موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الأربعاء، ١٠ يناير / كانون الثاني ٢٠١٨
60 ألف سيدة على فيسبوك يطلقن مبادرات تطوعية

منتصر غرايبه - الغد :

"شاءت الأقدار أن اجتمع مع طفلة من اللاجئات السوريات، كانت قد فقدت والديها بالحرب، لتصبح يتيمة ووحيدة، فكانت حالتها كافية لتملأ قلبي بالحزن، وتخلق فيه الآمال"، هكذا تصف ايمان الشمالي، احدى سيدات اربد، الظروف التي دعتها إلى أن تنشئ صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك" والتي اصبحت تضم الآن اكثر من 60 ألف صديقة.

وتضيف الشمالي انها "أرادت من الصفحة جمع أكبر عدد ممكن من السيدات، لتبادل الهموم الاسرية والنصائح ومساعدة المحتاجين إن أمكن، ودعم الأسر المعوزة، وإدخال الفرح على قلوب أعجزها الحزن".

وتقول "مشاهدتي للطفلة السورية اللاجئة فتحت عيناي اكثر على ما نعيشه من واقع مؤلم، فهناك الكثير من الاطفال المحرومين، ونساء يصارعن كبد الحياة، وأسر بأكملها تقبع تحت وطاءة الحرمان، وكلهم ينتظرون أي بادرة أو مبادرة تبعث فيهم الأمل لتغير حالهم".

وعن فكرة المجموعة، تقول إن الأمر دائما ما يحتاج الى ايصال المتطوعين بأصحاب الحاجة، ومن هنا جاءت فكرة انشاء مجموعة على الفيسبوك اطلق عليها "نادي سيدات الاردن".

وبدأت المجموعة التي أنشأتها الشمالي بعدد قليل من السيدات بمختلف الأعمار، سرعان ما تضاعف، وازداد بشكل متسارع عكس حب المشاركات للعمل التطوعي والمبادرات الاجتماعية دون انتظار اي مردود، ورغم ان البداية كانت أشبه بشيء وهمي، اذ لا تعرف اي واحدة الاخرى سوى من خلال الشبكة العنكبوتية " الانترنت"، الا ان ثقتهن بأنفسهن وبقدرتهن على العمل وإصرارهن على إثبات الذات أخرجهن من خطوط الشبكة المعتمة إلى أضواء المعرفة والتعارف الشخصي بعقد العديد من اللقاءات والمحاضرات ونشاطات مختلفة.

ولم تقف المجموعة التي تضم حاليا 60 ألف مشاركة عند حد تبادل الأفكار والنصائح وحتى الهموم الأسرية على صفحة الفيسبوك، بل حرصن المشاركات على اللقاء وعقد الاجتماعات التي اطلقت بعدها العديد من المبادرات الانسانية والاجتماعية والاعمال التطوعية.

فكان للأسر العفيفة نصيب وافر من دعم المجموعة، عن طريق ما تجمعه من تبرعات شخصية، كما تنظيم محاضرات حول العديد من القضايا الاجتماعية والاسرية والارشادية والتي عادة ما تضم سيدات من أصحاب الخبرة والكفاءة بتخصصات مختلفة.

آمنة الحواري، إحدى نساء المجموعة، بدأت المشاركة بأفكارها وتقديم النصائح للعديد من الاسر، وتفعيل دورها حتى باتت رائدة في مجال الإرشاد النفسي الاسري، والتي تساعد العديد من الأسر في حل مشاكلها، اضافة الى حرصها على تقديم الدعم المادي والمعنوي للعديد من الاسر المحتاجة.

تقول الحواري، ان وجود مجموعة تضم هذا العدد من السيدات على موقع التواصل الاجتماعي هي بحد ذاتها فكرة رائدة، مضيفة "احب الاعمال التطوعية وأجد سعادة كبيرة عند تقديم اي دعم لمحتاجيه".

وزادت "أجد بنفسي القدرة على التواصل مع النساء الأخريات، ومناقشة همومهن، وتوجيههن لما فيه خير"، قائلة "من الجميل ان تكون احد الاشخاص الموثوق فيهم، يلجأ اليك الآخرون لطرح همومهم".

احدى الناشطات على المجموعة، إنصاف خصاونة، وجدت فرصة لتسويق منتجاتها اليدوية، من خلال المجموعة، هي صاحبة قصة كفاح بمعنى الكلمة، فسنوات عملها الدؤوب بمختلف المجالات من تنسيق الزهور والشجر الصناعي، وصناعة الحلويات والمخللات، والعديد من المأكولات كان له الأثر الكبير في مساعدة أسرتها على الوفاء بالتزاماتها المتزايدة.

اروى الوقفي، صاحبة مشروع صناعة صابون وكريمات العناية بالبشرة، بدأت مشروعها بفكرة بسيطة هدفها ملء وقت فراغها بأي أعمال كونها ربة منزل، تطور مشروعها ولاقى رواجا فيما وجدت بالمجموعة فرصة رائعة للتعريف بمنتجاتها وتسويقها.

الدكتورة خلود أبو حسنة، رئيسة مجلس اكاديمية "ريدستون"، صاحبة خبرة في مجال تطوير الذات، استطاعت عبر المجموعة توجيه العديد من الاشخاص نحو تحديد اهدافهم واستغلال طاقاتهم لتطوير حياتهم.

تقول الدكتورة ابو حسنة، إن الشخص قادر على رسم طريق حياته وتحديدها كما يرغب، الامر يحتاج الى الإصرار والثقة بالنفس وعدم الاستسلام، والابتعاد عن الافكار السوداوية، رافعة شعار "وراء كل امرأة ناجحة نفسها".

قصص النجاح والابداع في المجموعة عديدة ومتنوعة، هي اشبه بمخزون للخبرة، يتم تبادلها لتعميم الفائدة.

رانيا الغرام، لها في المجموعة قصة تحد، ألهمت من خلالها العديد من المشاركات على عدم الاستسلام، والإصرار على تحقيق الهدف.

كانت الغرام قد أصيبت بمرض عنيد وهي في أوج نجاحها التجاري، لتبدو الحياة وكأنما أدارت لها ظهرها، فلم تعد ترى حينها إلا اللون الاسود، غير انها ومن وهن المرض أطلقت كامل إرادتها متحدية ظروفها.

تقول الغرام، "أصبت بمرض السرطان فلم أعد أشعر معه بطعم للحياة، وبدأت أشعر أن نهايتي قد اقتربت، غير أني رفضت الاستسلام وتمسكت بالعزيمة متحدية مرضي، لم اترك مشروعي التجاري بل على العكس بت حريصة أكثر على إنجاحه، ومع اصراري المتواصل شفيت من المرض والحمد لله وتجاوزت محنتي، وانا اليوم واحدة من مجموعة كبيرة تضم آلاف السيدات في قلب كل واحدة تجربة وخبرة نتبادلها لتساعدنا على ان نكون قادرات وفاعلات ونساعد أسرنا ونخدم مجتمعنا".