موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ٦ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٦
الأطفال ضحايا العنف والطمع السياسي والافلاس الانساني

سارة السهيل :

تتعدد مظاهر العنف ضد الاطفال في شتى ربوع العالم شرقا وغربا، و رغم أن هذا العنف تتنوع مصادره و يكاد لا يأتي من مصادر محددة و لكن من أشد أنواع العنف أو أولها هي التي تبدأ معه في أول محطات حياته ومن أقرب الناس إليه وهو العنف الذي قد يمارسه الأبوين ضد اطفالهما الصغار بقصد تربيتهم وتعوديهم على طاعة الآباء، وفي البيت ذاته من الممكن ان يأتي من زوج الأم او زوجة الأب عندما يفقد الطفل أحد ذويه بالطلاق اوالموت أو من أحد إخوته الكبار أو أي فرد من أفراد العائلة.

وفي عالمنا المعاصر توسعت مصادر العنف ضد الأطفال خاصة في وطننا العربي الذي يعيش متغيرات اجتماعية وسياسية و أمنية حادة نتيجة الحروب المنتشرة في أرجاء اوطاننا العربية وما يشهده من نزوح للأسر عن أوطانها أو مناطقها او مقتل ذويهم في هذه الحروب او نتيجة اختطافهم من قبل المتشددين خاصة الدواعش واستخدامهم وقود لهذه الحرب المشتعلة باسم الدين كما يحصل في سوريا والعراق واليمن وليبيا.

وربما يتم اختطافهم من أجل الحصول على الفديه والأموال كما انتشر في فترات في العراق وسوريا فقد عانت الأجيال السابقة بحالات فردية وبطابع الشائعات أكثر منه حقيقة شخصيات اشتهرت بخطف الاطفال والنساء مثل (ابو شاكوش) و(ابو ساطور) و(ابو كيس) و(ابو رجل مسلوخة) و(ابو طبر) وقد كانت الناس تتداول الأحاديث المخيفة أحيانا و المضحكة احيان أخرى عن هذه الشخصيات التي شاع ذكرها في ذاك الوقت.

أما في هذا الوقت اختلفت طرق الجرائم و كوابيس الأطفال و تحولت من جرائم فرديه إلى جرائم تطول مجتمع بأكمله مثل خطف الاطفال لتجنيدهم في خلايا ارهابيه أو تنظيمات جهادية أو الاتجار بالأطفال لأغراض متعددة مثل بيع الأعضاء البشرية او العمالة المنزلية أو في المصانع كما يتم خطف الفتيات الصغيرات لأغراض الزواج من القاصرات وأحيانا الأطفال الذكور من قبل المرضى النفسيين وعديمي الأخلاق.

غابت احلام الطفولة بين هذه الوحوش البشرية التي تقتل البراءة كل يوم بابتكارات جديدة للجريمة.

فالطفولة العربية ذاقت على الصعيد الاجتماعي أنواعا فتاكة من الظلم والقهر والعدوان الهمجي لم تكن تعرفه بلادنا العربية من قبل، خاصة داخل مؤسسات ودور الأيتام، حيث يتعرض كثيرا من نزلائها من الاطفال لاعتداءات وحشية يندي لها الجبين الانساني.

واستفحل الأمر حتى وصل للأطفال المرضى في المستشفيات حيث يعانون من العنف و الظلم بسبب الطمع المادي أو سوء أخلاق العاملين في هذه المؤسسات الطبية التي باتت تفتقر لمعايير المهنية العالمية و المقاييس الأخلاقية و فقدت الضمير فالأطفال المجبرون على قضاء أوقات طويلة في المراكز الصحية يواجهون أنواع من الاعتداءات النفسية و الجسدية خاصة من كان منهم من ذوي الدخل المحدود أو المعدوم أما الأطفال في مراكز الصحة النفسية أو العقلية فهم الأكثر معاناة لأنهم لا يدركون ما يجري حولهم فيمارس ضدهم أنواع الاضطهاد والاستغلال في شتى المجالات بما فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة و الإعاقات الجسدية والنفسية على سبيل المثال لا الحصر أطفال متلازمة داون أو المصابين بالتوحد وقد شاهدت بنفسي أثناء أعمالي التطوعية مع الأطفال في دور الرعاية و المستشفيات ودور الايتام الكثير من الاختراقات للقوانين و للإنسانية و بالطبع ما نراه نحن كزوار ما هو إلا غيض من فيض لما يقومون به بالخفية فما افشي سره أمام الناس لا بد أنه سقط سهوا من بين ما يخفونه عن الناس من شرور تمارس على هذه الأطفال و أتساءل بدوري أين الرقابة على هذه الدور و المراكز بل ماهي معايير توظيف القائمين عليها ممن يسلم الأطفال في رقابهم.

