موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ١٠ ابريل / نيسان ٢٠١٨
’أطفال الداون‘ يتطوعون لرسم جداريات في رياض الأطفال

تغريد السعايدة - الغد :

"لا أختلف عن الآخرين في ذوقي وفي فني وفي قدرتي على أن أنثر الجمال وعبيره للآخرين، بريشتي وألواني بإمكاني أن أزين العالم بما تراه روحي جميلة"، هذا لسان حال مجموعة من أطفال متلازمة الداون الذين اجتمعوا في فعالية خاصة نظمتها جمعية "الياسمين" مؤخرا لرسم جدارية كبيرة في إحدى رياض الأطفال.

جمعية "الياسمين" التي تحمل على عاتقها مسؤولية تحقيق أهداف ودور كبير في رعاية وتقديم أطفال متلازمة الداون إلى المجتمع ودمجهم في مختلف المجالات الفنية والرياضية والعملية والحرفية، وجدت في قدرة الأطفال على الرسم وتوزيع الألوان فكرة رائدة وجميلة في أن يكونوا هذه المرة هم المبادرون الذين يرسمون الساحات ويتطوعون لعمل فني جميل.

الفعالية، كانت مميزة بكل ما فيها من تفاعل مع الأطفال، بحسب رئيسة جمعية الياسمين عواطف أبو الرب، التي تعمل منذ تأسيس الجمعية في العام 2011، على التوعية والتعريف بحقوق الأطفال المصابين بمتلازمة الداون، والقيام والمبادرة بالعديد من الفعاليات على مستوى المملكة، للوصول إلى الهدف المنشود في دمج الأطفال في مجتمعهم وتغيير النظرة المجتمعية السائدة.

وتعتقد أبو الرب أنها نجحت إلى حد ما في تنفيذ العشرات من الفعاليات التي ساهمت في أن يجد أطفال متلازمة الداون مساحة كبيرة للتعبير وإثبات الذات، والوصول إلى غايتهم في عدة مجالات منها الرياضية والفنية والعمل كذلك، من خلال تعلم الحرف المهنية، بحسب قدرة الفرد منهم.

وفي فعالية الجدارية، اجتمع الأطفال في ساحة إحدى الرياض الخاصة التي استقبلت الأطفال، ومساعدتهم على رسم جداريتهم المميزة العميقة بألوانها وتعابيرها، والفرحة التي ارتسمت على وجوه الأطفال كانت كفيلة بأن تجعل من هذه الفعالية مناسبة فرح وتبادل للعطاء، فقام الأطفال بالرسم بكل ما أوتوا من طاقة وحب وقوة تعبير، والإثبات لأنفسهم بأنهم قادرون على أن يقوموا بالمهام الموكلة إليهم، كما في الرسم.

ومن الأطفال المشاركين في رسم الجدارية كانت المتميزة مجد الهنداوي، الفتاة التي أثبتت قدرتها على أن تواجه المجتمع بما فيه، وأصبحت من الفتيات المميزات اللواتي يقمن بالعديد من الأعمال التي تثبت نفسها من خلالها، كما في ممارستها لرياضة الكراتيه.

وأصبحت الهنداوي إحدى اللاعبات التي تشارك في الفعاليات في داخل وخارج الأردن، عدا عن كونها تقوم بإنتاج الإكسسوارات والحرف اليدوية التي تقوم بعرضها في البازارات ونالت إعجاب الجميع. وكانت الهنداوي التي وجدت الدعم الكبير والمميز من والدتها سمر الهنداوي، من الفتيات اللواتي كن ضمن فريق المبادرين الذين قاموا برسم الجدارية، وأظهرت تفاعلا وإتقانا كبيرا في رسمها.

في الوقت الذي تؤكد فيه أبو الرب على أن الفعاليات الجماعية والتشاركية في المؤسسات المجتمعية لها دور كبير في عملية الدمج، التي تُعد أولى الطرق التي تساعد الطفل على التطور الذهني والجسدي، ومساعدته وأهله على تجاوز العديد من الأزمات والمواقف التي يمكن أن يتعرض لها أي فرد، وبخاصة ممن هم مصابون بمتلازمة الداون.

كما أن هذه الفعاليات التشاركية والتي فيها تعاون مع الآخرين، تساعد على أن يتقبل الآخرون من الأطفال "المختلفين عنهم نوعا ما"، وذلك من خلال التواجد معهم بشكل دائم والعمل معا، وإظهار القدرات التي يتمتع بها الشخص من متلازمة داون، كما في فعالية الجدارية، أو من خلال الفعاليات الأخرى التي يمارسها الأطفال في عدة مناسبات وفعاليات مختلفة، مثل تقديم الفقرات الفنية في المناسبات، أو المشاركة في فعاليات رياضية مختلفة ينافس فيها الأطفال بكل قوة وعزيمة.

"الأطفال في متلازمة الداون بحاجة إلى الدعم النفسي والمعنوي وإظهار مواطن القوة والعزيمة لديهم"، كما تقول أبو الرب، التي تسعى من خلال جمعية "الياسمين" إلى أن تكون رافدا للأطفال والبالغين القادرين على إثبات أنفسهم في المجتمع، والتعايش مع الآخرين بكل ثقة، وبخاصة وأنهم أشخاص لديهم حب للحياة الاجتماعية والتعامل مع الآخرين، ويتميزون باتقانهم لما يوكل إليهم من مهام.

وفي المقابل، تعمل الجمعية من خلال العديد من البرامج الاجتماعية على توعية المجتمع بضرورة التعامل مع أطفال متلازمة الداون على أنهم أفراد قادرون وبأنهم جزء فعال في المجتمع، وتقبلهم، من خلال الدمج مع الأطفال منذ مراحل مبكرة، كأن تهيأ لهم الظروف المناسبة للدراسة في المدارس وأماكن التعليم المختلفة.

وكان للجمعية الدور الكبير في الإعلان عن "اليوم الوطني لمتلازمة داون في الأردن" من قبل وزارة الصحة؛ إذ تم التواصل بين الجمعية ومنظمة الصحة العالمية من أجل اختيار يوم للاحتفاء بأطفال داون، وتم فعلياً اختيار الحادي والعشرين من آذار (مارس) من كل عام يوما لأطفال متلازمة داون في الأردن بالتزامن مع دول العالم ككل.