موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأحد، ٣٠ أغسطس / آب ٢٠١٥
البطريرك الراعي: ما يشهده لبنان هو نتيجة تفشي "هيكلية خطيئة"

الديمان – أبونا :

قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، اليوم الأحد أن "الحالة المأساوية التي وصل اليها لبنان هي نتيجة لتفشي الذهنية الاستهلاكية المادية والسياسية والأخلاقية التي تحتل الأولوية على حساب قيام الدولة القادرة بمؤسساتها الدستورية والعامة. وهي المآرب الشخصية المادية والسياسية التي تعطل انتخاب رئيس للجمهورية منذ سنة وخمسة أشهر كاملة، وتحمي الجرائم والفوضى الأمنية والفساد وسلب المال العام، وتستهتر بحياة المواطنين وتحرمهم من أبسط حقوقهم الأساسية".

وأضاف "لهذا السبب، قامت التظاهرات الشبابية والشعبية المحقة من المجتمع المدني في العاصمة اللبنانية وعواصم بلدان الانتشار. فلا يمكن ولا يجوز أن تميّع في مطالبها بالطرق الكاذبة، ولا أن تنحرف هي عن هدفها الأساسي وهو المطالبة برجال دولة يمارسون السياسة النبيلة القائمة على الحقيقة والعدالة والتجرد والتفاني في تأمين الخير العام بكل أوضاعه الاقتصادية والمعيشية والصحية والأمنية، وبكل مقتضياته التشريعية والاجرائية والإدارية والقضائية. ولكن، من أجل البلوغ إلى هذه الغاية، يجب الدخول من الباب المؤدي اليها، وهو انتخاب رئيس للجمهورية فوراً".

وتابع البطريرك الماروني، في قداس الأحد الذي ترأسه في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، لقد "اتسعت الخطيئة الشخصية الى أن أصبحت خطيئة اجتماعية، وأضحى المجتمع يعيش في هيكلية خطيئة، على ما يقول القديس البابا يوحنا بولس الثاني في إرشاده الرسولي "المصالحة والتوبة في رسالة الكنيسة اليوم"، موضحاً أن الخطيئة الاجتماعية هي مجموعة خطايا شخصية لم يتب عنها أصحابها، فولدت واقع "هيكلية خطيئة".

وقال: "هذه كلها من نتائج الذهنية الاستهلاكية السائدة، والآخذة بالاتساع، والتي نبه إليها قداسة البابا فرنسيس في رسالته العامة "المحافظة على بيتنا المشترك". فقال إنها تجعل الإنسان في سعي دائم إلى تكديس خيرات الأرض لنفسه، وتلبية رغباته وميوله، أمشروعة كانت أم غير مشروعة، من دون أي اعتبار للشريعة الالهية والأخلاقية. هذا الشخص، اذا سعى إلى السيطرة في المجتمع، لا يحترم أية قوانين تعاكس مصالحه الشخصية".

وخلص الكاردينال الراعي إلى القول أن "الذهنية الاستهلاكية لا تتوقف فقط عند المأكل والمشرب والملبس ومقتنيات هذه الدنيا، وميول الحياة وانحرافاتها، لكنها تتسع لتشمل الساعين بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة إلى الحصول على السلطة والاحتفاظ بها، وإلى النفوذ والاستكبار. ولتشمل أيضاً أهداف أمراء الحرب، من دول وتنظيمات إرهابية، ومصالحهم، كما هي الحال في العراق وسوريا واليمن وفلسطين وسواها. وهي مصالح أصبحت واضحة في أهدافها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية".