موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٣ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٦
زوايا كرة الأرض

رمزي الغزوي :

أربكني خبر أن باحثين أوروبيين توصلوا إلى أن كوكب الأرض غير منتظم الشكل، ولا يشبه الكرة بتاتاً، بل هو أقرب إلى شبه حبة بطاطا، تسبح في لجة الفضاء، وأن التباين في قوة الجاذبية الأرضية من مكان لآخر، هو سبب الاختلاف في جيولوجيا الأرض وشكلها.

يربكني الخبر ليس لأنني لا أقيم صداقة حميمية مع الرغيف الثالث لسكان الأرض (أقصد البطاطا) بعد رغيفيها: القمح والأرز. اربكني لأنه جاء مبهماً لم يحدد لنا نوع البطاطا التي تشبه كوكبنا. هل هي روسية مكتنزة؟!، أم بطاطا حلوة، ممطوطة كالتي نشويها فوق مدافئ الشتاء؟!، أم أنها (غورية) خشنة تشرب كثيراً من زيت القلي، لكن طعمها لا ينسى؟!، أم أنها بقاعية لبنانية رقيقة ملساء تسر الآكلين.

وهذا الإرباط سيعيدني إلى سؤالي المشاكس الذي فجرته في وجه معلم الصف الخامس الإبتدائي، بعد أن جاء بكرة زرقاء، وقال بعد النحنحة: هذه أرضكم، إنها تشبه الكرة!. وأنتم الآن تقفون هنا، ثم غطى بإصبعه خارطة الأردن بكاملها. عندها لم أسال عن سبب عدم إنسكاب مياه بحار سطح كرتنا، بل أشرت إلى القطب الجنوبي. وقلت: وهؤلاء الناس، كيف لهم أن يعيشوا ورؤوسهم إلى أسفل؟!. بالطبع لم أتلق إجابة بل صفعة مدوية، ظلت ترافق شغبي حتى الآن.

لم أقتنع يوماً أن الارض كروية الشكل. فما ينبغي لكوكب يعج بالحروب والكروب وقتل ودمار وأسلحة كيمياء أن يكون كروياً تماماً. فتاريخ الارض هو تاريخ الحروب والخسائر والقتل. ولهذا تمنيت ذات قصيدة أن يكون شكل الأرض مثل قلب إنسان، فلربما كنا أكثر حباً وأقل حرباً.

لا أعرف كيف كانت حالنا، لو أن الأرض على شكل قلب. لكني أعرف قول الإمام علي رضي الله عنه، من أن لله تعالى في أرضه آنية هي القلوب، فأقربها إليه تعالى، أرقها، وأصفاها، وأصلبها، ثم قال: أصلبها في الدين!، وأصفاها في اليقين!، وأرقها على الأخوان!. وأعرف قول الفيلسوف الألماني نيتشه على لسان زرادشت: إن الله لم تسعه السماوات والأرض، ووسعه قلب الإنسان، فإياك أن تكسر قلب إنسان!.

وللطفلة ميلان مورو رأي آخر في قصيدة لها تبنتها الأمم المتحدة منذ سنوات: (لو كانت الأرض مربعة؛ لوجدنا زاوية للاختباء، لكنّ الأرض كروية، فعلينا مواجهة العالم!). فيا طفلتي الرائعة. بماذا نواجه هذا العالم: بالحب أم بالحرب؟!. وماذا لو أن الارض كانت كقلب إنسان. وليس على شكل حبة بطاطا؟!. أم أن الأمر لن يكون ببساطة أغنيتنا الشفيفة: ع البطاطا البطاطا.