عنف أسري

ترتفع معدلات العنف والقسوة في تربية الأطفال الصغار الي درجة الموت لدي بعض الأسر نتيجة الضرب المبرح، وقد يضيع الطفل فارا إلى الشوارع من شدة قسوة ذويه خاصة الذين يعانون من التفكك الأسري.

وترتفع نسب الإساءة للطفل في المجتمع العربي ومنها مصر والعراق وسوريا وفقا لدراسات اليونيسيف، فيتعرض الطفل للعنف البدني والجسدي وسوء المعاملة مما دفع بالكثير منهم إلى الهروب إلى الشارع يتخذه موطنا قد يجد به الرحمة من العقاب والإيذاء. و رغم انني لم اجد اي دراسات تعطيني نسبة او عدد دقيق لأطفال الشوارع في العراق الا انه لا يخفى على احد تزايد اعدادهم يوما بعد يوم وأكدت التقارير على أنه يقدر عدد أطفال الشوارع في مدن ومحافظات مصر بمليون و 600 ألف طفل ومعظمهم ضحايا التفكك الاسري.

أما في العراق فما مر به من حروب و حصار و احتلال و حروب طائفيه و تهجير و نزوح لم يرحم محافظه من محافظات العراق إلا أن الدراسات تؤكد أن المحافظات الأكثر عددا لأطفال الشوارع هي بغداد و الموصل والجدير بالتذكير انهفي الوطن العربي 300 مليون طفل ثلثاهم من الإناث بلا تعليم و 250 مليون طفل مابين سن 5-14 عاما يعملون في العالم، معظمهم في الدول النامية وخاصة الدول العربية.

ضحايا دور الايتام

لا يكاد يمر يوم حتى تبث وسائل الإعلام فاجعة من هذه الفظائع والجرائم التي ترتكب بحق الأطفال في دور رعاية الأيتام، ومنها في مصر مؤخرا تعرض فتيات دار أيتام " جنة الخير " لشتى صنوف التعذيب، ومنها حرق فتاة خلال تعذيبها بالنار، وتعرض 4 فتيات للضرب المبرح، وقد اثبت الكشف الطبي الذى وُقِّع عليهن من قبل التأمين الصحي التابع للدار صحة وقوع جرائم التعذيب بحقهن، وهو ما دفع المسئولين لأغلاق هذه الدار ونقل فتياتها إلى دور رعاية اخرى لحمايتهن من التعذيب والبطش اللا انساني. و تم الكشف عن دار أيتام في إحدى الدول العربية تقوم ببيع التبرعات التي يتم توزيعها للأطفال لحسابهم الخاص ليعاني الأطفال من الحاجه و العوز.

الاستغلال الجسدي

دبي لم تسلم الطفولة البريئة من وحشية الاستغلال الجسدي في اي بقعة من الارض، وحتى ممن يطلقون علي انفسهم متدينين، ولعل فاجعة العالم في قارئ القرآن سعيد طوسي واعتدائه جسديا على 19 طفلا من طلابه الذين تترواح اعمارهم بين 12 و14، لهو اكبر دليل على ان الامان النفسي والاجتماعي للطفولة بات غائبا كما اعلنت المديرة التنفيذية لجمعية بدائل زينة علوش لاحد الصحف إن الدراسات في لبنان خلصت إلى أن "واحدا من سبعة من أطفال لبنان كان عرضة للتحرش في أماكن أكثر أمانا للطفل".

