المدى البعيد بسبب عدم استقرار الأوضاع الأمنية، مؤكدًا أن البيئة المتطرفة التي خلقها تنظيم داعش لأربع سنوات مضت لا يمكن أن تزول بسهولة رغم انتهاء العمليات العسكرية لكن الفكر المتطرف مازال يشكل تهديدًا وهذا ما يجب العمل من أجله من خلال توعية الناس فكريًا وثقافيًا وتحقيق العيش المشترك والمواطنة واحترام وقبول الآخر، بالإضافة إلى تغيير الدستور والقوانين التي تبنى على أسس مدنية وليست طائفية، وكذلك تسييس الدين أو تديين السياسة فكل هذه المفردات والمعالجات تمهد لعودة آمنة ومطمئنة، فالدين لله والوطن للجميع، وهذا ما يعطي للفرد كامل حقوقه بصرف النظر عن انتمائه أو دينه.

وبالانتقال إلى سهل نينوى وأهم المشاكل التي تواجه العائدين بما فيها التغيير الديموغرافي أردف غبطته: "نعمل على طمئنتهم من خلال مساعينا الحثيثة والمتواصلة وبجهود الكنيسة. أجرينا مع الحكومة المركزية سلسلة لقاءات مع رئيس الجمهورية والسيد هادي العامري والسيد ابو مهدي المهندس نتج عنها انسحاب الحشد الشعبي من مناطق سهل نينوى وقد استجابت الحكومة للحلول التي قدمناها، وبدأت العمل عليها، وهي خلق وحدات إدارية للمكونات منها المكون الشبكي الذي تعرض للظلم والمعاناة، والايزيدي وغيرها، حاثًا المسيحيين في نفس الوقت أن يكونوًا أكثر وعيًا حيال أرضهم ومناطقهم. وأكد عندما يصبح العراق عراقًا فإن المواطنة تتحقق فيه بدون حساسيات وفكر طائفي وتخندقات، فالعراق بدون المسيحيين ليس عراقًا وإذا بقي بلون واحد فهذا تطرف".

ودعى غبطة البطريرك ساكو جميع رجال الدين المسيحيين والمسلمين إلى صياغة لاهوت أو فقه من أجل المصالحة السياسية والمجتمعية واعتماد الغفران لأنه في حال تسيدت لغة الكراهية والانتقام فأننا سنظل نعيش بمرارة. يجب أن تطوى صفحة الماضي ونبدأ مرحلة جديدة حتى يتحقق الاستقرار. كما شدد على اشراك جميع المكونات في العملية السياسية وعلى رجال الدين أن يعملوا على توعية المجتمع إيمانيًا وأخلاقيًا ووطنيًا والخروج من هذا التخندق، واصفًا الوضع اليوم بالمستنقع الذي تسيطر فيه الطائفية والمحاصصة والميليشيات وتجارة المخدرات والاغتيالات والتزوير والفساد والبطالة والفقر، وهناك شباب يقدمون على الانتحار بسبب الاحباط واليأس، فعلى الجميع أن يتحمل المسؤولية وأن يساهم في بناء المستقبل الذي لا نأمل أن نخسره كما خسرنا الحاضر.

وعن الدعم الذي يمكن أن يقدّم للمسيحيين في العراق من دول الخارج، أكد غبطته هناك دعم سياسي من خلال الضغط على الحكومات في احترام شعوبها وألا تضطهدهم على أساس ديني أو اثني أو مذهبي واحترام حقوق الإنسان، فالدولة التي لا تحترم مواطنيها يجب أن يفرض عليها حصارًا ودعم مادي من خلال المساهمة في إعمار البلدات العراقية التي دمرت والتي يعجز العراق عن إعمارها، محملاً التحالف الدولي مسؤولية هذا الخراب نتيجة القصف، مؤكدًا أننا أمام مسؤولية أخلاقية في خلق المشاريع ومساعدة العائدين.

وفي الختام وجه البطريرك الكلداني الكاردينال لويس روفائيل ساكو رسالة لكل المسيحيين بالتمسك بأرضهم والصلاة لأمنا مريم بأن تحفظ العراق والعراقيين، متمنيًا التخفيف من لهجة التصعيد بين أمريكا وإيران لانها ستلقي بظلالها على المنطقة برمتها، ومتمنيًا السلام للجميع.