موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الثلاثاء، ٢٤ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٩
ولد لأجلنا.. فهل سنولد معه؟

بيروت - رافي سايغ :

ساعات قليلة تفصلنا عن ذكرى ولادة السيد المسيح مخلصنا، ونحن في حياتنا نترقب بشوق ورجاء حلول هذه اللحظات المباركة. فهل فعلاً ولد المسيح لأجلنا؟

بعيدًا عن مظاهر البذخ الدارجة وهدر الأموال الطائلة على أمور تبعدنا عن مضمون العيد الحقيقي، يجب علينا أن ندرك حقيقة ما يترتب علينا أن نفعله لنعيش بركة الميلاد.

الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا. كم هي كلمات معزية من إنجيلنا المقدس! في ظلمة ابتعاد الإنسان عن خالقه يظهر الإله لنا بالجسد ليرفعنا من الخطيئة ومن سقوطنا في بحر الكراهية.

لم يترك الرب شعبه عبر مدى سنوات الخلق ولا للحظة، بل في كل مرة كان يظهر لنا حنانه ومحبته للإنسان المخلوق على صورته ومثاله. فلا أحزان بعد اليوم بل فرح حقيقي. ولكن كيف نجد هذا الفرح وأين؟

هذا الفرح نجده بكل تأكيد في بيت لحم، في مغارة لا أبواب لها أو حراس، في مذود ينبع منه عطاء الرب المجاني لمنكسري القلوب.

يا لعظمة الرب، هو يمنحنا خيرات الأرض كلها ونحن نستغلها لنصنع مجدًا زائل.

يولد الإله في فقر وبرد، لا في قصور أو ممالك. ملك الملوك يولد بكل هذه البساطة ليعطينا اليوم فرصة التأمل في سر الميلاد مع كل هذا التواضع.

فهل أجمل من أن نولد نحن أيضًا معه، بعيدًا عن الكبرياء والرياء. من خلال التأمل في صمت مغارة بيت لحم نجد كل ما نحتاج إليه من قوة لنكمل مسيرة حياتنا والصعاب تكثر والأحزان تتوالى علينا.

فهو النور الذي أشرق على العالم كله، اليوم هو الطفل المولود وهو غدًا المهاجر واللاجئ مع عائلته إلى مصر، هو المصلوب بعد غد، وفي النهاية هو غالب الموت وواهب الحياة.

فتعالوا يا أحبائي نولد نحن أيضًا معه من جديد، نتحرر من ظلام الكراهية نسامح ونغفر ونمد جسور التواصل واللقاء مع الآخر، ندخل الفرح لقلوب تعبت من الأحزان ونعزي المسيح المتألم فيهم.

بهذه البساطة والطيبة ربما نتمكن من عيش عظمة الميلاد وبركته، نعطي ونحب بدون مقابل فهل هناك أجمل من أن نبادر ونزرع الأمل في الدروب؟

نتعلم أن الميلاد ليس فقط في هذه الذكرى، فالمسيح يولد كل يوم في سر القربان المقدس وينتظرنا لنزوره ونقبله بقلوب بيضاء.

نولد معه من جديد بالمحبة التي هي أساس المسيحية وسرها الدائم. ولد لأجلنا ونحن أيضاً نعلن أننا سنولد معه من جديد ونكون أبناء المحبة والفرح.

- ساعدنا يا طفل مغارة بيت لحم على أن نكون فعلاً رسل محبتك وسط آلام هذا العالم.

- ساعدنا لنكن نحن بدورنا من خلال مسيرة حياتنا علامة فرح ورجاء لكل متألم ووحيد.

- ساعدنا حتى نتمكن من مجابهة العواصف التي تضرب حضورنا في مشرقنا، لنبقى رسل الرجاء وسط الحروب العبثية.

- ساعدنا لنتعلم من حبك اللامحدود لنا، أن نساعد ونعطي الفقراء من فيض خيراتك علينا ونبلسم جراحهم.

- ساعدنا لننتزع من قلوبنا كل الأحقاد التي تقيدنا وتحرمنا من نعمة حضورك في حياتنا.

ولد المسيح.. وسيولد سلامًا في بلادنا آمين.