موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ٨ يوليو / تموز ٢٠١٧
البابا لمجموعة العشرين: يكفينا هذه المذابح عديمة الفائدة! الحرب ليست حلا أبدًا

بقلم: سلفاتوري سيرنوزيو ، ترجمة: منير بيوك :

"يكفينا هذه المذابح عديمة الفائدة! الحرب ليست حلا أبدًا". يترك هذا النداء الذي أطلقه بندكتس الخامس عشر بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى صدى في رسالة البابا فرنسيس إلى رؤساء مجموعة العشرين الذين اجتمعوا في هامبورج بألمانيا في السابع والثامن من تموز الحالي. يرغب البابا فرنسيس في أن يلفت انتباه القادة إلى المآسي التي يعاني منها الناس والأمم، مثل تلك التي في جنوب السودان، وحوض بحيرة تشاد، والقرن الأفريقي واليمن، "حيث يعاني ثلاثون مليون شخص من عدم وجود الطعام والماء الذي يبقيهم على قيد الحياة".

ومستذكرًا شومان، ودي جاسبيري، وأديناور، ومونيت، طلب الحبر الأعظم من القادة العالميين أن يلتزموا بصورة جدية "برفض الصراعات المسلحة ووقف سباق التسلح"، حيث أن ذلك "يجلب إلغاء الغير، والهدر، وحتى الموت"، وأن يعطوا الأولوية "للفقراء، واللاجئين، والذين يعيشون المعاناة، والمشردين والمقهورين دون تمييز على أساس العرق أو الدين أو الحضارة". وفي الرسالة التي وجهها إلى المستشاره الألمانية أنجيلا ميركل، قال إن "الهدف النهائي هو تشكيل حقبة جديدة من التنمية المبتكرة، والمترابطة، والمستدامة والمراعية للبيئة، والشاملة لجميع الشعوب والأفراد".

وعلى وجه الخصوص، فإن بيرغوليو، الذي أعرب عن تقديره للجهود التي تبذل من أجل "ضمان حاكمية الاقتصاد العالمي واستقراره"، يتابع مشكلة الهجرة العالمية، وهو الموضوع الرئيسي للقمة. كما يقول "أنه حدث دراماتيكي لا يمكن فصله عن قضية الفقر التي تفاقمت بسبب الصراعات المسلحة مما يدل على خطورة المشاكل العالمية وتعقيداتها وترابطها بحيث لا يوجد هنالك حلول فورية ومرضية تمامًا".

ولذلك، فإن اقتراح فرنسيس يكمن "بالقيام بعمليات تمكن في تقديم حلول تقدمية وليست صادمة، تؤدي في وقت قصير نسبيًا إلى حرية التداول وإلى توطين أشخاص يصب في صالح الجميع". ويضيف: واليوم، "الوقت أعظم من فضاء الكون، كما أن هذا التوتر بين المكان والزمان، وبين الحد والامتلاء يتطلب حركة عكسية تمامًا في أذهان قادة الحكومات والأقوياء". ففي قلوبهم وعقولهم، هناك حاجة إلى إعطاء "أولوية مطلقة" للفقراء واللاجئين، دون تمييز. لأن حلا فاعلا يدوم بالضرورة مع مرور الوقت، سيكون ممكنًا "إذا كان الهدف النهائي للعملية واضح في تخطيطه فقط".

ثم وجه البابا نداءً قلبيًا للحالات المأساوية في جنوب السودان، وحوض بحيرة تشاد، والقرن الأفريقي، واليمن. "إن الالتزام بالوفاء بهذه الحالات على وجه السرعة وتوفير الدعم الفوري لتلك الشعوب سيكون علامة على الجدية والإخلاص التزام في مدة زمنية لإصلاح الاقتصاد العالمي وضمان التنمية السليمة".

في رسالته، يقول أسقف روما "إنه يشعر بأنه ملزم بأن يطلب من العالم أن يضع حدًا لكل هذه 'المذابح عديمة الفائدة'. ويستذكر رسالة بندكتس الخامس عشر لقادة الشعوب المتحاربه، ويقول: "إن الحرب ليست حلا على الإطلاق. يجب أن تلتزم جميع الأطراف بتخفيض مستويات الصراع إلى حد كبير، ووقف سباق التسلح الحالي والتخلي عن المشاركة المباشرة أو غير المباشرة في الصراعات، فضلا عن الاتفاق على مناقشة خلافاتها بصدق وشفافية".

"ترمي مجموعة العشرين والاجتماعات السنوية الأخرى المماثلة إلى حل الخلافات الاقتصادية سلميًا وإلى الاتفاق على قواعد مالية وتجارية مشتركه تسمح بالتنمية المتكاملة للجميع من أجل تنفيذ خطة عام 2030 وأهداف التنمية المستدامة". ويقول البابا: "لكن ذلك لن يكون ممكنًا" مؤكدًا على "هذا التناقض المأساوي وعدم الاتساق في الوحدة الواضحة اللتان تم التعبير عنهما في المحافل المشتركة حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية، وقبول النزاعات المسلحة بشكل نشط أو سلبي".

كما يحذر بيرغوليو من "الأيديولوجيات الجديدة من الاستقلالية المطلقة للسوق والمضاربة المالية" التي حلت محل الأيديولوجيات المشؤومة في النصف الأول من القرن العشرين". ويقول: "في أعقابها المأساوي، هذه تجلب الاستبعاد، والنفايات، وحتى الموت". ومن أجل التصدي لها، من الضروري التمسك بتلك "البراغماتية الصحية والحكيمة" التي حددت النجاحات السياسية والاقتصادية للقرن الماضي، "مسترشدة بأولوية الإنسان ومحاولة دمج التنوع وتنسيقة وفي مرات عديدة معارضة الحقائق على أساس احترام كل مواطن". هذه البراغماتية نفسها مستقاة من آباء أوروبا وجميع "القادة الأوروبيين والعالميين الذين أعطوا باستمرار شرف مكان للحوار والسعي لإيجاد حلول مشتركة".

وفي الختام، يدعو فرنسيس إلى توجيه نداء مباشر إلى مؤتمرات قمة مجموعة العشرين، مطالبًا إياها بتوسيع تفكيرها وعدم التركيز فقط على "العدد الصغير من البلدان التي تمثل تسعين بالمئة من إنتاج الثروة والخدمات في جميع أنحاء العالم"، ولكن أيضًا بالتفكير في "تلك الدول والأفراد ذوي الأصوات الضعيفة على الساحة السياسية العالمية الذين يعانون أكثر من غيرهم من الآثار الضارة للأزمات الاقتصادية التي يتحملون فيها مسؤولية صغيرة أو لا يتحملون أية مسؤولية". وفي الوقت نفسه، يؤكد الحبر الأكبر أن "الأغلبية، التي من الناحية الاقتصادية تمثل عشرة بالمئه فقط من مجملها، هي جزء من البشرية التي لديها أكبر الإمكانات للإسهام في تقدم الجميع". ومن هنا جاءت الدعوة "للإشارة باستمرار إلى الأمم المتحدة، وبرامجها، والوكالات المرتبطة بها، والمنظمات الإقليمية، إلى احترام المعاهدات الدولية، ومواصلة تشجيع اتباع نهج متعدد الأطراف، حتى يصير بالإمكان إيجاد حلول حقيقية عالمية ودائمة تجلب الفائدة للجميع".