موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الثلاثاء، ٢٨ يناير / كانون الثاني ٢٠٢٠
هل السوشال ميديا أصبحت تشكل واحة خصبة لـ’التنمر على الشكل‘؟

مجد جابر - الغد :

اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخرا بقصة الفتاة المصرية ’زلابية‘ التي تعرضت لـ’التنمر‘ بسبب نشر صور خطبتها، إذ بدأت تنهال التعليقات الساخرة حول شكلها ومكياجها وملابسها، والنتيجة اتخاذ خطيبها قرارا بفسخ الخطبة! مما دفع مجموعة من المختصين بالتجميل المبادرة بدعوة الفتاة لتزيينها وإظهارها بأجمل صورة، كتعويض عن الألم والتنمر الذي تعرضت لهما.

هذه الحالة فتحت باب التساؤل لدى العديد، عن مدى خطورة التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي باتت تتحكم بمصير أشخاص وتفسد لحظات السعادة لديهم، وتتسبب بأذيتهم، عدا عن الأثر النفسي الذي يخلفه هذا التنمر على الشخص “المتنمر عليه”، فأصبح هناك مشتركون على هذه المواقع مختصون بالتنمر على أي شخص، أو أي خبر لا يروق لهم.

انتشار مواقع التواصل الاجتماعي الواسع جدا وسوء استخدامها، فتح مجالا كبيرا أمام هؤلاء الأشخاص للاستمتاع بالتنمر وتطبيقه على ما يحلو لهم، بل التشهير بالأشخاص، واستغلال أي أمر من أجل “التنمر”، سواء على شخصيات عادية أو مشهورة أو عامة.

وبمجرد قيام شخص بعمل تعليق ’متنمر‘ على صورة معينة، حتى ينساق الناس خلفه بطريقة “هستيرية”، مؤيدين ومبالغين أكثر في التنمر، وكأنها مباراة لمن قادر على التنمر أكثر.

وكانت آخر الأرقام الرسمية قد أظهرت أن عدد مستخدمي الانترنت في المملكة ارتفع ليسجل في نهاية العام 2017 حوالي 6.6 مليون مستخدم.

وبحسب إحصائيات وتقديرات عالمية، يبلغ عدد مستخدمي “فيسبوك” في الأردن 5.7 ملايين حساب، وما يقارب 675 ألفا على “تويتر”، أما “انستغرام”، فهناك ما يقارب من مليون مستخدم، وهناك مليون آخرون على موقع “سناب شات”.

والأمثلة على هذا الأمر لا تنتهي، فهي كثيرة ومنتشرة عبر منصات التواصل؛ إذ لا يتوانى كثيرون عن توجيه النقد والاستهزاء على الشكل والوزن والملامح والملابس وأشياء أخرى كثيرة على الآخرين، مما يسبب الإحباط لهم والميل للوحدة والعزلة والأذى النفسي الذي لا ينسى مع الأيام.

وفي ذلك يذهب الاختصاصي الأسري أحمد عبدالله، أن التنمر على مواقع التواصل الاجتماعي، هو جزء من حالة التنمر عموما التي بدأت بالظهور بشكل أوضح من السابق، حيث ساهم في نشوء هذه الظاهرة المفهوم المغلوط للحرية، فالمتنمر يعتقد أن له الحرية بالتعبير عن رأيه في كل شيء حوله، ولا يرى بأن تصرفه “تنمرا”. ويضيف، في حين أن هذا التنمر قد يسهم في إظهار مؤشرات قلة تقدير الذات عند المتنمر عليه، وهذا يقود للعديد من الظواهر السلوكية السلبية، مبينا أن التنمر بهذا الشكل أيضا هو واحد من مظاهر اعتبار أن التواصل الإلكتروني لا يتطلب آدابا وقوانين ناظمة لهذا التواصل، رغم أن التواصل يتطلب الكثير من الآداب والقوانين التي تحفظ للجميع حقوقهم، وتحافظ على شخصياتهم.

ويلفت عبدالله لضرورة أن يفرق مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي بين الحق في التعبير، وبين الإساءة للآخر والاستهزاء المؤذي، وكذلك بين توضيح الرأي واحترام الآخر بذات الوقت، والتعبير عن أي أمر مزعج.

في حين يرى الاختصاصي النفسي والتربوي الدكتور موسى مطارنة أن التنمر الالكتروني أصبح أحد أنواع التنمر المتعارف عليه، ويتم التعامل معها من قبل الكثير من الناس وأصبحت موجودة، لكن التنمر على الشكل هي قضية أخرى.

ويضيف، فمن المعروف أن مواقع التواصل أصبحت متاحة لكل شخص، وهناك اختلاف في الثقافة والوعي، وغياب للتجانس الاجتماعي والثقافي والبيئي، والوعي الكافي في التعامل معه.

ويعلل، لذلك لا بد من أن يكون هناك وعي في التعامل مع هذه التعليقات حتى لو تطلب الأمر حذفها، وعدم التأثر بها، وكأنها لم تكن موجودة أصلا.

ويعتبر مطارنة، أن سلوك الأفراد في عدم احترام الشخصيات الأخرى واغتيالها والاعتداء عليها، بأشكال مختلفة، يأتي عبر الاعتداء اللفظي أو التنمر سواء على الشكل أو غيره وذلك “مؤشر سلبي” لاستخدام التكنولوجيا، لذلك لا بد من أن يكون هناك وعي لدى أفراد المجتمع من هذه السلوكيات التي تعتبر غير مقبولة على الإطلاق.

ويدعو مطارنة مستخدمي مواقع التواصل الإجتماعي تفعيل التقنيات المتوفرة، بحيث لا تكون الحسابات متاحة لأي شخص، وعليه تصبح التعليقات عامة، ويكون هناك نوع من الخصوصية، وحذف أي تعليقات غير لائقة، وأن لا يكون ضمن قائمة الأصدقاء شخص غريب، مبينا أن هناك اجراءات كثيرة للتعامل مع هذه السلوكيات وردعها.