موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ٢٩ سبتمبر / أيلول ٢٠١٤
المسيحية العربية.. الصمود ومقاومة القلق

سميح المعايطة - الرأي الأردنية :

مثل العديد من مكونات المجتمع أو المجتمعات العربية دفعت المسيحية العربية ثمناً لما سمي بـ"الربيع العربي" بما حمل من مساحة ونفوذ متزايد للتطرف والإرهاب والفوضى الناتجة عن ضعف أو تفكك الدول والحكومات المركزية، ولأن المسيحيين عنوان من عناوين هوية عالمنا العربي الثقافية والسكانية والدينية فإن استهدافهم كان مقصوداً، ورأى فيهم أهل السوء والإرهاب "حلقة ضعيفة" من السهل أن يترك استهدافها آثار سياسية وإعلامية، بل كان إلحاق الأذى بالمسيحيين جزءاً من حملات ترهيب المجتمعات وبث الرعب من الاسلام السياسي، وربما كان مقصوداً استفزاز الغرب من خلال التهجير وكل عمليات الحاق الأذى بالمكون المسيحي في الإقليم.

والحكاية لم تبدأ وتنتهي في المجتمعات التي كان فيها الاستهداف بل امتدت حتى الى المجتمعات الآمنة الخالية من الاقتتال الديني او الاستهداف للطوائف والمذاهب، لهذا نجد قلقاً مسيحياً في العديد من الدول الآمنة ليس من واقعها الذي تعيش بل من اي احتمال لانتشار عدوى الفوضى والارهاب اليها.

وبعيداً عن اي خيال او مثاليات فإننا قد نجد تفسيراً لهجرات من أهلنا المسيحيين العرب داخل بلادهم المنكوبة او خارجها، لكن هذا يمكن ان يتم فهمه كردة فعل اولى، او سعياً للآمان وحفظ النفوس، ولا يغني عن مبادرة مطلوب من المسيحيين العرب كمكون اجتماعي عربي القيام بها، مبادرة صمود ومواجهة القلق بفعل وموقف عام، واصل المبادرة ان من يمسهم الأذى والاستهداف من الارهاب او الفوضى ليس فقط المسيحيين بل كل المجتمع، وان كان هذا لا يقلل من المعاناة الخاصة للمسيحيين العرب وتحديداً في سوريا والعراق.

والأمر الآخر، ان الرد على هذا الارهاب يكون بتعزيز صمود المسيحية العربية على ارضها ومقاومة خيار الهجرة هروباً من التهجير، ولعل من الضروري ان نتوقف عند بعض ما قاله جلالة الملك خلال زيارته الاخيرة لنيويورك بأن المسيحية العربية مكون من مجتمعاتنا وجزء من الماضي والحاضر والمستقبل، والمستقبل يعني مقاومة القلق وخيار الهجرة وهو ما يريده اهل الارهاب وآخرين واصبح بديهياً القول ان المسيحية مهدها ومنطلقها الارض العربية وليس الغرب، فالمسيح عليه السلام وامه مريم العذارء عليها السلام ومولدهما وسيرتهما ورسالة المسيح هنا على ارضنا وليست في بلاد الغرب.

مطلوب من المسيحية العربية التي نقدر لها حسن انتمائها لعروبتها وحضارة الامة ان تنتقل الى مرحلة الفعل والرد على الارهاب والاستهداف والفوضى بتكوين حالة مقاومة لفكر القلق وخيار الهجرة والتهجير، وهذه المبادرة قد يكون فيها الكثير من التفاصيل حول دور الكنائس والشخصيات الوطنية والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية المسيحية، فالمسيحية العربية تتعرض للظلم لكن لا يجوز الاستكانة لدور الضحية والاستسلام للمخاوف والقلق وممارسة الهجرة، فقوة المسيحية العربية قوة لدولنا ومجتمعنا وهي جزء من الحرب على الارهاب.. ننتظر هذا الفعل المبادر.