أما في العراق قبل عدة سنوات توفي طفل إثر إصابته بمرض الكوليرا في أحد دور الايتام التي وجهت لها أيضا قضية عندما عثر على 24 طفلا مقيدين في أسرتهم وضعفاء إلى درجة لا يستطيعون فيها الوقوف على أقدامهم و يعاملون معاملة قاسية وظالمة. كما تفتقر بعض دور الايتام إلى أساسيات العيش الكريم مما يجعل الاطفال بحالة سيئة وفي بعض الدول العربية تم الكشف عن بعض مدراء لدور الأيتام يقومون ببيع ما يأتيهم من تبرعات للأطفال من ماكل و ملابس و العاب و لا يصل للأطفال اي من مستحقاتهم إلا القليل القليل.

عنف الخادمات

تعاني الدول العربية خاصة بشكل عام و الدول التي يرتفع دخل المواطن بها هن غيرها من البلدان مثل دول الخليج من ظاهرة عنف الخادمات تجاه اطفالهم، وترصد وسائل الإعلام العديد من القصص المأساوية التي يتعرضها الأطفال، ومنها اقدام خادمة آسيوية على نحر ابن مكفولها بسكين فيما اصيبت شقيقتان له بإصابات بالغة نقلا على اثرها الى العناية المركزية بأحد المستشفيات قبل ان تقدم على محاولة انتحار فاشلة. وكشفت برامج التواصل الاجتماعي على الانترنت، عن الفزع التي عاشته احدي الأمهات عندما وجدت أن طفلها يرفض النوم أثناء وجودها ويشعر بالقلق والخوف، وبعد المراقبة تبين أن الخادمة تقوم بضربه بقسوة عند خروج الأم لتجبره على النوم، حتى لا تقوم برعايته. ورصدت أحدث دراسة سعودية ( 2016 ) شملت جدولاً أوضح نسب ممارسة العنف ضد الأطفال من قبل قاطني المنزل أن فئة الخدم هي الأكثر ممارسة للعنف ضد الأطفال داخل المنزل، متفوقين على الأب الذي يأتي في المرتبة الثانية. جاءت الدراسة تحت عنوان ”دور البيئة السكنية للأسرة في ممارسة العنف ضد الأطفال”، شارك فيها باحثون سعوديون بجامعة الملك عبدالعزيز. وبينت الدراسة أربعة آثار مترتبة على إساءة المعاملة وتعنيف الطفل تمثلت في: مخلفات طبية قد تصل إلى حد الجروح والإصابات الخطيرة، وآثار نمائية تقود إلى ضعف الذكاء وصعوبات التعلم، وآثار نفسية بعيدة المدى، وآثار اجتماعية قد تتخذ شكل انعزال الطفل عن محيطه. وبين أن الخدم داخل المنزل جاؤوا في المرتبة الأولى من بين الفئات الأكثر ممارسة للعنف ضد الأطفال داخل المنزل وبنسبة 38.3 بالمئة، تلاهم الأب في المرتبة الثانية وبنسبة 35.7 بالمئة، ثم أحد الأبناء بنسبة 21.7 بالمئة. وفي المقابل أظهرت الدراسة أن زوجة الأب جاءت في المرتبة الأخيرة بنسبة 2.8 بالمئة، معللة هذا الرقم الضعيف بقلة وجود زوجات للآباء ضمن عينة الدراسة. وكشفت إحصائيات غير رسمية عن ان العنف ضد الأطفال تكاد تصل نسبتها إلى 45 في المئة حيث يتفاوت العنف على الأطفال، وان نسبة عنف الخادمات يصل إلى 73 في المئة. ومن منا لا ينسى الطفلة اللبنانية سيلين راكان التي قتلتها الخادمة الإثيوبية معللة فعلتها بحالة نفسية تصيبها بالإغماء كلما رأت صورة والدتها فتتصرف بلا وعي كونها تعرضت للاعتداء الجسدي في صغرها و توفيت والدتها حرقا على أثر ذاك الحادث.

