موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٣ أغسطس / آب ٢٠١٦
هدوء الكنيسة الكاثوليكية وشجاعتها بعد مقتل الكاهن الفرنسي

حسان التليلي – إذاعة مونت كارلو الدولية :

مما يشد الانتباه في الطريقة التي تعاملت من خلالها الكنيسة في فرنسا وأتباع الديانة المسيحية في هذا البلد والبابا فرنسيس مع عملية مقتل الكاهن الفرنسي جاك هاميل، يوم 26 تموز الماضي، أنها تقوم على الرصانة والتفكير والشجاعة والجرأة أيضًا.

وقد لخص كثير من مسلمي فرنسا، من الذين ثمنوا هذا الموقف ارتياحهم له من خلال تكرار سؤال تردد على ألسنة الكثيرين. ويمكن أن يطرح على الشكل التالي: ما الذي كان بالإمكان أن يحدث في فرنسا لو دخل أشخاص إلى مسجد باريس الكبير وذبحوا عميده أو إمام صلاة الجمعة فيه؟

فقد قال أسقف باريس الكاردينال "أندريه فان تروا" بعد خروجه من قصر الإليزيه غداة الاعتداء على الكاهن الفرنسي وقتله في عملية تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية": "إن لحظة الحقيقة التي نعيشها اليوم هي محاولة معرفة الإله الذي نعبد".

وأضاف متسائلاً عما إذا كان الفرنسيون والمقيمون في فرنسا وفي العالم يؤمنون بإله يرمز إلى الموت أم إله يجسد الحياة في إشارة إلى منطقين اثنين: منطق تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يطالب باسم الدين بقتل الأبرياء بوحشية طمعًا في الجنة، ومنطق الديانات الأصلي ومنها الديانات السماوية الثلاث. وهو منطق يدعو الناس إلى التضامن والتآزر وفعل الخير للحفاظ على الإنسان.

أساقفة فرنسا الآخرون دعوا كلهم أتباع الكنسية الكاثوليكية للترحيب كثيرًا بالمسلمين الذين شاركوا في قداديس مشتركة ترحمًا على الكاهن جاك هاميل. وكل المسلمين الذين شاركوا في هذه القداديس يثنون على رباطة جأش مضيفيهم وهدوئهم برغم ما ألم بهم.

والحقيقة أن البابا فرنسيس، رئيس الكنسية الكاثوليكية، ظهر أكثر من مرة في تعليقه على مقتل الكاهن الفرنسي بشكل مباشر أو غير مباشر بمظهر الحريص على تجسيد منطق الحياة: كما كان حريصًا جدًا على استخدام لغة التهدئة والابتعاد عن العبارات التي يمكن أن توظف بشكل أو بآخر لتغذية منطق تصادم الأديان والذي يتغذى منه تنظيم "الدولة الإسلامية". فقد قال أمام أكثر من مليوني شاب وشابة من الذين شاركوا في فعاليات "أيام الشبيبة العالمية" التي أقيمت دورتها الأخيرة في بولندا إنهم مدعوون للابتعاد عن "الحزن" لأنه يشكل حسب البابا "فيروسًا يؤثر في كل شيء ويعرقله ويمنع استئناف الحياة".

وفي الطائرة التي أقلت البابا فرنسيس إلى هذه التظاهرة التي تجمع أتباع الكنيسة الكاثوليكية من شباب العالم وأعادته منها إلى روما، بدا رئيس الكنيسة الكاثوليكية مدافعًا عن الإسلام وتعالميه أكثر بكثير مما كان منتظرا منه، ومتجاوزًا في تحاليله العبارة التي يتوقف عنها كثير من المسؤولين عن المؤسسات الدينية الإسلامية ولكنهم لا يتجاوزونها في التحليل وفي الجرأة، والتي يقولون بموجبها إن الإسلام براء مما يأتيه تنظيم "الدولة الإسلامية".