موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٨ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠١٨
البابا في تعليمه الأسبوعي: الإهانة، والاحتقار، والكراهية تقتل

بقلم: إياكوبو سكاراموزي ، ترجمة: منير بيوك :

"لجرح إحساس طفل ما تكفي جملة في غير محلها؛ ولجرح امرأة ما يكفي تصرُّف بارد؛ ولفطر قلب شاب ما يكفي أن نحرمه الثقة؛ ولتدمير رجل ما يكفي تجاهله. إنَّ اللامبالاة تقتل". خلال المقابلة العامة، أشار البابا فرنسيس إلى أن الرب يسوع يكشف عن "معنى أعمق" بالوصية الخامسة التي تدعو إلى "عدم القتل"، ويضع الإهانة، والاحتقار، والكراهية "على نفس مستوى القتل". عندئذ، فإن عدم ارتكاب القتل "يعني تقديم العناية والاهتمام، والتشجيع، كما تشمل المسامحة"، "إنها دعوة إلى المحبة". قال جورجي ماريو برجوليو للمؤمنين في ميدان القديس بطرس: "إن المعادن، والنباتات، وحتى هذه الحجارة لا تخطىء. لذلك فالمطلوب من الإنسان المزيد" في صنع الخير.

استمرارًا لتعليمه المستمر حول الوصايا العشر، انتقل البابا للحديث عن هذه الوصية معبرًا عن التفسير الذي قدّمه الرب يسوع، بموجب إنجيل متى (5: 21-24)، علمًا أنه في الأسبوع الماضي كرس تعليمه كذلك عن الوصية الخامسة مقارنًا إياها كمثل الإجهاض العلاجي، أي بتوظيف شخص يقوم بالقتل المأجور.

يضيف البابا: "يكشف الرب يسوع لنا معنى أعمق لهذه الوصية. فيؤكد أنه في حضرة محكمة الله، يكون الغضب ضد أخ أو أخت شكلا من أشكال القتل. لهذا السبب، يكتب الرسول يوحنا بأنه من يكره أخيه أو أخته هو قاتل بالفعل. لكن الرب يسوع لا يتوقف عند هذا. ففي نفس المنطق يضيف أنه حتى الإهانة والإزدراء تستطيع أن تقتل". ويستكمل حديثه: "لقد اعتدنا على توجيه الإهانة. هذا صحيح، فالإهانة تأتي إلينا كما لو أنها زفير هواء. يخبرنا يسوع: توقفوا عن فعل ذلك. لأن الإهانة تؤذي وتقتل. وفي الحديث عن الإحتقار عند القول "لكن أنا... هؤلاء الناس، أنا أحتقرهم"، فإنها وسيلة لقتل كرامة الشخص. سيكون من الأجمل لو يخترق تعليم يسوع هذا العقل ويصل إلى قلب كل واحد منا، بحيث نقول: لن أهين أحدًا أبدًا. سيشكل ذلك نوايا حسنة. يخبرنا يسوع: أنظر، إذا ما ازدريت أو كرهت، فإن ذلك جريمة قتل. ليس هناك شريعة بشرية تساوي بين مثل هذه الأفعال المختلفة من خلال مسواتها بنفس درجة الحكم".

ويضيف: "يدعونا الرب يسوع بإصرار على التوقف عن تقديم الضحايا في الهيكل إذا علمنا أننا قمنا بالإساءة إلى أخ أو أخت، بل يجب أن نذهب للعثور عليهم والتصالح معهم. وعندما نذهب إلى القداس يجب علينا أيضًا أن نلتزم بموقف المصالحة مع الأشخاص الذين واجهنا مشاكل معهم، أو كان لدينا أفكار سيئة نحوهم، أو أننا قد قمنا بإهانتهم". وبدلاً من ذلك، "ففي كثير من الأحيان، وبينما ننتظر حضور الكاهن لإقامة القداس، فإننا نتحادث قليلا ونسيء في حديثنا للآخرين. لا يمكن فعل ذلك. فلنتذكر أهمية الإهانة، وأهمية الاحتقار، وأهمية الكراهية؛ إن الرب يسوع يساويها بالقتل".

تابع البابا حديثه لمعنى تعاليم الكتاب المقدس قائلاً: "يملك الإنسان حياة نبيلة، وحساسة جدًا، ويمتلك كلمة ’أنا‘ خفية لا تقل أهمية عن كينونته. وبالتالي لجرح إحساس طفل ما تكفي جملة في غير محلّها؛ ولجرح امرأة ما يكفي تصرّف بارد؛ ولفطر قلب شاب ما يكفي أن نحرمه الثقة؛ ولتدمير رجل ما يكفي تجاهله. إنّ اللامبالاة تقتل. إن ذلك مثل القول لشخص ما: أنت ميت بالنسبة لي، لأنك قتلته في قلبك. زوال المحبة هي الخطوة الأولى للقتل، كما أن عدم القتل هو الخطوة الأولى للحب".

وقال: إن "القاتل الأول" هو قايين. فبعد أن سأله الرب عن مكان وجود أخيه أجاب: "لا أعرف. أحارس لأخي! بهذه الطريقة يتكلم القتلة، وذلك بالقول هذا لا يهمني. إنه شأنك، وأشياء مشابهة. لنحاول بدورنا الإجابة على هذا السؤال: هل نحن حرّاس لإخواننا وأخواتنا؟ نعم نحن كذلك! نحن حرّاس لبعضنا البعض! وهذا هو طريق الحياة، طريق عدم القتل. إن الحياة البشرية تحتاج إلى الحب. وما هو الحب الحقيقي؟ إنه الحب الذي أظهره لنا المسيح، أي الرحمة. الحب الذي لا يمكننا الاستغناء عنه، إنه الحب الذي يغفر ويقبل من أساء إلينا. لا يمكن لأحد أن يحيا بدون رحمة. وجميعنا بحاجة إلى المغفرة".

وأضاف: "وبالتالي، فإن كان القتل يعني تدمير وسحق شخص ما فلا تقتل تعني العناية والاهتمام والادماج والمسامحة. لا يستطيع أحد أن يخدع نفسه قائلاً: ’أنا بخير لأنني لا أفعل أي شيء خاطئ‘. هكذا تكون حياة المعادن، والنباتات، والحجارة التي لا تخطىء، فلديها هذا النوع من الوجود، في حين أن الإنسان ليس لديه ذلك. المطلوب من الإنسان هو المزيد. هناك عمل جيد يجب القيام به، وقد تم إعداده لكل واحد منا، كل واحد منا، مما يجعل منا أنفسنا حتى النهاية". إذًا الوصية "لا تقتل هي نداء إلى الحب والرحمة. إنها دعوة للعيش بحسب الرب يسوع الذي بذل حياته من أجبنا، ومن أجلنا أيضًا قام من الموت". واقتبس البابا قول قديس: "عدم الإضرار بالغير جيد، ولكن عدم عمل الخير ليس جيدًا. لذلك يجب علينا دائمًا أن نفعل الخير".

وفي نهاية كلمته، استقبل البابا الحجاج البولنديين الذين جاءوا إلى روما للاحتفال بالذكرى الأربعين لانتخاب يوحنا بولس الثاني يوم 16 تشرين الأول 1978. قال البابا: "تصفيق حار للقديس يوحنا بولس الثاني. إن الكلمات التي نطق بها في يوم تنصيب بابويته تصلح لكل وقت. فقد قال: ’لا تخافوا. شرعوا الأبواب للمسيح‘. أرجو أن تستمر هذه الكلمات في إلهام حياتكم الشخصية، والعائلية، والاجتماعية. لعلها تشجعكم على اتباع المسيح بأمانة، لتروا وجوده في العالم وفي الآخرين بخاصة في الفقراء وفي الذين بحاجة للمساعدة. الإنسانية، في الواقع، كما علّم البابا البولندي، هي الطريق إلى الكنيسة".

ثم قدم فرنسيس التحية ضمن آخرين إلى الأفراد العسكريين والمدنيين التابعين لقيادة القوات الجوية، ووفد "أفراد العائلة"، ومركز مساعدة الأطفال الإيطالي، وجمعية الأطفال ذوي الإعتلال الدموي، وجمعية فيلا سان فرانشيسكو. واختتم البابا فرنسيس كلامه بالإشارة إلى أن اليوم توجد الذكرى الليتورجية للقديس إغناطيوس الأنطاكي، الأسقف والشهيد في روما، حيث قال: "دعونا نتعلم من هذا أسقف سورية القديمة شجاعة الشهادة لإيماننا. فمن خلال شفاعته، قد يعطي الرب كل واحد منا قوة المثابرة، رغم الشدائد والاضطهاد".