وانا بدوري أتساءل متى نوقف هذا النزيف الدموي و الأخلاقي و التربوي في بيوتنا عندما نولي الغرباء مهمة الاعتناء بالأطفال و تربيتهم و لا نعرف عنهم سوى أسمائهم و لا نفقه شيء عن خلفياتهم و ثقافتهم و معاييرهم التي سوف ينقلونها إلى الاطفال مع عادات وتقاليد و طبائع بعيدة كل البعد عن مجتمعاتها و انا لست ضد اكتساب العادات الجديدة الحميدة و المفيدة من المجتمعات الأكثر علم و رقي و معرفه منا و لكن ليس العكس رغم أن المقاييس ليست عامه و محدده إنما واضحه بشكل فردي عند التعامل مع كل شخص. كنا أن الخادمات عادة يتقنون فنون ترتيب المنزل فما علاقة هذا بمعرفة التربية و تنشئة الأجيال و مهما كانت الأم غير متعلمة أو جاهلة فلا تعرف أو تميز لكن الغريزة و الحنان يجب أن يحثانها على أن تحمي طفلها من الغرباء و ان لا تسلم اعز ما لديها أطفالها إلى الناس ايا كانوا . كما أنني أشاهد بين الحين و الآخر فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي لتعذيب الاطفال من قبل الخادمات إحداهن تقوم بمحاولة غمسه بالماء و اغراقه على مضض و بعضهن بالنار أو السكاكين أو الضرب المبرح و آخر فيديو شاهدته لم اذق طعم النوم بسببه عدة أيام حزنا على الطفلين المعتدى عليهم من قبل سيدة لا يمكن ان تكون من ضمن البشر.

وحشية برياض الأطفال

وبعد ان كانت دور رياض الأطفال موطنا بديلا لحماية الاطفال لحين عودة الأمهات من عملهن، فإنها في السنوات العشر الأخيرة اصبحت مرتعا للقسوة و أقصى دراجات العنف ضد اطفال الروضة، ففي تونس رفعت المندوبية العامة للطفولة دعوى قضائية ضد مربية قامت بتشويه وجه طفل يبلغ من العمر أربع سنوات ونصف، حيث أحرقته باستعمال ملعقة، فقامت السلطات المعنية بإغلاق روضة الأطفال حيث وقع الحرق، الكائن بمنطقة جبل جلود في العاصمة التونسية. وفي تونس أيضا تم مؤخرا الاعتداء الجسدي على طفلة لم تتجاوز الثلاث سنوات على ايدي حارس روضة مما أدى الى غلق الروضة وايقاف الحارس عن العمل. و انا بدوري أتساءل و أوجه كلامي خاصة للأمهات الغير مضطرة اقتصاديا للعمل في السنوات الأولى المبكرة من حياة طفلها لماذا تتركن اطفالكن في مراكز دون المراقبة و التواجد معهم انا مع عمل المرأة و لكن الإجازة من العمل لعدة سنوات شيء ضروري جدا لتنشئة طفلك و تربيته و الاهتمام به ومن ثم يمكنك العودة للعمل لاحقا انا شخصيا ضد أن يترك الطفل أمه أو أهله قبل سن الرابعة لوحده فهو مازال لا يدرك شيئًا و لا يمكنه التعبير عن نفسه أو حتى الشكوى بل لا يقوى على التمييز. فإن أردت أن يذهب ليكتسب مهارات و أصدقاء و يلعب يمكنك ذلك لكن بوجودك ومراقبتك و الا لا داعي للاستعجال كما تأثير اللجوء . في ظل الظروف التي تمر بها الدول العربية في السنوات الأخيرة بعد ما يسمى بالخريق العربي كان لا بد من الهجرة القسرية الدائمة او المؤقتة و نجد أنه إعداد كبيرة من السوريين و الليبيين و العراقيين و اليمنيين اضطروا أن يلجؤوا إلى بلدان مختلفة و كانت البلدان العربية الأقرب لحدود كل منهم لها النصيب الأكبر في استقبالهم و قد تحمل الطرفين أعباء هذا اللجوء فمن ترك أرضه و أهله و حياته التي اعتاد و ربما مصدر رزقه و حياة كريمة كان يعيشها أو على الأقل متوسطة الحال بالنسبة له أفضل من أن يكون عبئا على غيره يعيش على البر و الإحسان من الأفراد والدول وفي المقابل عانت الدول المستقبلة للاجئين من الفوضى و انتقال الأمراض و المشاكل الأمنية التي سربت مع القادمين و غلاء الأسعار و عدم تحمل البنية التحتية كالشوارع وشبكات الصرف الصحي و المياه و الكهرباء وغيرها من ارتفاع أعداد السكان بشكل كبير و مفاجئ و من المشاكل أيضا هي العادات الاجتماعية التي من الممكن أن تنتقل بين الناس سواء من اللاجئين إلى المواطنين الأصليين أو من المواطنين الأصليين إلى اللاجئين. لا سيما مشكلة زواج القاصرات و خاصة من المتزوجين مسبقا و قد كان هذا بسبب الظروف المعيشية و الاقتصادية للاجئين مما دفعهم لتزويج بناتهم في سن صغيرة بما يعتبر بالأضحية أو شبيه بعملية البيع و شكل هذا الأمر عبء على الأسر و العائلات المستقرة التي أصبح الرجل يجد عروضا شبه مجانيه للزواج بامرأة ثانيه مقابل خروجها من المخيمات أو المنطقة المخصصة لهم و لم يكن التأثير اجتماعي فقط و إنما إعالة موظف لبيتين و أسرتين ليس بالأمر السهل لمحدودي الدخل.

