موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
ثقافة
نشر الإثنين، ٦ فبراير / شباط ٢٠١٧
مواقع التواصل بين الضرر والفائدة

جواهر رفايعة :

بين فترة وأخرى تخرج إلينا تقارير ودراسات توضح الآثار النفسية لاستخدام مجتمعات التواصل الاجتماعي على الانترنت، وتتضارب نتائج الأبحاث المقدمة والتي غالبا تعتمد على عينة من المشتركين تجري عليهم اختبارات معينة ضمن تواصلهم على الانترنت.

ففي الوقت الذي تؤكد فيه دراسات بأن مواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في التأثير على عدد كبير من شباب الجيل الحالي، خاصة في ظل تعرضهم لمشاكل نفسية وإقدامهم على الانتحار، يأتي بحث آخر ويدحض الدراسة مشددا على أن تأثير المواقع الاجتماعية قد لا يكون كبيرا جدا على صحة الأشخاص العقلية، بالمقارنة مع المعتقدات السابقة.

ففي أحدث الدراسات نفت الدكتورة، برايديان أوديا، الباحثة في مجال الصحة العقلية في معهد "بلاك دوغ" الاسترالي، وجود تفسير علمي دقيق أو ارتباط مباشر بين استخدام مواقع التواصل الاجتماعي والميول الانتحارية والصحة النفسية عند الشباب.

ولا تعتقد اوديا أن الرأي الشائع الذي يشير إلى ضرورة أخذ استراحة من مواقع التواصل الاجتماعي لتحسين الحالة النفسية، صحيح 100% على الإطلاق. وأضافت "يوجد إجماع قائم بين الباحثين والمرضى على أن زيادة التفاعل على مواقع الإنترنت يمكن أن تساعد في رفع مزاج الأشخاص ممن يعانون من مشاكل نفسية".

وأكدت أيضًا وجود فوائد لما ينشره الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المنشورات والمشاركات والصور، وذلك من ناحية التعامل مع القضايا النفسية المحتملة. وأضافت الدكتورة في دراستها أن مواقع التواصل الاجتماعي قد تكون مرهقة في بعض الأحيان، ولكنها تقدم الكثير من الدعم النفسي والحيوي لأي شخص يعاني من قضايا صحية نفسية.

وكانت دراسات سابقة قد أشارت إلى أن"استخدام الفرد لأكثر من 7 منصات للتواصل الاجتماعي يضاعف ثلاث مرات من احتمال الإصابة بالاكتئاب والقلق، مقارنةً بمن يستخدم منصتين أو أقل".

وحسب مسح وطني أجراه فريق بحثي بقسم بحوث الإعلام والتكنولوجيا والصحة في جامعة بيتسبرغ بالولايات المتحدة الأميركية، فإن الإفراط في استخدام هذه المنصات يؤدي إلى تشتيت المخ بين مهام متعددة، وهو ما ينعكس سلبًا على الصحة العقلية والقدرة على الإدراك والانتباه، وقد يتطور الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب وسوء الحالة المزاجية.

وحذرت الدراسة أنه حتى لو انخفضت مدة المكوث على المنصة، يظل الرابط السلبي بينها وبين الاكتئاب وثيقا، وأشارت إلى أنه "يتوجب على الأطباء النفسيين أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار في أثناء فحص مرضى الاكتئاب".

وفي دراسة أخرى نشرت في دورية "أجهزة الكمبيوتر والسلوك البشري" في نيسان 2016، جرى إخضاع عينة من 1787 شابا ينتمون للفئة العمرية 19 إلى 32 عاما لاستبيان بهدف معرفة أي المنصات هي الأكثر استخدامًا، ما بين: فيسبوك، تويتر، غوغل، يوتيوب، لينكد إن، إنستغرام، بيانترست، تمبلر، فاين، سناب شات، ريديت.

وذكر الباحث الرئيسي في الدراسة برايان بريماك: "ملايين السنين احتاجها البشر ليطوروا آليات التكيف مع البيئة الاجتماعية، مثل اللعب واللمس الحسي والتواصل الشخصي، وصحيح أن التواصل الافتراضي شيء مهم، إلا أنه لا بد وأن يظل مكملًا للعلاقات الحقيقية وليس بديلًا عنها".

ولفتت الدراسة إلى أن متابعة منصات متعددة تخلق تصورا غير واقعي عند المستخدم إذ توحي بأن الآخرين ينعمون بأوضاع معيشية أفضل وأسعد، وهو ما يسبب شعورا بالانعزال.

وعلى الرغم من النتائج المختلفة والمتضاربة لكثير من الدراسات التي تناولت تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على المستخدمين، وسواء كانت إيجابية وتحسن الصحة النفسية أو سلبية وتؤدي إلى اضطرابات سلوكية ونفسية إلى أن الكثير من الاخصائيين الاجتماعيين يؤكدون على ضرورة التواصل الإنساني الحقيقي وليس الافتراضي بعيدا عن الشاشات والأضواء والمشاعر الرقمية.

ويفيد المختصون أيضا بضرورة الاعتدال في ارتياد هذه المواقع وعدم الإفراط في الوقت وإهداره في التنقل بين المجتمعات الكثيرة على الانترنت، وعدم تبني الآراء والنتائج الكثيرة التي تطرحها الدراسات يوميا والانخراط في علاقات صداقة واقعية لا تنبني على الوهم والمعلومات المزيفة والمبالغ فيها.

(نقلا عن ميدل ايست أونلاين)