يسوع أجمل بشرى حملتها السماء للأرض، وللبشرية فهو مصدرُ الفرحٍ لكلِ إنسانٍ يُؤمنُ بأنَّ يسوعَ المسيح هُوَ المُخلصْ، هُو الرجاءُ وهو العزاء. فاللهُ الذي خَلقَ الإنسانْ أعطاهُ قيمةً مُضافةً بأن دَعَاهُ للإيمانِ بهِ وإلى العيشِ مَعهُ على الأرضِ وفي السماء. فأرسلَ ابنهُ الوحيد مُتخذاً الطبيعةَ البشرية لكي يُخلصهُ منَ الخطيئةِ والأنانيةِ والضعفِ والضياعِ ويحررهُ من قيودِ العالم المَادي. الإنسانُ مدعوٌ للترقي في هذه الحياة والتوق للعيشِ مع الله لكي يستجيبَ الدعوةَ الإلهية إلى القداسة.

ما سرُ هذا الإنتظارِ المُفرح، نَستعدُ لهُ، نَتشوقُ لإنتِصَافِ لَيلهِ، نَحنُ الذينَ نَعرفُ جَيداً قِصَةَ ذاكَ الطفلَ في بيتَ لحم، إنَّ مِيلادكَ عمانوئيل يَختَصِرُ كُلَّ انتظاراتِنَا تلكَ التي نَبحَثُ عنها دَوماً نَجِدُها الليلة تَتَجلى كُلها في مذوذِ، بَسمَتُكَ طِفْلَ الخلاص لا زَالتْ بَعدَ ألفيّ عامٍ مُبهرةً، آسرةً، آخَاذَة، نَفَسُكَ الأول، ضِحكَتُكَ الأولى، تَكتُبُ العَهدَ الجَديد، مَا قَبلُها انتِظَارٌ وَشوق، وما بَعدُها خَلاصٌ فَقِيامَة.

فالملائكةُ تُنشَّدُ مُهللةً ومُرتلةً لكي تُجَسِدَ الوُجود الكَوني بِتَسبحةٍ دَائِمة "المجدُللهِ في العُلى وَعلى الأرضِ السَّلام وفي الناسِ المَسَرة" هذه هي الصَّلاةُ المُرتَلة ونشيد المجد الذي يُخاطِبُ العَقلَ وَالوجْدَان، القلبَ والضَمير، بالكلمةِ والنغمْ، ما طابَّ وَحلى، وما جَادَ وما أُجذِلَ معَ المَلائِكَةِ وَالبَشر إحتفاءً بِأحداثِ ميلادِ الربِ يسوع بالجسد منَ البِشَارَةِ إلى الميلاد، ومنَ الزيارةِ إلى العُماد.

يا حُلوَّ المَغَارَة امنَحنْا أن نَشهَدَ لِتلكَ العَينَين التي رَأتْ فِينَا صُورَةً لها، يا أيُها اللابسَ جِسمَنَا اعطِنَا أن نُقَدِسَ هَيكَلَكَ بِفَرَحِ الشَهَادَةِ بِبُشراكَ، وفي ليلِ إشراقك في المَدينةِ المُباركَة، إجعَلها بُيوتَنا مَسكِنَاً لَكَ، زُرهَا الليلة وبَارِكهَا، وشرقَ مِيلادِكَ وَالقِيامَة. حقاً ولدتَ وحقاً قُمتَ ولا حقَ إلاكَ ونَحنُ شُهودُ على مُعجزةِ حُبِكَ، نَحنُ نَحيا بِهَا وَمَعَهَا وَهِيَ التي تَنتَشِلُ رُوحَنَا والقلبُ يُنيرُ كُلَّ طَريقْ، تَنقلُ الجِبَالَ، تُزِيحُها، تَنصُرُنَا على الشُرورِ وَتَرسُمُ صَلِيبَكَ خَشَبَةَ نُورٍ وَحَياة فَينتَهي خَوفُنَا وَيملؤنا رَجَاؤكَ حتى انقِضَاء الدَّهر.

فَليُرَنمُ الأردنُ لِمِيلادِكَ وليُخبِر العَالم أنكَ أنتَ الفَرَحُ وَالخَلاصْ، ولترتَفِعَ أصواتُنا ولتُسَبح مَعَ المَلائِكَةِ لِمولدكَ في بيتَ لحم. ففي هذا العيد كلُ الأشياءِ سَتُنشِدُكَ بِنَبضِ القلبِ وَأوتارِهِ فَقَد اخترناكَ يا يسوع نَشِيدُنا الأجمَل حاملينَّ أنغامَ الشعوبِ كُلِها وبِلُغَةِ الحُبِ نُغَنيكَ وبِلهفةِ القلب نُرَنِمُ لكَ ولأمِكَ البَتول وليوسُفَ القِديس وللمجوسِ الحاملينَّ الهدايا، نرنو سلاماً للنُفوسِ وَللأوطانِ بِكُلِ مَا يختَصِرُ حُضُورَكَ مِنَ معنى متجسد للحُبِ وَالاشعاعِ والقداسةَ.

أهلاً بِكَ يَسوعُ في أرضِنا فَمُذ بَزَغَ نُورُكَ وَنحَنُ نَنشُدُ السَّلامَ نتطلع إليكَ اليوم يا طِفلَ المَغَارَةِ العَجيب، نَتَضَرعُ إليكَ بحرارةِ قُلوبِنا مُبتَهلينَ وَمُصَلينَ، من أجلِ أن يَعُمَ السلامُ في الأرضِ كُلها، بِتَرَاُفِكَ على شَرقِنا المُتألم بالطُمأنينةِ والأمان، وأن يَكونَ هذا الميلاد مَحبةً في قُلوبِنَا نَنظُرُ بِهِ إلى أخينا الإنسان الجائِع فنطعِمَهُ، والعُريانَّ فَنَكسيَّهُ، والعَطشَانَ فَنَسقيَه، وَالمَريضَ فَنَشفِيه، وَالغَريبَ فَنَآويَّهُ، والسَّجِينَ لِنَزُورَهُ، وللحزينِ فَنُواسِّيهُ، وللفقيرِ سَنَداً فيكونَ الميلادُ سعيداً فِينَا وَمَجِيداً بِأعمَالِنَا.

Haddad_hossam@hotmail.com