موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الأربعاء، ٢٤ يونيو / حزيران ٢٠١٥
من يدعم الارهاب سيكتوي بناره

د. ندى الحايك خزمو :

ويستمر مسلسل الارهاب في المنطقة والذي يحصد أرواح أشخاص أبرياء بالجملة، وكان آخره استهداف قرية "قلب لوزة" في محافظة ادلب في سورية مما ادى الى مقتل 20 درزياً على الأقل، فيما تم الحديث أيضاً عن 30 شخصاً برصاص جبهة النصرة، وكما ذكرت وكالة سانا بأن المتورطين هم من فرع تنظيم القاعدة في سورية وحركة أحرار الشام الاسلامية المتطرفة.

قامت ضجة في اسرائيل ودول العالم حول وضع الدروز في سورية ولبنان، وسارعت اسرائيل وعلى لسان نتنياهو باعطاء تعليمات "للقيام بما هو ضروري" لمساعدة الدروز في سورية! وكأن اسرائيل تأبه لوضع الدروز وتهتم لصالحهم ، وكأن الدروز سيرضون بأن تتدخل اسرائيل لصالحهم فالدروز في سورية عددهم ليس بقليل، فعددهم يزيد عن نصف مليون نسمة، وهم قادرون مع جيش بلادهم أن يدافعوا عن كرامتهم وعن دينهم ومعتقدهم وأرضهم.

ان هذه الحادثة الأليمة هزت كيان الجميع، ونحن ندينها بكل شدة، وبخاصة وأنها تعرضت للأخوة الدروز الذين نكن لهم كل المحبة والاحترام، ولكن لماذا لم يهب العالم لادانة وللدفاع عن المسيحيين والأزيديين الذين يتعرضون لابادة جماعية بدم بارد عدا عن حالات الخطف والاغتصاب وبيع السبايا من الايزيديات، وعرضهن عاريات على الباعة من الارهابيين أنفسهم من غير خجل او اعتبار لكرامتهن التي تُمتهن كل يوم من قبل هؤلاء الارهابيين الذين فقدوا الضمير، بل الدين، والأخلاق و...

ان الانسان هو انسان في كل مكان، ويجب ان يتم الدفاع عنه وحمايته من مثل هذه المجموعات التكفيرية التي تعيث فساداً في الشرق الأوسط باسم الدين، والدين منهم ومن أشكالهم براء.. فهل المسيحيون والايزيديون ليسوا ببني البشر فلا نسمع سوى ادانات خجولة لما يتعرضون له، والجميع يقف موقف المتفرج مما يحدث لهم، وما من مجيب لصرخاتهم المؤلمة التي هزت الجبال، ولكنها للأسف لم تهز مشاعر العديدين وبخاصة عدد كبير من قادتنا العرب، بل وبلغ الاستهتار بحياة الناس والأبرياء بأن ارسلت القوات ووجه السلاح العربي والاسلامي الى المسلمين وأبناء العروبة من غير خجل او حياء.. فلماذا لم يوجه هذا السلاح للارهابيين لايقافهم عند حدهم وايقاف جرائمهم المروعة. فأين الأمة العربية، ولماذا لا تتحرك ضد الارهاب الذي طال معظم دولنا العربية ان كان ذلك في سورية أو لبنان أو ليبيا او مصر او العراق والحبل على الجرار.. فلم تعد هناك من دولة عربية آمنة حيث أصبحنا كمن يعيش في الغابة القوي يأكل الضعيف ولا مصير للضعيف سوى القتل والفناء.

نحن نرحب بمن يتمسكون بالدين، ولكن ليس ذلك الدين الذي يصدر فتاوى بقتل الأبرياء بحجة أو بأخرى، وكأن الاسلام يدعو الى القتل والتدمير بينما هو دين ينبذ القتل وبخاصة قتل المسلمين. فالمفروض الحفاظ على الدين الصحيح وليس تحريفه والاساءة له، فما يقوم به هؤلاء الارهابيون باسم الدين يسيء للدين الاسلامي.

فمن المستفيد من هذا الارهاب سوى تجار السلاح والذين يبيعون سلاحهم على حساب الانسان وحياته.. كل همهم المرابح المادية، ولا يهمهم من سيكون ضحية هذا السلاح، وبخاصة عندما يقع في يد الارهابيين القتلة.. فيعملون على خلق المشاكل هنا وهناك ليزيدوا من مبيعاتهم، وبالتالي مرابحهم، فدول كثيرة يلعب تجار الأسلحة بصانعي القرار فيها من أجل تصريف أسلحتهم الفتاكة بكل أشكالها وأنواعها.

والتكنولوجيا تم اختراعها من اجل مصلحة الانسان وليس من اجل نشر ثقافة الارهاب، حيث أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لتجنيد الارهابيين من كل دول العالم لينضموا الى ارهابيي الشرق الاوسط الذين يعيثون فساداً ودماراً به.

الارهاب ليس في الشرق الأوسط فقط، وان كانت هذه المنطقة هي الأكثر معاناة منه، فالارهاب وصل الى دول اوروبية وحتى أمريكا ان كان ذلك بقتل او حرق كنائس، ان كان ذلك في لندن وباريس ومدريد و.. وحتى هنا فالارهاب طال العديد من المنشآت وبخاصة الكنائس وكان آخرها حرق كنيسة الطابغة على ضفاف بحيرة طبريا، تلك الكنيسة الأثرية العريقة والتي تحظى بمكانة عالية في نفوس المسيحيين ،وتحمل معان روحية، فبها تمت معجزة "تكثير الخبز والسمك" وهذه هي المرة الثانية التي تتعرض فيها هذه الكنيسة للاعتداء، هذا عدا عن الكنائس والمساجد التي تعرضت للاعتداءات خلال السنوات الماضية.

وأخيراً فان ثقافة الارهاب أصبحت هي السائدة في عصرنا هذا، ولذلك فيجب محاربتها بكل الوسائل والأساليب، بل يجب ان يكون هناك صوت موحد قوي للدفاع عن الانسانية من هجمات الارهابيين واعتداءاتهم، ليكون مرتكبو الجرائم الوحشية عبرة لمن لم يعتبر. ويجب ان نشير الى أن من يدعم الارهاب ويشجعه ويسلحه من دول تدعي انها تحاربه، فان تلك الدول مصيرها أن تكتوي بنار الارهاب، وصدق المثل القائل "من حفر حفرة لأخيه وقع فيها".