كما أن هذا اللجوء أدى إلى زيادة معدلات العنف الموجهة ضد الاطفال، خاصة العنف الجسدي. وتشير الاحصائيات لارتفاع معدلات العنف ضد الاطفال، تحديدا الجسدي، و زادت نسبة الأطفال المتسولين و أطفال الشوارع و الاعتداء الجسدي على الأطفال و عمالة الأطفال بشكل ملحوظ. كما أن مستوى تعليم الأطفال أصبح غير مستقرا مع مستلزمات إيجاد حياة متكاملة كمن يبني مدينة بكل متطلباتهم لإعداد كبيرة وفدت بسبب الظلم و القهر و المعاناة.

ضحايا داعش الأطفال

في مناطق النزاع هم الضحية الاولي لجرائم داعش في العراق او سوريا و ليبيا و اليمن حيث تنتشر عمالة الاطفال الصغار بعد مقتل ذويهم، وهو ما يعرضهم للضرب والاهانات اليومية. ولم يبقي تنظيم داعش اي شكل من اشكال الجرائم المنكرة بحق الطفولة الا وقد ارتكبها، فقد عذبوا الكثير من الاطفال جسديا ولم يتوانى في الاعتداء عليهم جسديا، كما قتلوا العديد من الاطفال بعد اتهامهم بالإفطار في رمضان. ووضع الدواعش جثث الأطفال الذين تمّ إعدامهم في الساحات العامة لعدة أيام، من أجل ترهيب الجمهور ناهيك عن تجنيد الأطفال وتفخيخهم.

معسكرات الأطفال

تحول الاطفال الأبرياء الي سلاح يستخدمه تنظيم داعش الإرهابي، حيث يجري تدريبهم بأعداد غفيرة في معسكرات تدريب داخل العراق وسوريا، وهؤلاء الأطفال يكتسبون من هذا التدريب كل اشكال العنف والاجرام كما يتعرضون لإمراض نفسية قاسية مثل الخوف من تنظيم داعش اذا لم يستجيبوا لطلباتهم. كما يتعرض الكثيرمن هؤلاء الاطفال الذين يقعون في أسر داعش لكل أشكال الانتهاكات اللاإنسانية كالسبي والبيع والاعتداء الجسدي والضرب والعنف ورؤية مشاهد القتل وجرائم داعش المروعة الأخرى. ويرصد علماء النفس والاجتماع خطورة هذه الماسي على الأطفال ومن ابرزها تحولهم لممارسة العنف المفرط وانفصام الشخصية، حيث تتغير شخصيتهم تماما عما كانوا عليه قبل وقوعهم في أسر داعش، بجانب معاناتهم من الخوف والهروب من الواقع، ويطبقون في ألعابهم ما شاهدوه من حالات القتل والتدريب واستخدام الأسلحة عند داعش. بعد سرقة طفولتهم و براءتهم و تشويه فكرهم و عقلهم و تحويلهم لأداة.

