موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الثلاثاء، ٢٢ يوليو / تموز ٢٠١٤
العراق وسوريا.. عنف مستمر ونزوح متواصل.. وكنائس دونما قدّاس

عمّان - علي الذهبي :

هنا على أرض يوحنا المعمدان اجتمعوا. ثلاثة مسيحيين: عراقي وسورية وعراقية، شاءت الأقدار أن يلتقوا في الأردن بعد أن فروا من بلادهم هرباً من العنف، لكنهم أصروا على الإقامة قرب الديار لعلهم يسمعون أصوات أجراس كنائس كانوا يصلّون فيها قبل حين.

- زياد وليد (33 عاماً) منتج أخبار في قناة دجلة الفضائية

"زياد وليد" مسيحي ثلاثيني من البصرة الفيحاء، أقصى جنوب العراق، بدى شاحباً أنهكته الغربة وهو يختزل معاناة رافقته منذ عقد من الزمن:

"في العراق ومنذ العام 2003 ونحن نعيش في حالة من الرعب والخوف من المجهول، نحن هدف سهل لجميع المسلحين من مختلف الإيدلوجيات في عموم المدن، كما أن الجهل بتعاليم الدين لدى البعض ساهم في تنفيذ أجندات باتت واضحة تهدف الى إفراغ العراق من المسيحيين، غادر الآلاف إلى دول عربية مجاورة ومنها إلى اوروبا وأميركا هرباً من الموت، ولا يزال المئات يحدوهم الأمل في مناطق قد لا تكون أكثر أمناً من المدن التي هجروا منها قسراً، نحن نعلم أن الاستهداف لم يكن يقتصر على المسيحيين، ولكننا للأسف وقبل زمن قريب كنا أقلية ثم أمسينا اليوم قصص تروى وتاريخ مخضب بالدم كما جسد السيد المسيح".

- مارلين شكيب (26 عاماً) مذيعة اخبار في قناة دجلة الفضائية

"مارلين شكيب" سمراء من قوم عيسى تسلل الدمع من مقلتيها وهي تستذكر دمشق وأيام الصبا:

"منذ صغري رأيت في العالم العربي تآلف وتعايش بين جميع مكوناته، ولم أكن أفكر من منطلق مسيحي أو مسلم، وكنت أتجه للمعنى الحقيقي للإنسانية ولم يعني لي الدين سوى قانون ومعاملة حسنة، والآن تدهشني أفكار لامنطقية انتشرت مع قليل من الجهل الحاصل عند قلة من المجتمع العربي، باعتقادي هم مسيرون من الغرب تجاه زرع الفتنة وإفراغ الشرق الأوسط من مسيحييه الذين لا يعترف بهم الغرب أصلاً، فلا نسمع عبر وسائل الإعلام عن الفاتيكان ورؤساء الدول الغربية التي تتمتع بحكم مسيحي سوى الإستنكار والشجب!، لذلك وبرأيي الخاص الإستهداف هو لعروبتنا قبل أن يكون لديننا والدين هو الوسيلة، بالنسبة لقيادات الدولة الإسلامية في العراق والشام والتي تستهدف المسيحيين وغيرهم، هم ليسوا سوى جهلة مسيّرين وليس لهم أرتباط بالله عز وجل لا من قريب ولا من بعيد، فالذي يعرف الله يتمتع بالرحمة والفطنة على أقل تقدير، فنور الرب يصنع المعجزات في العقول، أما بالنسبة لهم فظلام الجهل غطى على عقولهم وقلوبهم... من جعلهم جنود الله على الأرض ولدى الرب آلاف مؤلفة من الملائكة!؟

- لونا بولص (30 عاماً) مقدمة برامج في قناة دجلة الفضائية

"لونا بولص" بغدادية ورثت حُسن فاتنة بغداد وساره خاتون، ومعاناتهن هي ذاتها وإن تعاقبت الأجيال:

"الفاجعة التي نراها اليوم يعيش مأساتها أبناء جلدتي من المسيحيين، ورغم أن لهم أرث بلاد الرافدين لكنهم هجروا قسراً وارغموا على ترك مساكنهم وأموالهم وأعمالهم، أصحابهم، ذكرياتهم، جيرانهم، ابتسامتهم ودموعهم.

استولى المجرمون على كل ما يملك المسيحيين في الموصل حتى الكنائس والأديرة لم تسلم منهم، كنا قبل زمن نحيا ونقتسم رغيف الخبز مع من كان حولنا، واليوم يقف الأخوة المسلمين وقفة مشرفة، بعد أن باتت منازلهم سكناً آمناً لإخوتهم المسيحيين الذين شاركوهم موائد الإفطار، غادرت العراق قسراً ولم أرحل بعيداً لعل وعسى أن يجمعنا به لقاء قريب، يقول السيد المسيح "لا تقاوموا الشر بالشر بل قاوموا الشر بالخير"، هذا ما تعلمانه وهذا ما فعله المسيحيون في الموصل.. لكنهم غادروا آسفين!".

ومع تواصل القتال في العراق وسوريا، يواصل المسيحيون هجرتهم هرباً من العنف، شأنهم شأن ملايين المسلمين، فلم يفرق الموت هنا بين من يحمل الهلال أو الصليب.. وسط أزيز الرصاص تلت كنائس الشام ترانيم دمشقية في آخر قدّاس، وفي عاصمة آشور "نينوى".. أحدٌ مضى دونما أن تقرع للصلاة الأجراس!.