موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الخميس، ٣ يناير / كانون الثاني ٢٠١٩
من أسرار النجاح

د. صلاح جرّار :

ثمّة سرّ من أسرار النجاح في أعمالنا ودراستنا وبحوثنا وحياتنا بصفة عامّة لم نلتفت إليه كثيراً، وكان إغفالنا له وتغاضينا عنه سبباً من أسباب عدم تقدّمنا في مشاريعنا وخططنا وأعمالنا، وهذا السرّ هو حُبُّنا لما نقوم به من عمل ونسعى إليه من نتائج. ولعلّ غياب هذا العامل المهمّ هو السرّ في شكوى العمّال والموظفين والتجار والطلبة والمعلّمين وأصحاب المصالح كافّة من سوء أوضاعهم الوظيفية. فكيف يمكن لأيّ إنسان أن ينجح في عمله ما لم يكن يحبّه؟! لأنّه إذا أحبّه أخلص له وأتقنه وأبدع فيه، وإذا لم يحبّه ظلّ منقبضاً عنه كارهاً له غير مخلصٍ لما يقوم به وغير حريص على تطويره وتحسينه.

فإذا كان الدافع للعمل هو تحقيق الربح أو كسب الرزق في آخر كلّ شهر، فإنّ ذلك يحول دون الإخلاص في العمل في كثير من الأحيان ويصبح همّ الموظف أو صاحب المصلحة أن يحقق ما يتطلّع إليه من الكسب المالي. ولعلّ ذلك ممّا يؤدي إلى الغش في المنتج والبضاعة والتقصير في العمل وتراجع الإنتاج.

وأشير في هذا السياق إلى البحوث العلمية الكثيرة التي يعدّها أساتذة الجامعات والطلبة وينشرونها في مجلات علميّة عربيّة وعالمية، وأشير إلى مئات بل آلاف رسائل الماجستير والدكتوراه ومشاريع التخرج التي يعدّها الطلبة في جامعاتنا. فإذا كان الهدف من إجراء البحوث هو تحقيق متطلبات الترقية من رتبة إلى رتبة أو الحصول على شهادة أو وظيفة أو ما يشبه ذلك، فإنّ هذه البحوث تكون عبئاً على كاهل الأساتذة والطلبة الذين يعدّونها وتنجز من غير رغبة ولا حماسة ولا حريّة، وتكون فائدتها ضئيلة وجدواها محدودة.

أمّا إذا أعدّ الأستاذ الجامعي وطالب الماجستير أو الدكتوراه بحثه وهو يحبُّ ذلك البحث لأنّه يرى فيه تفرّداً وتميّزاً فإنه ينهض به بكلّ حماسة وإخلاص ويحرص على أن يخرجه على أفضل صورة ممكنة مثلما يحرص على أن ينشره في أفضل المجلات وأوسعها انتشاراً، ويسعى إلى الحديث عنه في المجالس وبين المتخصّصين، مثلما يسعى إلى أن تستفيد منه المؤسسات الوطنية في مشاريعها وخططها. كما أنّ حبّ أيّ عمل هو سر النجاح والتقدّم فيه وسرّ تحقيق الفائدة والجدوى منه.

وفي رأيي أنّ التراكم الكميّ للأبحاث التي تصدر عن جامعاتنا دون أن يكون لها دورٌ أو أثر ملموس في تجاوز الأزمات التي يعاني منها المجتمع، هو دليلٌ على غياب عامل الرغبة والحماسة وأنّ حبّ البحث قلّما يكون حاضراً عند إجراء تلك الأبحاث، فحبّ البحث هو سرّ الإبداع فيه. كما أنّ حبّ أيّ عمل هو سر النجاح والتقدّم فيه وسرّ تحقيق الفائدة والجدوى منه.

(الرأي الأردنية)