معاناة الأطفال النازحين

كشف تقرير اليونيسف أن 10% تقريبًا من أطفال العراق -أي أكثر من مليون و نصف طفل- قد أجبروا على الفرار من مساكنهم نتيجة العنف منذ بداية عام 2014، ولمرات متكررة في بعض الأحيان. كما تسببت الحروب في تدمير واحدة من كل 5 مدارس، مما أدى إلى فقدان ملايين الأطفال لفرصهم في التعليم. فكل هذا أدى إلى هروب الأطفال النازحين من طفولتهم إلى سوق العمل للحصول على قوت يومهم أو مساعدة أسرهم في مصروف العائلة و لن أقول البيت لان أغلبهم يقيمون في مخيمات أو ما شابه ورغم ان قانون العمل العراقي، الذي ينص في مادته السادسة من الفصل الثالث، على أن الحد الأدنى لسن العمل هو 15 عامًا. وبحسب اتفاقية حقوق الطفل الدولية في العام 1989، فإن كل من هم دون سن الثامنة عشر يعتبرون أطفالًا ويجب أن تكون لهم حماية ورعاية خاصة. الا انه بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، فإن أكثر من نصف مليون طفل عراقي منخرطون في سوق العمل ناهيك عن تفشي الأمراض المعدية لعدم وصول الماء و الصرف الصحي كما أنه 1.50 مليون بحاجة إلى المساعدة من ناحية الغذاء فهذا الوضع المأساوي أدى إلى انتحار البعض وموت السكتة القلبية لكثير من السيدات الكبيرات في العمر الذين أجبرن على ترك بيوتهم لظروف تمر بها البلاد و ما تمر عليهم من ايام عصيبة خوفا و بردا و جوعا رغم ما تبذله الكثير من الجهات الحكومية والخاصة في مساعدتهم إلا أن هذه الأعداد الكبيرة و المدة الزمنية الطويلة للمشكلة التي تسببت في نزوحهم جعلت انه من الصعب توفير كل الاحتياجات مما يستدعي تدخل المؤسسات المدنية و الأفراد لتبني منظم لحل مشاكل النازحين في كل مكان و انعكست هذه المشاكل بشكل مباشر على الأطفال الذين فقدوا طفولتهم فمنهم من ولد في هذه الخيم أو مضى من عمره سنوات و لم يرى حياة غيرها فإلى متى أيها الوطن الحزين.

كلمات عاجزة

ويبقي تعذيب الاطفال داخل المؤسسة الاسرية عبر الخادمات او داخل رياض الاطفال او مؤسسات رعاية الايتام جرائم يندي لها الجبين الانساني، خاصة بعد ان انضمت لهذه الانتهاكات بحق الطفولة البريئة والعاجزة عن حمايتة نفسها، جرائم تنظيم داعش الارهابي، فكل هذ الجرائم قد حولت المجتمع الانساني إلى غابة متوحشة يأكل فيها القوي الضعيف، وتخل فيها بنو البشر عن إنسانيتهم ورحمتهم بالضعفاء فلذات الاكباد، والذين سرعان ما يكبرون وينتقمون من المجتمع الذي استباح جسدهم وأرواحهم الطاهرة. فليحذر المجتمع الانساني من تجاهله لحقوق الطفولة التي تغنت بها المواثيق الدولية، وسيدفع كل من تقاعس عن حماية الطفل ورحمته الثمن غاليا.