موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٢٧ ابريل / نيسان ٢٠١٧
70 عامًا من العلاقات بين مصر والفاتيكان

نبيل نجيب سلامة :

«بابا السلام على أرض السلام»، هذا هو شعار الزيارة التاريخية التي سيقوم بها البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، نهاية الأسبوع الحالي لمصر، وتستمر يومين بدعوة من الرئيس عبدالفتاح السيسي وفضيلة الإمام الأكبر وقداسة البابا تواضروس، التي تأتي ردًا على زيارة الرئيس السيسي للفاتيكان في نوفمبر 2014، وأيضًا زيارة الإمام الأكبر في مايو من العام الماضي، والبابا تواضروس في مايو 2013.

تأتي هذه الزيارة دعمًا لمصر في حربها ضد الإرهاب، وفي أعقاب الأعمال الإرهابية التي وقعت مؤخرًا في طنطا والإسكندرية، حيث أصر البابا فرنسيس على القيام برحلته إلى مصر في الوقت المحدد لها دون أي تأجيل.

مصر والفاتيكان تحتفظان بعلاقات وديَّة ومستقرة في مختلف وجهات النظر منذ بدء تبادل العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في 23 مايو 1947. حيث يوجد اتفاق عام في سياسة الدولتين تجاه قضايا أساسية، وعلى رأسها عملية السلام في الشرق الأوسط والتوصل إلى حل نهائي بشأن وضعية القدس، وإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل، وتعضيد الحوار بين الأديان (الإسلامي-المسيحي)، والحفاظ على الترابط الأسري، وتحريم الإجهاض والمحافظة على البيئة، ومكافحة الإرهاب.

وتعد هذه الزيارة هي الثانية من نوعها لأحد بابوات الفاتيكان لمصر، بعد زيارة البابا الراحل «يوحنا بولس الثاني» إلى مصر في 24 فبراير عام 2000، والتي كانت الزيارة الأولى لأكبر قيادة دينية مسيحية في العالم لمصر، مما أكسبها بعدًا تاريخيًّا، فضلًا عن الترحيب والتقدير العميق الذي لاقته الزيارة من مختلف أوساط المجتمع المصري، حيث التقى خلالها البابا الراحل الرئيس الأسبق مبارك إلى جانب لقاءين مهمين مع كل من فضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، وقداسة البابا الراحل شنودة الثالث، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ليؤكد البابا بذلك أهمية الحوار بين مختلف الأديان من جهة، وأهمية التواصل مع الطوائف المسيحية من جهة أخرى.

وفي الإطار ذاته كانت هناك زيارتان لرؤساء مصر للفاتيكان، الأولى كانت مارس 2006، والتي قام بها الرئيس الأسبق حسني مبارك، والتقى خلالها البابا بنديكت السادس عشر والذي استقال من منصبه لظروف صحية في نهاية 2013، والثانية في نوفمبر 2014 وقام بها الرئيس السيسي في بدايات جولاته الخارجية عقب انتخابه رئيسًا للبلاد والتقى والبابا فرنسيس.

وعبر رحلة من العلاقات بين مصر والفاتيكان تقترب من السبعين عامًا، شملت العديد من مجالات التعاون المشترك. ففي مجال العلاقات التعليمية يخصص الفاتيكان عددًا من المنح الدراسية للطلاب الذين توفدهم الكنيسة الكاثوليكية بمصر بغرض دراسة العلوم الدينية والفلسفية والقانون الكنسي بجامعات ومعاهد الفاتيكان المتخصصة. أما في مجال العلاقات الثقافية وهي الأوسع، يثمن الفاتيكان الدور الذي تلعبه مصر في مجال الحوار الإسلامي المسيحي، كما يعتبرها ركيزة أساسية على هذا الصعيد بالنظر إلى مكانتها التاريخية في العالم الإسلامي من جانب، ولاحتضانها الأزهر الشريف على أراضيها من جانب آخر. حيث يوجد تنسيق قائم بين الدولتين على الصعيد الديني من خلال اللجنة المشتركة للحوار بين الأزهر الشريف والمجلس البابوي للحوار بين الأديان والتي تم التوقيع على إنشائها في 28 مايو 1998 بالفاتيكان. وعقدت العديد من اللقاءات كان أولها اللقاء الذى عقد بمشيخة الأزهر الشريف يومي 23 و24 فبراير 2001، برئاسة كل من فضيلة الدكتور محمد عبد العزيز واصل، وكيل الأزهر ورئيس لجنة الحوار، حينئذ، والكاردينال جان لويس توران رئيس المجلس البابوي للحوار بين الأديان، في هذا الوقت، حيث تناول المشاركون تنامي ظاهرة العنف الديني، وكيفية مكافحتها. واستمر الحوار عدة سنوات إلى أن توقف في عام 2006، ثم عادت على فترات، إلى أن عادت بصورة كاملة بعد لقاء الإمام الأكبر والبابا فرنسيس في مايو الماضي.

ويؤكد الفاتيكان في علاقاته مع العالم الإسلامي التزامه بتطبيق مبادئ المجمع الفاتيكاني الثاني الذي دعت إلى تدعيم أسس الحوار مع الكنائس غير الكاثوليكية، والانفتاح على الأديان الأخرى، مؤكدًا عزمه على مواصلة الحوار الذي بدأه البابا يوحنا بولس الثاني مع أتباع تلك الديانات. ويرتكز تعامل الفاتيكان مع الشأن الإسلامي على مبدأين أساسيين هما: المعاملة بالمثل والاحترام المتبادل، ويحرص الفاتيكان على تأكيد أهمية احترام الحريات الدينية، وإعطاء المسيحيين في الشرق نفس الحقوق التي يتمتع بها المسلمون في الغرب، لاسيما فيما يتعلق بحرية ممارسة العبادات والشعائر الدينية في العلن، وإقامة الكنائس.

لا شك أن زيارة بابا الفاتيكان لمصر تعطى بعدًا جديدًا للعلاقات المصرية-الأوروبية، وتؤكد أهمية وقوف العالم خلف مصر في الحرب التي تخوضها ضد الإرهاب، حماية لها ولدول العالم أجمع.

(نقلاً عن الأهرام المصرية)