موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الخميس، ٢٨ فبراير / شباط ٢٠١٩
ونحن على أبواب الصوم الكبير.. خَطَران يقعُ فيهما الصوم!

الأب ألبير هشام نعّوم – بغداد :

ونحن على أبواب الصوم الكبير، فلنفكر في خطرين يقع فيهما صومنا: الأول هو أن يفقد صومنا معناه وهدفه، فيصبح عندها مجرد "حرمان" من حاجات أساسية لفترة معينة، "حرمان لأجل الحرمان" وبالتالي يضرّ الإنسان نفسه ويحطّ من قيمة ذاته. بينما يعلّمنا إيماننا المسيحي أن إلهنا لا يريد أبدًا حرمان الإنسان من حاجاته، بل يعطيه كل شيء بنعمته وتدبيره ويدعونا أن نشاركه في هذا التدبير لئلا يبقى أحدٌ "محرومًا".

يعود سبب هذا الخطر إلى اعتقاد المؤمن أن الصوم مجرّد فريضة دينية، جاءت بأمر الله وهي واجبة التطبيق، وبعكسه لن يجني لنفسه سوى العقاب من إلهه. فينحصر الصوم في إطار الفرائض التي لا مجال للتعمق والتفكير في معناها. كما يفقد الصوم أهم أسسه، وهي أن يكون اختياريًا وطوعيًا فلا يُقدم عليه الإنسان مكرَهًا أو تحتَ ضغطٍ ما. فيسوع لا يريد أن يجبرنا على الصوم كفريضة، بل يجعلنا ندرك أهميته القصوى في حياتنا، وبالتالي يدعونا إلى الصوم من أعماق ذاتنا.

فهذا الخطر يتلخص في قول القديس يوحنا الذهبي الفم: "لا ينفع الصوم، لا بل يضر، من لا يعرف القواعد والشروط". وهذه هي التجربة التي يقع فيها صومنا: ألا نعرف أهدافه وقواعده وشروطه.

الخطر الثاني، وهو نابع من الأول، يتمثل في تحريف أهداف الصوم، وجعلها تتركز على المظاهر الخارجية، فتجعل الصائم منغلقًا على نفسه وغير منفتح على الآخرين ولا على إلهه. سيصبح الصوم في هذه الحالة، إثباتًا لقدرة الصائم على القيام ببعض الأمور الصعبة، والافتخار بذلك أمام الناس لجذب أنظارهم، والحصول من خلالها على قيمة ذاتية، وما هي إلا قيمة وهميّة.

وتعليم يسوع واضح في إيماننا المسيحي، في نقد هذه الحالة نقدًا شديدًا، فلا نصوم كالمرائين ولا نظهر للناس صائمين بل لأبينا الذي في الخفية (راجع متى 6: 16-18). وكذلك في مَثَل الفريسي والعشار، عندما يفتخر الفريسي أمام الله بممارسة الصوم أكثر مما تفرضه الشريعة: "أصوم مرتين في الأسبوع"، لم ينزل مبررًا مثل العشار الذي اعترف بضعفه ولم يفخر بأعماله (راجع لوقا 18: 9-14).

إنهما خطران لابدّ أن ننتبه إليهما ليكون صومنا مثمرًا!