موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأحد، ٢٨ مايو / أيار ٢٠١٧
المواقع الأثرية في ’أول دولة مسيحية‘ في العالم

يريفان – بي بي سي :

أرمينيا هي دولة صغيرة المساحة تقع في جنوب غربي آسيا، ويبلغ عدد سكانها نحو ثلاثة ملايين نسمة فقط. ورغم ذلك، لها مكانة كبيرة في التاريخ الروحي للمسيحية، إذ يرى غالبية المؤرخين أنها تبنت المسيحية كديانة رسمية عام 301 ميلادية، لتصبح بذلك أول دولة في العالم تُقْدِمُ على تلك الخطوة.

والآن، يعتنق المسيحية 95 في المئة من سكان أرمينيا، ويمكن تتبع تاريخ هذا البلد مع التدين عبر العديد من المواقع والآثار القديمة الموجودة على أراضيه.

الزعيم الروحي

وفقاً للأسطورة السائدة، كان غريغوريوس المنوِّر هو أول أسقف لكنيسة الأرمن الأرثوذكس، وهو نجل رجل نبيل يُدعى آناق، والذي اغتال ملك أرمينيا خوسروف الثاني، وأعدِمَ بسبب ذلك. لكن غريغوريوس نجح في الهروب إلى منطقة الكبادوك أو كبادوكيا، حيث رُبي على يد الأسقف القديس فرميليان.

وبعد أن بلغ أشده، عاد إلى مسقط رأسه، آملا في أن يُقنع الملك -ومن ثم رعيته- باعتناق المسيحية. لكن عندما عِلم ملك أرمينيا وقتذاك، تيريديتس الثالث -وهو نجل الملك القتيل- بعودة غريغوريوس؛ زج به في السجن وسعى لإجباره ليرتد عن المسيحية، لكنه رفض.

وبعد نحو 13 عاما من البقاء خلف القضبان؛ نجح غريغوريوس في إقناع الملك بمدى قوة الإيمان، ما أدى لاعتناق الملك للمسيحية. وفي عام 301 ميلادية، أعلن الملك تيريديتس الثالث المسيحية دينا رسميا لأرمينيا.

تقبع قلعة كارني على حافة جرف صخري قرب قرية تحمل الاسم نفسه في إقليم كوتايك بوسط أرمينيا. وقد شُيّدت القلعة في القرن الأول للميلاد على يد الملك تيريديتس الأول. ويسبق بناء المعبد الموجود بداخلها انتشار المسيحية في أرمينيا. ويُقال إنه كان مُشيّدا من أجل إله الشمس، بحسب الأساطير الأرمينية.

وبينما دُمِر الكثير من المعابد الوثنية بعد إعلان المسيحية ديانة رسمية لأرمينيا، كان المعبد الواقع في قلعة كارني من بين الأماكن القليلة التي نجت من هذا المصير. وفي الوقت الحالي، يشكل المعبد رمزا لحركة يُطلق عليها اسم "الوثنية الجديدة" في أرمينيا، والتي تمزج بين المعتقدات والديانات السابقة للمسيحية وتعاليم وشعائر وطقوس الدين المسيحي.

ويصل عدد زوار هذا المعبد سنويا إلى أكثر من 136 ألف زائر، ما يجعله أحد المزارات السياحية الأكثر شعبية في أرمينيا.

تُعرف مدينة فاغارشابات الأرمينية، الواقعة إلى الغرب من العاصمة يريفان، بأنها العاصمة الروحية للبلاد. وهناك تقع كنيسة القديسة جيانا، التي شُيّدت عام 630، وتُدرج حاليا على قائمة منظمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي.

وقد أُقيمت الكنيسة في الموقع الذي أُعْدِمتْ فيه سيدة تُدعى أبيس جايانا، بأمرٍ من الملك تيريديتس الثالث لاعتناقها المسيحية، وذلك في الفترة السابقة لتحول الملك نفسه إلى هذا الدين. وقد طُوّبت هذه السيدة قديسةً من جانب الكنيسة الأرمينية، ويقع قبرها تحت الكنيسة التي تحمل اسمها.

يقع دير "خور فيراب" في وادي آرارات بجنوب شرقي أرمينيا، وذلك في المكان الذي سجن فيه الملك تيريديتس الثالث غريغوريوس المنَوِّر لدى عودته إلى وطنه. وقد شُيّدت صومعة الرهبان هذه للمرة الأولى العام 642 فوق الزنزانة تكريما لـ"غريغوريوس"، قبل أن تُضاف إليها صومعةٌ أكبر وديرٌ في العام 1662.

ويشكل الدير الآن أحد أكثر المواقع التي يقصدها الزوار في أرمينيا. كما تشكل صومعته مقصدا للكثيرين ممن يريدون إتمام الزواج أو التعميد فيها.

يقع دير كيغارت إلى الشمال الشرقي من كارني، وهو مدرجٌ أيضا على قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي. وقد أُسس أقدم مباني الدير في القرن الرابع الميلادي على يد غريغوريوس المنَوِّر، عندما تحولت أرمينيا إلى المسيحية. ولكن هناك مباني أخرى في مجمع الدير، تعود إلى القرن الثالث عشر.