موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
حوار أديان
نشر السبت، ١٥ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٨
نحو إلغاء عقوبة الإعدام

الأب د. نجيب بعقليني، رئيس جمعيّة عدل ورحمة :

يلتقي وفد لبنان في السادس عشر من الشهر الجاري في مقرّ هيئة الأمم المتّحدة للتصويت على وقف "تنفيذ عقوبة الإعدام". عادةً يمتنع لبنان عن التصويت، فهل يأخذ القرار بالتصويت الإيجابيّ ليصبح وقف التنفيذ رسميًّا؟ أم سنبقى رهن القانون اللبنانيّ الذي يطبّق عقوبة الإعدام؟ نحاول من خلال هذه الأسطر الإضاءة على أهميّة وضرورة السير جدّيًا "نحو إلغاء عقوبة الإعدام"، لِمَ لها من إنعكاسات إيجابيّة على الصعيد الوطني والدولي. نتوجّه بالنداء إلى المسؤولين أصحاب القرار وأفراد المجتمع، للعمل معًا من أجل احترام مواثيق الأمم المتّحدة لا سيّما الإعلان الدولي لحقوق الإنسان.

نحن وإيّاكم لا نطالب فقط بإلغاء عقوبة الإعدام، بل نطالب باحترام الحياة، التي وهبها الخالق للإنسان. قسم كبير من المجتمع اللبنانيّ على اتّفاق تامّ، بضرورة إلغاء تلك الجريمة البشعة، التي تنفَّذ باسم الإنسانيّة والقانون والعدالة.

لا داعي للتذكير بأنّ "جريمتان لا تصنعان عدالة"، كما يُعتبر "الحقّ في الحياة" من أهمّ وأقدس حقوق الإنسان. نعم، نحن وإيّاكم متّفقون على أنّ عقوبة الإعدام هي "قصاص جائر، وغير إنسانيّ وغير مُجديّ". فهي "منتهى العقوبة القاسية واللاإنسانيّة والمهينة". ما هو الهدف من تلك العقوبة؟ الانتقام والردع وتحقيق العدالة الجنائيّة؟! أليسَ الإعدام جريمة قتل قانونيّة؟! لا يمكننا أن نتغاضى عن تفشّي حالات القتل والعنف والحقد والكراهية والتعذيب في عالمنا اليوم.

لن نفصّل الأسباب، لكن علينا أن نعطي أجوبة مُقنعة وواقعيّة لخلق ذهنيّة وتربية، تكافح معنا مناهضة عقوبة الإعدام. نعم، علينا تقديم البدائل، لننهي محاكمة الجسد أوّلاً وأخيرًا، للحدّ من الاستقواء على الجسد الفرديّ الأضعف، والتصدّي لنظام "العائلة العشائريّ" وذهنيّة الثأر. هل عقوبة الإعدام حاجة نفسيّة ووجوديّة؟ هل وُجدت لحمايتنا من الشرّ وردع المجرمين؟ هل القصاص والعقوبة فقط هما الحلّ؟ أم أنّ التربية على الأخلاق والقيم هي الأنجع؟ هل العمل الإستباقي والوقائي يحدّ من انتشار الجريمة وكبح سلبيّة نتائجها؟ هل نحصر تنفيذ عقوبة الإعدام في أشدّ الجرائم؟ ألسنا مع وقف العمل بتنفيذ العقوبة وحتى إلغائها نهائيًّا من التشريعات القانونيّة؟ لنسهم في تغيير أراء الرأي العام.

لنعمل على التربية وحبّ الحياة، ونعلّم المسامحة والغفران، واحترام الآخر وحقوقه، وتطبيق القوانين والشرائع. لنكافح الجريمة وأسبابها. لنعمل على تطبيق العقوبات بعيدًا عن الاستنسابيّة.

لنعطي فرصة العيش للمحكومين بالإعدام، دون الخوف من سلبها، وإعطائهم مساحة وساحة للتصالح مع ضحاياهم ومع مجتمعهم، والدخول في منظومة إعادة التأهيل، والتعويض بطرق مختلفة. لنعمل عى إيجاد بدائل فعّالة وعادلة لعقوبة الإعدام.

لنلبّي الدعوة من جديد وبإلحاح إلى ضرورة التنسيق وتوحيد الجهود من تحالفات ومنظّمات من أجل نشر التوعية على حبّ الحياة ومعاقبة المذنبين بأشدّ العقوبات الصارمة المؤبّدة. كما العمل على تغيير التشريعات والقوانين التي تؤيّد الإعدام وتطبّقه.

نعم لنربّي للحياة، لا لأحكام الإعدام،
لنربّي على المحبّة والتسامح، ورفض كلّ أشكال التعذيب والعنف، والقتل والحقد.
نعم للمسامحة، لا للإنتقام،
نعم للمحبّة، لا للكراهية،
نعم للعدالة، لا للثأر،
نعم لمنع كلّ عمل شاذ ومؤذي خارج القيم الإنسانيّة والقانون والقضاء.
نعم للتنمية المستدامة، لا للأوضاع الاجتماعيّة والاقتصادية المزرية.
نعم، لعدالة مبنيّة على الرحمة، على رحمةٍ لا تلغي عدالة الأرض. نعم، فلنحقّق معًا العدل والرحمة.