موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠١٨
جهود الدبلوماسية الفاتيكانية من أجل السلام

الفاتيكان نيوز :

مناسبة مرور مائة عام على نهاية الحرب العالمية الأولى نُظم مؤتمر في جامعة اللاتيران الحبرية بروما شهد مشاركة عدد كبير من الشخصيات الكنسية والعلمانية، من بينها أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين الذي ألقى مداخلة قدم فيها لمحة عن تاريخ النشاط الدبلوماسي للكرسي الرسولي إزاء تحديات العالم الجديد الذي أبصر النور بعد نهاية تلك الحرب الكبرى.

شدد نيافته على أن الكنيسة الكاثوليكية كانت منفتحة في تلك المرحلة على سلوك مسارات جديدة لافتا إلى أن البابا بندكتس الخامس عشر شبه الحرب بالانتحار بالنسبة للقارة الأوروبية عندما سقطت بعد نهاية الصراع أربع إمبراطوريات كبرى هي: الألمانية، النمساوية – المجرية، الروسية والعثمانية. وأشار نيافته في هذا السياق إلى المشاعر المناهضة للدين الكاثوليكي آنذاك والتي سعت إلى طرد الله والكنيسة من الفضاء العام ومن حياة الأشخاص، لكنه أكد أن الكنيسة كانت ترغب في ضمان احترام كرامة الكائن البشري وحقوق الضمير المسيحي. وقال بارولين إن البابا بندكتس الخامس عشر كان يتمتع بحدس هام سمح له بأن يُدرك أن الشعوب والأمم والمجتمعات ستصبح يوماً رائدة التاريخ.

مضى أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان إلى القول إن الكنيسة وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى شعرت بضرورة إطلاق نداء من أجل الحرية ومن أجل الدفاع عن الحقوق الأساسية لملايين الجنود الذين عادوا إلى الخنادق، فضلا عن ملايين النساء اللواتي أُجبرن على القيام بواجبات الرجال الغائبين. والأمر ينطبق أيضا على حقوق ملايين الأشخاص الذين عانوا من الصراع أكانوا من البورجوازية أم من أدنى الطبقات الاجتماعية. وشاء نيافته أن يسلط الضوء في هذا السياق على أهمية عمل الوساطة من أجل السلام والذي قامت به الدبلوماسية البابوية ناهيك عن النشاط الإنساني الواسع النطاق الذي استمر بسخاء كبير بعد نهاية الحرب، وقد اكتسبت البابوية في تلك الحقبة الزمنية سلطة خلقية بالنسبة للبشر.

في هذا السياق – تابع الكاردينال بارولين يقول – قرر البابا أن ينشئ شبكة مكثّفة من الدبلوماسيين عملوا بلا كلل من أجل السلام، وسعوا إلى تحسيس القوى العظمى على أهمية العدالة والمساواة في العلاقات بين الدول والشعوب مع الأخذ في عين الاعتبار التطلعات المشروعة للشعوب، وقد وردت هذه المبادئ في الوثيقة التي حملت اسم "مذكّرة سلام" وصدرت عن البابا بندكتس الخامس عشر في العام 1917. هذا ثم أكد نيافته أن الدبلوماسية الفاتيكانية تواصلت مع الثوار البولشيفيين وأطلقت مع هؤلاء مباحثات دبلوماسية من أجل السماح ببقاء الكاثوليكية على قيد الحياة في الاتحاد السوفيتي وقد باءت المحاولات بالفشل لكنها سمحت بإرسال "بعثة خيرية" ساهمت في إنقاذ أرواح ملايين الأشخاص.