موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأربعاء، ١١ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٩
من المنبر إلى الصفّ الأول

د.حسان ابوعرقوب :

كتب أحد الإخوة مقالا جميلا بعنوان (المنبر) وخلاصته أنه بعد أربعين سنة من الصلاة في المساجد قدّمه أحد الشباب إلى الصّفّ الأول، ويختم الكاتب المبدع بقوله: (مشكلة الأردنّ يا صديقي ليست في الذين يأتون مباشرة إلى الصف الأول، ولكن في الذين يصعدون المنبر ودون تدرج أو مرور بالصفوف، ويلقون عليك خطاب الوطنية، والمواعظ الإيمانية، وتجبر أن تسمعهم).

وهذا أوحى لي بفكرة مفادها أننا كمسلمين نحرص على الصّلاة في الصّفّ الأوّل ونتسابق على ذلك، لما له من الفضل، فقد جاء في الحديث الصحيح: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا» أي لعملوا قرعة للصلاة فيه لما له من الفضل، ويُستفاد من الحديث أيضا جواز القرعة في الحقوق التي يزدحم عليها الناس ويتنازعون فيها.

والسؤال هنا، لماذا لا يحرص المسلمون على الصفّ الأول إلا في صلاتهم في المسجد؟ ألا يوحي لهم فضل الصلاة في الصفّ الأول في المسجد إلى أهمية التبكير والمبادرة والإسراع في كلّ شؤون الحياة.

أفهم من أهميّة الصلاة في الصّف الأوّل أنّنا ينبغي أن نكون كأفراد دائما في الصفّ الأول، من خلال تفوّقنا في التحصيل العلمي، والإبداع في عملنا، ورعايتنا لأسرنا. كما ينبغي أن نكون في الصّفّ الأوّل كمجتمع يحرص على احترام القانون والنظام، يحترم أفراده بعضهم بعضا، ويحافظون على ممتلكاتهم العامة والخاصة، ويَحرصون على نظافة حيّهم وشارعهم، ووطنهم، ويشعرون بالمسؤولية المجتمعيّة عن هذا الوطن ومقدّراته وأَمْنِهِ وأَمانِه. كما ينبغي أن نكون في الصّفّ الأول كأمّة متحضِّرة تقدِّم معاني الحقّ والعدالة للشريّة كلها، وتضرب أروع مثال في احترام حقوق الإنسان وكرامته.

فضل الصلاة في الصّفّ الأوّل يحمل في طيّاته معان حضارية سامية، ترتقي بالفرد والمجتمع والأمة، فلا ينبغي الاقتصار في فهم هذا الحديث وذلك الفضل على الصلاة في المسجد فقط، فالإنسان مادام ينوي خدمة الأمة فهو في عبادة وطاعة، فعليه أن يحرص فيها على الصفّ الأول أيضا.

(الدستور الأردنية)