موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٢٥ يناير / كانون الثاني ٢٠١٥
إبراهيم غرايبة يكتب: "الدين والمواطنة"

إبراهيم غرايبة - الغد الأردنية :

ما تزال تقع بين فترة وأخرى، حوادث تؤكد ضرورة إعادة تنظيم العلاقة بين الدولة والمواطنين على أساس المواطنة؛ بغض النظر عن الدين أو تغيير الدين. وهناك قضايا وحالات لا تظهر في وسائل الإعلام، لكنها تمثل معاناة كبرى لبعض المواطنين، وانتقاصا لحقوقهم الأساسية، تتصل بمسائل حضانة الأطفال والحصول على الوثائق الشخصية والميراث.. وذلك بسبب اعتبارات تتعلق بالدين أو تغيير الدين.

إذا كانت المواطنة هي الاعتبار الأساسي والوحيد في العلاقة بين الدولة والمواطن؛ الحقوق والواجبات، فإنه يجب وبالضرورة ألا يؤثر على هذه العلاقة وحقوقها وواجباتها الانتماء الديني أو تغيير الدين. فالدستور يحدد المواطن باعتباره كذلك، ويجب ألا يزيد ولا ينقص في ذلك شيء دين المواطن أو تغيير دينه. ولم يعد مقبولا الإشارة إلى الدين في الوثائق، أو أن يؤثر ذلك في المعاملات والحقوق. فالدين مسألة شخصية بين الإنسان والخالق الذي يؤمن به، ولا يمكن تقنينها أو التدخل فيها أو محاسبة أحد بشأنها.

ومن ثم، فإن تغيير الدين يجب ألا يتحول إلى قضية إعلامية وقانونية. وفي ظل القوانين النافذة، حتى مع اعتبار تناقضها مع الدستور، كيف تصدر المحاكم الشرعية حجة إسلام لفتى في الخامسة عشرة من عمره يريد تغيير دينه، وهو في نظر القانون ما يزال قاصراً، لا يحق له شراء سجائر أو تدخين الأرجيلة، كما لا يحق له قيادة السيارة أو الدراجة النارية، ولا يحق له الانتخاب؟

ويغير المواطنون دينهم وفق دوافعهم وضمائرهم. وقد يغير أحدهم رأيه أو اعتقاده بعد فترة من الزمن. فلا يمكن إجبار أحد على اعتقاد ولا منعه من ذلك، لكن لماذا يتحول ذلك إلى تعقيدات قانونية تطال الحضانة والعلاقات الزوجية والميراث؟

المسألة بطبيعة الحال تمثل قلقا وتحديا للدولة والمجتمع. لكن، وفي جميع الأحوال، فإن تحييد القوانين والمؤسسات الرسمية أمر ضروري ومهم، بل ويقتضيه الدستور. لتكن قضية شخصية أو عائلية، فلماذا نحولها إلى قانونية ورسمية؟ حتى في حالات التدخل لأجل فض الخلاف أو منع الأذى، فإنها إجراءات اجتماعية وإدارية، يمكن أن يقوم بها المجتمع أو الحاكم الإداري ضمن الواجبات والمبادرات الاجتماعية، من غير تدخل قانوني. فالمسألة ليست قانونية؛ يفترض ألا تكون قانونية.

ولا يمكن حل مسألة اعتناق الدين أو تغييره إلا بتعويمها وتحويلها إلى مسألة شخصية لا تتدخل فيها الدولة، ولا تطالها القوانين، ولا تغير في الاعتبار القانوني والشخصي للمواطن. وتؤدي المؤسسات الدينية (الإسلامية وغير الإسلامية) تجاه هذه المسألة دورا دعويا أو اجتماعيا أو تأثيريا، لكن لا يجوز لمؤسسة دينية أن تصدر قرارا أو حرمانا يمس الحقوق الأساسية للمواطن، أو يجعل لهذه المؤسسات دورا سياديا على حقوق المواطن وعلاقته بالدولة.